تاريخ التسجيل :
Sep 2004
رقم العضوية : 2302
الاقامة : جــــدة
المشاركات : 11,830
هواياتى : الانترنت - الرسم
My SMS :
MMS :
الحالة
غير متصل
معدل تقييم المستوى : 552
Array
على أن هناك لفتة .. لا بد أن ننتبه إليها
فهذه الفوقية هى التى جعلت الله سبحانه وتعالى يختار أمة أمية .. ليجعل فيها آخر صلة للسماء بالأرض ويختار من هذه الأمة رسولاً أمياً .. أي كما ولدته أمه لم يأخذ ثقافة من مساوية..لم يتثقف على الشرق أو على الغرب ولم يقرأ لفلان فيتأثر به .. أو لفيلسوف فيتبعه ولكن الذى علمه هو الله جل جلاله
إذن فالأمية شرف لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..لكنها تؤكد أن كل ما جاء به هو من الله سبحانه وتعالى ولذلك فكل ما يأتي به معجزة لأنه وحي السماء ..فلو أن القرآن نزل على أمة متحضرة كالفرس او الروم .. أو على نبس غير أمس ..قد قرأ كتب الفلاسفة والعلماء من الشرق والغرب .. لقيل ان "القرآن إلتقاء حضارات وهبات عقل وإصلاحات ليقود الناس حركة حياتهم" ولكن لا. هى أمة أمية – رسول أمي.. تأكيداً لصلتها بالسماء .. وأن ما جاء به محمد عليه الصلاة والسلام لا دخل لبشر ولا ثقافة ولا حضارة به. وهو ليس من معطيات عقول البشر.. ولكنه من الحق تبارك وتعالى ..ليصبح محمد صلى الله عليه وسلم وهو الرسول الأمي معلماً للبشرية كلها .
وهكذا نعرف أن الشيطان لا يستطيع أن يقترب من مكان صعود الصلاة وصالح الأعمال إلى السماء ومن مكان الخضوع والعبودية لله سبحانه وتعالى
وقد أصر الشيطان على غواية الإنسان .. حتى لا يكون هو العاصي الوحيد. فما دام عصى وطرد من رحمة الله لماذا يكون هو العاصي الوحيد؟.. لماذا لا يكون الكل عاصياً؟.. وإذا كانت معصية الشيطان بسبب عدم السجود لآدم .. فلماذا لا يأخذ أولاد آدم معه إلى النار؟ انتقاماً منهم ومن أبيهم. بعض الناس يقول ..إبليس عصى وآدم عصى والله سبحانه وتعالى طرد إبليس من رحمته وغفر لآدم .. نقول أن هناك فرق بين معصية ومعصية. معصية إبليس كانت معصية فى القمة .. ترد الأمر على الآمر .تقول لا ..لن اسجد ولن اطيع لأنني من نار وهو من طين .. فكأنه رد الأمر على الآمر.. أما آدم فقال : يا رب أمرك الحق .. وقولك الحق ومنهجك الحق .. ولكني ضعيف لم أستطع أن أحمل نفسي على الطاعة .. فسامح ضعفي يا رب، ولذلك شرع له الله سبحانه وتعالى التوبة . وعلمه كلمات ليتوب عليه .
إذن فهناك فرق بين معصيتين .معصية تقول لن أطيع لأنني خير منه .. ومعصية يعترف فيها العبد بالخطأ والضعف ويتجه إلى الله طالباً التوبة والغفران. وبرغم أن الله سبحانه وتعالى قد أبلغنا فى القرآن الكريم أن الشيطان عدو لنا .. فى قوله
إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ(6) سورة فاطر
فإن الإنسان لا يحتاط.. ولذلك فى كل مرة نقرأ فيها القرآن .. يريد الله سبحانه وتعالى .. أن نستعيذ به من الشيطان الرجيم .. حتى إذا كان الشيطان قد مسنا او غلبنا فى حدث من أحداث الحياة ..فإن الله سبحانه وتعالى يبعده عنا ونحن نقرأ القرآن ..حتى تصفوا قلوبنا ونكون قد أبعدنا الشيطان .. وما حاول أن يوسوسه لنا ليبعدنا عن المنهج .
عندما نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم .. فهناك مستعاذ به وهو الله تبارك وتعالى من الشيطان .. والشيطان من خلق الله وأنت من خلق الله . فمن الممكن أن ينفرد خلق الله بخلق الله، ويكون القوي بقوته . أما إذا إلتحم أحدهما بخالقه فالثاني لا يقدر عليه. وأنت إذا تركت نفسك للشيطان .. إنفرد بك. ولذلك تستعيذ بالله الذى خلقك وخلق الشيطان .. فيعينك عليه .. ولذلك حين تجد قوماً مؤمنين وقوماً كافرين ..إن ظل المؤمنون موصولين بربهم لا يهزمهم الكفار ابداً .. فإذا بعدوا عن منهج الله .. يهزمهم الكفار.. لأنه فى هذه الحالة يكون القتال بين فئتين ابتعدتا عن الله .. إذن فعندما ينفرد خلق بخلق .. فالقوي هو الذى يغلب . أما إذا احتمى خلق بخالقهم فلا يقدر عليهم أحد. البشر يقدر على البشر إذا بعدت الفئتان عن الله .. فإن كانت الفئتان معتصمتين بالله .. فلن يتقاتلا.
والحق تبارك وتعالى .. يريدك حين تقرأ القرآن أن تصفى جهاز استقبالك تصفية تضمن حسن استقبالك للقرآن .. بأن تبعد عنك نزغ الشيطان .. حينئذ تستقبل القرآن بصفاء .. وتأخذ منه كل عطاء فإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم تكون فى جانب الله فلا يأتيك الشيطان ابداً .. ولذلك سيأتي الشيطان يوم القيامة ليقول لمن اغواهم كما يروي لنا القرآن الكريم :
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(22) سورة ابراهيم
إذن فالشيطان ليس له سلطان على الإنسان أن يقهره على فعل لا يريده ..أي ليس له سلطان القهر وليس له سلطان على أن يقنع الإنسان بالمعصية .. وهذا إسمه سلطان الحجة .. فالسلطان نوعان .. قهر لمن يريد الفعل وإقناع يجعلك تقبل الفعل وأنت راض .. الشيطان ليس له سلطان القهر على عمل لا تريده وليس له سلطان الحجة .. ليقنعنا بأن نفعل ما لا نريد ان نفعله .. ولكن المسألة أن وسوسة الشيطان .. وجدت هوى فى نفوسنا فتبعناه.
والله سبحانه وتعالى يريد أن يمنع عنا هذه الوسوسة .. ونحن نقرأ القرآن الكريم .. ولكن الحق سبحانه وتعالى هو الذى خلق الشيطان .. وهو الذى أعطاه القدرة على أن يوسوس للانسان .. لماذا؟.. لأنه لو أن الطاعة وجدت بدون مقاوم لا تظهر حرارة الايمان .. ولا قوة الإقبال على التكليف .. وإنما عندما يوجد إغراء والحاح فى الإغراء .. وأنت متمسك بالطاعة فذلك دليل على قوة الإيمان ..تماماً كما أنك لا تعرف قوة أمانة موظف إلا إذا أغريته برشوة فلو أنه لو لم يتعرض لهذا الإغراء .. فلن تختبر أمانته ابداً ولكن إذا تعرض للأغراء .. وتمسك بأمانته ونزاهته فهذه هى الأمانة...
والله سبحانه وتعالى أعطانا الإختيار لأنه يريد من خلقه من يطيعه وهو قادر على معصيته .. ويؤمن به وهو قادر على عدم الايمان .. لأن هذه تثبت صفة المحبوبية لله . الخلق المقهور لله يأتي له قهراً .. لا يقدر على المعصية .. وهذا يثبت القهر والجبروت لله ولكن الحق سبحانه وتعالى أراد خلقاً يأتيه عن حب .. وقد يكون هذا الحب من أجل عطاء الله فى الآخرة ونعيمه وجنته فلا يضن الله على عباده بها .. وقد يكون عن حب لذات الله . لذلك يقول بعض أهل الصفاء فى معنى الآية الكريمة
قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110) سورة الكهف
يقولون أن الجنة أحد .. لأن الحق سبحانه وتعالى قال " من كان يريد لقاء ربه" .. أي الأنس بلقاء الله .. فإن كنت تعمل للذات وليس للعطاءات .. فإنك تكون فى أُنس الله يوم القيامة .. والذى عمل للجنة سيأخذها .. والذى عمل لما فوق الجنة يأخذه
أو لم يخلق الله تعالى جنة ونار ، أما كان اهلاً لأن يعبد ؟! ولقد قالت رابعة العدوية :" اللهم إن كنت تعلم أني أعبدك طمعاً فى جنتك فاحرمني منها ، وإن كنت تعلم أني أعبدك خوفاً من نارك فأرسلني فيها ، أنا أعبدك لأنك تستحق أن تُعبد "
والحق سبحانه وتعالى : يريدك عندما تقرأ القرآن .. أن تصفي نفسك له سبحانه وتعالى وهو جل جلاله يعلم مكائد الشيطان ومداخله إلى النفس البشرية وأنه سيوسوس لك ما يفسد عليك فطرتك الإيمانية .. فيأتي القرآن على فطرة فسدت فلا يحدث إستقبال لفيوضاته على النفس البشرية .. ولكن إذا استعذت بالله فقد استعذت بخالق .. فلا يجرؤ الخلق على الإقتراب منك ولذلك إن اردت من جهاز استقبالك أن يكون صالحاً لصفاءات الإرسال سامعاً لكلام الله .. لأن الله هو الذى يتكلم .. فالقرآن ليس كلام القارىء له ولكنه كلام الله سبحانه وتعالى ..
ولذلك قال سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه .. وكان أكثر آل بيت رسول الله معرفة باسرار القرآن الكريم .. إن مفزعات الحياة عند الإنسان ..الخوف والغم والهم والضر وزوال النعمة.. قال عجبت لمن خاف ولم يفزع إلى قول الله سبحانه وتعالى : حسبنا الله ونعم الوكيل . فقد سمعت الله بعده يقول " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء " وعجبت لمن ابتلي بالضر ولم يفزع إلى قول الله سبحانه وتعالى " إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" فقد سمعت الله بعده يقول " فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ". وعجبت لمن ابتلي بالغم كيف لم يفزع إلى قول الله تعالى " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" فقد سمعت الله بعده يقول " فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " وعجبت لمن أُضير .. ولم يفزع لقول الله سبحانه وتعالى " وأفوض أمري إلى الله إن الله بصير بالعباد " فقد سمعت الله تعالى بعدها يقول " فوقاه سيئات ما مكروا"
وأنت ما دمت فى معية خالقك لا يجرؤ الشيطان أن يذهب إليك أبداً
وحين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غار ثور ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه يوم الهجرة .. والكفار عند مدخل الغار بسلاحهم .. ماذا قال أبو بكر رضي الله عنه ؟ قال لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا .. وهذا واقع لا يكذب إلا بصفاء إيماني .. ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبه : ما ظنك باثنين الله ثالثهما وما تشير اليه الآية الكريمة بقوله تعالى :
لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا(40) سورة التوبة
إذن فرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أبو بكر رضي الله عنه كلاهما فى معية الله ولكن هل كونهما فى معية الله رد على قول أبي بكر : لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا .. نقول نعم .. لأنهما فى معية الله – والله لا تدركه الأبصار – فلا تدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر الأبصار كذلك ما داما فى معية الله.