مساء الخير
التقيته صدفة في أحد الشواطئ وكان جالسا وحده .. فبادلني التحية والحماسة في التحدث إلي بالرغم من عدم معرفتي به مسبقا .. أخبرني أنه يريد التحدث إلى أحد ما لأنه يمر بحالة دوريه أسماها ب "التبلد العربي" .. وما أن أخذت لي مكانا بجانبه حتى نفخ في فضائه مخرجا ما كان في رئتيه من هواء وراح يشفط نفس الكميه .. وأصبح في شفيق وزفير .. وكأنه بذلك ينذرني بعظمة ما يريد إخباري به .. ثم اعتدل وقال:
تلبية مني لدعوة مقاطعة سلع دولة كبرى لما تقدمه من دعم لدولة معتدية .. قررت مثل الناس البسطاء أمثالي التجاوب مع تلك الدعوة التي لم يبقى أحد إلا وتحدث عنها من مذيعين وسياسيين ورجال الدين وفي مختلف برامج القنوات الفضائية والأرضية .. والتي ما أن ينتهوا من ذكر سلعة خاصة لهذه الدولة العظمى ومنتشرة بطريقة مذهلة في منطقتنا ووجوب مقاطعتها وعدم اقتنائها إلا ويعرضوا أمامنا على الشاشة إشهار عنها ترويجا لها وتحفيزا لنا على شرائها .. كما أنها من أكثر السلع التي تعج بها جميع المحلات والمراكز التجارية والمقاهي بل وكذلك الشوارع والمدن والقرى من خلال أجهزة بيع آلية .. لكن أخوكم في الله لا يعرف من أين يبدأ حتى يطبق هذه المقاطعة .. فرجاء خذوني على قدر عقلي ووجهوني لتحددوا لي أي سلع بالضبط يتكلمون عنها.
وفي نفس السياق .. اطلعت من خلال الجرائد التي جمعتها من الفندق المجاور لمسكني والتي لا أستعملها إلا عند تنظيف الزجاج أو أكل الدجاج أو قلب صفحاتها بسرعة لتغيير المزاج أو أفرشها عندما أستلقى على الشاطيء للتفرج على الأمواج .. وعلمت من خلال بعض صفحاتها أن مطربا مشهورا وإلتزاما منه بدعم أطفال الحجارة الصامدين أمام جميع أنواع الأسلحة الفتاكة قام بإحياء حفلة راقصة تكريما لدماء المنتفضين الزكية .. وسهرت "الجماعة" إلى ساعة متأخرة من الليل لإحياء هذه الإلتفاتة الكريمة .. فأسعد "المطرب" قلبه وأطرب نفسه قبل أن يسعد الآخرين بأجمل الألحان وأعذب الأنغام .. وساعد الجمهور الغفير على نسيان ما يجري من أجل حفنة من الدولارات .. ثم ذهب الجميع إلى أسرتهم قريري العيون .. بعد أن قاموا بالواجب الذي تفرضه عليهم ضمائرهم .. فنمت أنا كذلك قرير العين على أمل أن ينام المنتفضون بل وقبلهم ينام "المنتفض عليهم" كذلك قريري العيون بهذه "اللـفـتـة" الكريمة من أصحاب النغم والطرب والرقص.
بعد ذلك نظر إلي باستغراب على ما أودعت عنده من آذان صاغية وكأنني أول شخص قبل بدعوة الإنصات إليه .. ربت على كتفي وطلب مني أن أجيبه على سؤال .. فقلت له تفضل واسأل .. فقال :
لقد فقدت الإتصال بأخبار الديار لأن "دش" القنوات عندي قد تعطل منذ أكثر من شهر ولا أعلم إذا انسحب الإسرائيليون من كل مدن الضفه الغربيه أم لا .. فأجبته : "حتى أنا تعطل "دشي" ولم أعد أدري .. ولا علم لي بآخر خطابات بوش .. بعدها أخرج من ثلاجته الصغيره علبة "بيبسي" وأعطانيها لأثلج على صدري.
------------------
سامي