مقدمة
ما أن يبلغ الانسان سن الرشد ، حتى يجد نفسه ، في لحظات كثيرة من حياته
مضرا لأن يختار
كان قبل سنه الأخير، يختار له أبواه ، أما الآن فلا .... قد أصبح وحده صاحب القرار وله كامل حق الاختيار .... وهذا الأمر من الفطرة التي فطر الله سبحانه
الانسان عليها .... قال تعالى
فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله
ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون
سورة الروم الآية 30
المنعطفات الكبرى في حياة الانسان
جعل الله سبحانه وتعالى في حياة الانسان محطات (مواقف وأحداث ) منع الانسان فيها حقه في الاختيار وذلك ليبقى هذا الانسان في كل لحظة من لحظات حياته ذاكرا ضعفه وخضوعه لله سبحانه وتعالى
أيضا لحكم وأسباب عديدة قد نجهل الكثير منها
ومهما حاول الانسان وحاول وحاول فلا مناص من الخضوع لأمر الله في النهاية
ولا مفر شئنا أم أبينا من الاستسلام لارادة المولى سبحانه وتعالى
واولى تلك المحطات التي يقف فيها الانسان عاجزا كل العجز هي لحظة الخلق الأولى
الحدث الأول في حياة الانسان
لو فكّر الانسان وتأمل حياته في لحظاتها الاولى
أين كان ؟ ومن أين أتى ؟ ومن الذي جاء به
قال تعالى
أولا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا
سورة مريم الآية 67
وقال تعالى
أولم يرى الانسان أنا خلقناهمن نطفة فاذا هو خصيم مبين
سورة يس الآية 77
اذا الارادة الالهية بدأت سيطرتها علينا منذ لحظة التكوين الأول
ولا أظن أن عاقلا في هذا العالم يستطيع أن ينفي هذا الكلام.. أو يدعي أنه
خلق ذاته بذاته أو أن قوة معينة غير قدرة الله سبحانه قد أوجدته وأظهرته للوجود
ولنا في الفرضية الدارونية وأفكار النشوء والارتقاء الطبيعي التي ضللت البشرية سنين طويلة خير شاهد على ما نقول
ننتقل بعد التسليم بقضية الخلق والايجاد وهي تمثل المنعطف الأكبر في حياة الانسان وكما رأينا فان الفضل في الخلق والوجود كله لله
الى قضية ثانية تلي قضية الخلق مباشرة.... الا انها
قضية تحديد الجنس البشري
قليل من التفكير والتأمل ...من الذي اختار لنا جنسنا البشري فكنا ذكورا أو كنتم اناثا
قال تعالى
أيحسب الانسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق
فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والانثى
سورة القيامة الآيات 36- 39
وقال تعالى
وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا وأنه خلق الزوجين الذكر والانثى
سورة النجم الآيات43-45
وهكذا فان قضية تحديد الجنس البشري وهو منعطف هام وكبير في حياة الانسان ايضا من عطاءات الله سبحانه لنا... والا فمن يستطيع التصريح بأنه أراد الذكورة
فكان ذكر أو أين التي تمنت الانوثة فخلقت نفسها أنثى
قال تعالى
ياأيها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك
في أي صورة ما شاء ركبك
سورة الانفطار الآيات 6-8
انها قدرة الله بلا أدنى شك تتجلى لنا لنتذكر ولا ننسى ابدا اننا شئنا أم أبينا في الكثير من أمور حياتنا خاضعين لمشيئته سبحانه
الآن كيف نستطيع التفريق بين ما هو مفروض علينا قسرا وبين ما هو متروك لنا حق الاختيار فيه
قال تعالى
الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم
سورة الروم الآية 40
الآية السابقة توضح كل شىء فقضية الخلق والايجاد وقضية ضيق الرزق أو سعته
وقضية الموت أوانه ومكانه
تلك وما شابهها من أمور هامة وكبيرة في حياة الانسان قد تولى أمرها ربنا
سبحانه وتعالى
قال تعالى
ان الله عنده علم الساعة وينزّل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت أن الله عليم خبير
سورة لقمان الآية 34
فما أحوجني اليك ربي
اذا كانت أهم أمور حياتي وأكبرها رهن اشارتك وتحت أمرك فكيف كيف أنساك
الهي كنت معي في أول لحظات عمري وأنت معي في آخر لحظات حياتي
فلا تنساني فيما بين ولادتي ومماتي
الهي أعترف بفضلك وأرجوا رحمتك وأستعين بك فلا تخيب رجائي
أنت ملاذي وسر سعادتي وهنائي فاقبلني في عبادك الصالحين واحشرني
مع الأنبياء والصديقين أنا وسائر اخواني المسلمين
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أيمن