____________________
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,
أرجو أن تأخذني بحلمك وتحتويني بخبرتك وتسمع لي , فما أنا إلا مواطن تألم لقرار لم يكن حتى أتخيل أنه سيصدر ومن أعلى جهة مسؤلة بمنطقة مكة المكرمة , ألا وهو قرار وقف معلمي حلقات تحفيظ القرآن بحجة السعودة , وبالتالي وقف الحلقات التحفيظية نفسها .
سمو الأمير , قراركم هذا الذي تصرون عليه , أحدث ضجة كبيرة , وكثر حوله القيل والقال , بل وأصبحنا هدف الإنتقاد ليس من محيطنا العربي فقط , وليس من إمتدادنا الإسلامي الكبير فقط , بل ومن جميع أنحاء العالم , لا لإن القرار يمس أعظم كتاب على وجه الأرض , بل لأن ما أتيت به لم يسبقك أحداً من العالمين إليه , فلم نسمع عن كنيس مسيحي أوقفت تدريس الإنجيل , ولم نسمع عن معبد يهودي أقفل أبوابه في وجه متعبدي التوراة , بل حتى أن القس المجنون الذي هدد بحرق القرآن لم تستطع دولته ذاتها وهي أعظم دولة على وجه الأرض أن توقفه أو تقف ضد فكرته , ولم يتراجع إلا بعد أن تفكر ملياً في الغضب الذي كان سينشئ من المسلمين في العالم أجمع غيرةً على قرآنهم وكتابهم المنزل المقدس .
سمو الأمير ,,, لن اناشدكم التراجع عن القرار , لأن مناشدتي ستفسر على أنك قد تكون على بعض الحق , وأنا أرى بأنك جانبت الحق تماماً ,,, ولنا عبرة وعظة في قصة أبرهة ورد شيخ مكة حينها عبد المطلب جد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبرهة حينما سأله إبله فإستصغره أبرهة وقال له كنت أظنك تسألني أن أعود عن البيت , فقال له عبد المطلب إني رب إبلي , وللبيت ربُ يحميه ,,, وصدق عبد المطلب , لأن الله سبحانه وتعالى حمى بيته بل وجعل من أبرهة وقصته آية تتداول إلى أن آخر الزمان .
سمو الأمير ,,, لننظر للموضوع من جانب آخر ,,,
كل يوم نقرأ ونسمع ونرى قصصاً إجرامية تقع فصولها داخل مجتمعنا الذي كنا ( ولازال البعض للأسف ) يسبغ عليه ستائر القداسة والفضيلة و ( الخصوصية ) التي ذُبحنا بها من الوريد للوريد ودفعنا ولازلنا ندفع ثمن هذه الصفات ( الفريدة ) غالياً , ولأن إنكار الخطأ هو إستمرار السير في المنحدر الذي ننقاد إليه مرغمين بسبب قناعاتنا البالية وعدم إعترافنا أن هناك خللاً كبيراً يجرفنا إلى الهاوية .
فهذا سائق يغتال براءة طفلة كفيله , وهذا محاسب يسرق مؤسسته , وهذا رجل بنك يختلس الملايين من حسابات العملاء , وهذا عقاري يأكل الأراضي الفضاء كما تأكل النار الهشيم , وهذا كاتب عدل يرش بالصكوك على زوجاته وبناته , وهذا سائقُ مخمور يتسبب في حادثةٍ مدوية تنقص أفراد المجتمع نحو خمس أو ست أفراد , وهذا وهذا وهذا ,,, وهنا لم أتطرق لمن لم يمتد لهم العقاب ولن يمتد لهم دام أنهم محتمون بالأظهر القوية , ولنا في قصة قطار المشاعر وأرض ثول وغيرها العظة والعبرة والدليل .
ولكن ياسمو الأمير , هل طالعتنا صحفنا المبجلة بخبر عن ( محفظ قرآن ) أو معلم قرآن , سرق ؟ أو زنى ؟ أو شرب خمراً ؟ أو إحتال ؟ أو نصب ؟ أو إختلس ؟
لاتشغل بالك في التفكير , فوالله لن تجد , ولو عدت بالذاكرة قليلاً أو كثيراً للوراء , لن تجد , لسبب بسيط وجوهري , إن هؤلاء الناس ليس لهم في الحياة إلا هذا الكتاب الكريم , وهو بفضل الله وتوفيقه , الحاجز المانع الساتر بينهم وبين هذه الموبقات ,,,
فإذا كانت الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي , فما بالك بأم الصلاة , وهو القرآن الكريم ؟؟؟
سمو الأمير , لنعرج على مدخل آخر ,,,
قبل دخول جدكم المرحوم المغفور له بإذن الله إلى أراضي الحجاز ,,, أسأل سؤالاً , مما كانت تتكون أطياف المجتمع الحجازي القديم ؟؟؟ أليس من هؤلاء القادمون من مشارق الأرض ومغاربها إضافة لبعض البدو القادمين من الهجر ومن بعض الأفخاذ القبلية القريبة من مكة والمدينة وماحولها ؟؟؟
فهل قام جلالته رحمه الله بإتخاذ مثل هذا القرار الأليم في حق حلقات التحفيظ والذكر التي كانت منتشرة في عصره في الحرمين الشريفين ؟؟؟ وهو كان برفقته من العلماء من يشار لهم بالبنان ويؤخذ من كتبهم إلى يومنا هذا !!!
وحسب علمي البسيط المتواضع , كان والدكم المرحوم المغفور له بإذن الله تعالى الملك فيصل أول من شجع وأعتمد تدريس وتحفيظ القرآن الكريم ودعمه , ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناته ,,, وهنا لم نسمع أنه فرق بين سعودي ومقيم لا في حالة التعليم ( المدرسون ) ولا في حالة التعلم ( الطلاب ) ,,,
سمو الأمير ,,,
لا أخفيكم مايعتلج قلوب الناس منكم منذ توليكم وتسنمكم أمارة أقدس البقاع على وجه الأرض قاطبة ,,, مابين متشائم ومتفائل ,,, المتشائم من بعض شطحاتكم المعروفة في منطقة عسير التي توليتم أمارتها لأكثر من ثلاثين عاماً ,,,, والمتفائل من أن الله أمد في عمركم وبالتالي أكسبكم الخبرة والمعرفة والعلم بأصول قيادة مجتمع كمجتمع المنطقة الغربية من مملكتنا الغالية قياساً أيضاً على ماتم أثناء توليكم أمارة منطقة عسير ,,,
الآن , المتشائم , كأنه يقول ( ألم اقل لكم ) ,,, والمتفائل أُصيب بنكسة وخيبة أمل لأن الوضع أصبح أكثر سوءاً عن ذي قبل ,,,
سمو الأمير ,,,
لو أنك أعطيت مهلةً لتصحيح الوضع الذي تعتبره خطاً ,,, كأن تعطي فترة ثلاثة أعوام لتصحيح الوضع كل عام بنسبة معينة حتى تصل في نهاية المطاف لما تريد , لكان هذا الأسلم , ولما فُسر قرارك بأنه ( حرباً ) على كتاب الله ,,,
ولو كان هناك إلى جانب هذا القرار , قراراً آخر لتصحيح الوضع أكثر وأفضل , بأن يتم تجنيس محفظي القرآن بطريقة معينة مثلاً لمن كان مولوداً بالسعودية فهذا يجنس دونما تأخير , ولمن قضى سنوات معينة ينظر في أمره ووضعه وهكذا ,,,
أم أن الشيخ سعد الحريري ومن قبله أباه رفيق الحريري وعائلتهم اللبنانية ( المسعودة ) وهم من هم في تحويل المليارات من العملة الصعبة إلى خارج البلد أولى من هذا الذي يكتفي بأقل أقل القليل ليعيش ويتشرف بأشرف عمل وأجله ؟؟؟
سمو الأمير , العودة للحق فضيلة , وأي فضيلة ,,, تذكر أنك على مقربة كما أنا وكل الناس , من حفرة صغيرة موحشة كالحة السواد تدعى ( القبر ) ,,, وتذكر بأنها أول طريق للجنة أو النار ,,, ولك أن تختار ,,, لك أن تختار .
______
كتبه مواطن يدعى ( زادي ) !!!