الاخلاص اعلى درجات التقوى
فأولياء الله المتقون المحسنون ، هم الذين آمنوا بالله - عز وجل
- وبإلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته ،
وأفردوه بالعبادة محبة وتذللا وانقيادا وخوفا ورجاء ورغبة ورهبة وخشية وخشوعا ومهابة وتعظيما
وتوكلا عليه وافتقارا إليه واستغناء به عما سواه ، واتقوه بامتثال أوامره ومحبة مرضاته ،
وترك مناهيه وموجبات سخطه سرا وعلنا ، وظاهرا وباطنا قولا وعملا واعتقادا ،
واستشعرت قلوبهم ونفوسهم إحاطة الله - عز وجل - بهم علما وقدرة ، ولطفا وخبرة بأقوالهم ونياتهم ،
وأسرارهم وعلانياتهم ، وحركاتهم وسكناتهم ، وجميع أحوالهم كيف وأين ، ومتى عملوا ،
فكان عملهم خالصا لله ، موافقا لشرعه مناطا بما جاءت به رسله ونطقت به كتبه ،
مستحضرين ذلك بقلوبهم ، نافذة فيه بصائرهم ، فأخلصوا لله العمل وراقبوه
مراقبة من ينظر إلى ربه لكمال علمهم بأن الله ينظر إليهم ويرى حالهم ويسمع مقالهم ،
فطرحوا النفوس بين يديه وأقبلوا بكليتهم عليه ، والتجئوا منه إليه وعاذوا به منه ،
وأحبوه من كل قلوبهم ، فامتلأت بنور معرفته ، فلم تتسع لغيره ، فبه يبصرون وبه يسمعون ،
وبه يبطشون وبه يمشون ، وبرؤيتهم يذكر الله تعالى وبذكره يذكرون
} إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ
"منقول"