مساؤكم جوري ..
الجوري الذي أعشق
فقـــط ...




آهٍ يا رشا الذاكرة متخمة بـ ذكريات لا حصر لها ..!
والطفولة بالذات لها الكم الهائل منها ..

وتأكدي بأني سعيدة جداً بهذه الدعوة ..
وطيـب كلماتكِ وأتمنى أن أكون عند حسن
ظنكِ والجميع فـ هنئياً لي بـ قلوبٍ كما قلوبكم ..






والآن أذكر تماماً حكاية الثلاث دجاجات والذئب وكم
حكيتها لأبنائي وكم ضحكوا معها وسعدوا بها ..


:drr05_26:







شوفي يا ستي كان يا مكان في قديم العصر والآوان
في ثلاث دجاجات اخوات .. كبيرة ووسطى وصغيرة ..
يعيشون بوئام في بيت واحد لا ام ولا اب لهن ...
وفي يوم من الأيام سمعوا أن الذئب سوف يأتي الى
قريتهم فـ أخذوا يعدون العدة والاحتياطات
لـ الدفاع عن أنفسهن كما غيرهم من الحيوانات ..


حصنوا البيت والأبواب والنوافذ ودقوها بالأخشاب
والمسامير جيداً وجهزوا المؤن وكل ما يعينهم
حتى يرحل الذئب من قريتهم وينجوا بـ أمر الله
من شره وظلمه ..


الكل خائف ووجل وينتظر قدره وما سيكون عليه حاله ..
فكرت الدجاجة الكبيرة كثيراً وفجاؤة نطقت وقالت :


اسمعوا يا اخواتي البيت بالكاد يكفيني وأنا أخاف
أن يداهمنا الذئب فجاءة ويأكلنا ثلاثتنا اذهبوا وابنوا بيتاً
لكما بسرعة قبل أن يفاجئنا الذئب فلا وقت لدينا ..

حزنت الأختان وخرجتا من البيت بعد أن طردتهما الأخت
الكبيرة والدموع تملأ عيونهما ؛؛ وفعلاً وجدا اخشاب
وقش وقامتا ببناء بيت صغير يأويهما واعدتا العدة لذلك
بحين فاجئت الاخت الوسطى اختها الصغيرة قائلة :

اسمعي يا اختي البيت بالكاد يكفيني وحتى الامان
بسيط ولا اقدر ان اترككِ هنا معي فـ اللهم
نفسي نفسي ..


عندئذٍ خرجت الخت الصغيرة تبكي وتندب الحظ والحال
وتفكر جدياً بما ستجده من مصيرٍ الله أعلم به ..

فكرت وفكرت وتذكرت بانها كنت قد دفنت بيضة لها تحت
شجرة لوز وبسرعة البرق ذهبت وحفرت وأخرجتها واتجهت
الى البائع وباعتها اياه وأشترت بثمنها مسامير واخشاب
وبدأت فعلياً ببناء بيت وحصن لها يحميها من الذئب وبخاصه
أنها لوحدها والله يعلم ما ستجده من مصير مظلم ..

المهم لم يأتي المغرب الا وكانت قد انتهت من بناء
بيتها الصغير ولكن الشديد الأمان والقوي بمعنى الكلمة ..



وفعلاً مضى يوم واثنان وهم على هذا الحال حتى
سمعوا صوت ضحكاته الشريرة ملأت أرجاء القرية ..


الكل خائف ويرتعد من صوته الشرير ودبدبات قدميه ..
حطم البيوت الواهنة وأزال كل ما يراه أمام عينيه سهلاً
فـ التهم ما التهم من حيوانات حتى جاء دور بيت الدجاجة
الكبيرة فدك وكسر واستطاع بسهولة النيل منها واتجه
مباشرة الى بيت الوسطى وفعل ما فعل مع الأخت الكبيرة ..

وعندما انتهى اتجه الى بيت الأخت الصغيرة وحاول جاهداً
كسر الباب او الشباك حتى خيم الظلام وكان قد تعب وانهارت
كل قواه وهي بالداخل تدعي الله لها ولـ أخواتها بالنجاة وبل
تفكر بهن وما يكون قد حصل لهــن مع الذئب الشرير ..

وجاء الصباح وحاول مرة ثانية وعاشرة ولم يستطع وبل تعب
جداً من محاولاته حتى همد وكسل عن اكمال مسيرته ..
وعندما أحست الدجاجة الصغيرة بـ الأمان فتحت الباب
تستطلع الأمر فوجدته مستلقياً على ظهره متعب ولا
جهد لديه ويغط في نومٍ عميق ..

ونظرت الى بطنه فوجدتها كبيرة وفكرت ماذا لو أن اخواتها في
بطنه وهالها بالحقيقة هذا الشعور فذهبت فوراً وأحضرت المقص
وقصت بطنه وكان ما أرعبها التفكير به فوجدت اخواتها في بطنه
يبكين الحال ؛؛ وعندما رأينها بكين بشدة وجلسن يستعطفنها
أن تخرجهن من بطن الذئب ..

وبالفعل كان اول ما قامت به هو أن أخرجت اخواتها والدموع تملأ
عيونها وهن يقدمن لها كل انواع الأسف ويلومنانفسهن على
أنهن خذلنها وهي الصغيرة ..


فقالت لهن لا وقت لدينا أذهبن بسرعة واحضرت الحجارة
كي نملأ بها بطن الذئب قبل أن يستيقظ ويأكلهن جميعاً ..

وبسرعة قامت الأخوات الثلاث بجمع الحجارة وملأ بطن
الذئب الشرير بها واخاطتها وكأن شيئاً لم يكن ..

ودخلن بيت الاخت الصغيرة واحتمين به ..

ولما كان الظهر قام الذئب من نومه وهو يشعر بثقل
فظيع في جسمه وعندما حاول النهوض ارتمى رضاً
ومات فوراً فـ الحجارة كانت أكبر واثقل من كل جسده ..


ومن يومها والدجاجات الأخوات يعشن في ودٍ ووئام وسعادة
لا نظير لها وهن بكل يوم يشكرن اختهن الصغرة نادمات
على ما كان منهن لها وكيف ردت الاساءة بالاحسان ؛؛

وتعلمن درساً قاسياً وكيف انه يجب عليهن أن يكن يداً
واحدة مهما تكالبت عليهن الظروف وساء بهن الحال ..


وتوته توته فرغت الحدوته حلوه والا كتكوته ..




هذه الحكاية كان يرويها لي شقيقي الوحيد والكبير ..
مع ان عمري كان آنذاك الحادية عشرة من عمري ..








وهذه حكاية اخرى ايضاً كان يرويها لي من كم هائل
من الحكايا والظاهر انه كان مغرم بالدجاج حبيبي ..














في مزرعة صغيرة بعيداً عن الوادي كانت تعيش عجوز مسكينة
لديها دجاج وبط وإوز وكانت العجوز تحب العناية بهذه الدجاجات
وصغارها وكانت الدجاجات لا تبخل عليها بالبيض ...



وذات يوم دخلت المزرعة دجاجة حمراء كانت تبحث عن مأوى
ولما تعبت من البحث رقدت على الأرض قرب البيت ...
وبعد قليل سمعت الباب يفتح ليطل منه وجه العجوز الطيب ..
فوجئت العجوز بوجود الدجاجة لكنها حملتها بحب وقررت
وضعها مع الدجاجات لتأكل معهن ...


فرحت الدجاجات بالضيفة الجديدة ورغم أنها بدت مختلفة بينهن
بلونها الأحمر إلا أنهن أبدين لطفاً شديداً معها مما جعلها تشعر
بالغرور وهي تنظر إليهن وهن يجهّزن لها فراشاً من القش
ويجلبن لها الحَب والطعام ...

وبحركة سريعة صعدت إلى أحد الرفوف وصفقت
بجناحيها لـ يصمتن ثم قالت بغرور :

اسمي برّوقة في الواقع أننا معشر الدجاج الأحمر ننتمي
لأرقى سلالات الدجاج على الإطلاق فكل أمراء الدجاج
في العالم كانوا من سلالتنا ..


نظرت الدجاجات إلى ريشها الأبيض بدهشة ثم التفتن إلى
برّوقة غير مصدّقات وما هي إلا لحظات حتى كان الوجوم
يغطي وجوههن بضيق شديد ولم تكتف برّوقة بما قالته بل
قفزت وهي تصيح :

ستكونون في خدمتي جميعاً ومن الآن وصاعداً
وأنا التي سأوزّع عليكم الحَب


نظرت الدجاجات إلى الديك مستنجدة فإذا به يقترب
من برّوقة وهو يرفع جناحيه مرحّبا بها :


هذا صحيح هذا صحيح !
فقد كان جدي يوصيني بالزواج من دجاجة حمراء !


وهكذا .. صارت برّوقة أميرة الدجاج الأبيض !
وفي الحقيقة كانت برّوقة دجاجة ظالمة تأكل من الحب حتى
تشبع ثم تترك الباقي للدجاجات الجائعات اللواتي لم يكن
باستطاعتهن الاعتراض على ما تفعل لأن الديك يعمل
دائماً على حمايتها أملا بالزواج منها ..

وفي إحدى المرات وبينما تسبح بطة صغيرة مع شقيقاتها في
حوض الماء أطلت برّوقة برأسها المرتفع تعالياً وهي تقول :

أخرجن من الماء هيا أخرجن أنا أميرة
الدجاج آمركن بالخروج من الماء ..



نظرت إليها البطة الصغيرة بسخرية قائلة :

|| لست سوى دجاجة ||

فقالت الدجاجة بغضب :

|| أنا الأميرة أيتها الحمقاء ||

فانقض الديك على البطة يحاول ضربها لكن
البطة قالت وهي تحاول الهرب :

إنها تخدعك بغرورها أيها الديك ! ها نحن
أمامك بط وإوز منا الأسود والأبيض !


هكذا أراد الله لنا أن نكون ولا أحد يظن أن لونه يجعله أفضل
من الآخر وإن كانت برّوقة سنصبح أميرتكم عليها أن تحكمكم
بعقلها وقلبها لا بلونها وعليها أن تعطيكم أكثر مما تأخذ منكم
وأن تحبكم وتعلمكم كيف تهتمون ببعضكم البعض ...
وإن كانت برّوقة كذلك فهي أميرتكم ...


ثم اقتربت منه حين أحست أنه يستمع إليها ثم أكملت :

برّوقة تأخذ طعامكم رغما عنكم وتجعلكم جميعا خدماً لها
إنها لا تستحق أن تكون أميرة لكم بل عليها أن تصبح كـ أية
دجاجة أو ترحل عنكم ..


كلمات البطة تركت أثراً كبيراً في نفس الديك فالتفت إلى برّوقة
بحيرة فإذا بها تدفعه بجناحها وهي تصرخ في وجهه باحتقار :

ابتعد أيها الأحمق !

لحظتها فكّر الديك طويلاً وهو ينظر إليها :

صحيح أن لها ريش أحمر ولكنها تأكل مثل بقية الدجاجات
وتبيض مثلهن وتثرثر مثلهن وفوق كل هذا تجبرنا على
خدمتها ! ربما البطة على حق .. !


ابتعد قليلاً ثم وقف يراقب برّوقة من بعيد :

تبدو لي دجاجة عادية ثم إن جدي لم يوصني بالزواج
من دجاجة حمراء ولكني قلت ذلك لأتقرّب منها .. أجل
إنها دجاجة ؛؛ ليست سوى دجاجة دجاجة حمراء ...


ثم عرض الديك على برّوقة أن تعيش معهم كـ دجاجة عادية
لكنها رفضت وقررت الرحيل لتجرّب حظها في مزرعة أخرى
ولم يسمع عنها أحد منذ ذلك الوقت ...



والآن .. أغمضي عينيكِ يا حبيبتي ها هي النجوم تتلألأ
من بعيد وعلى نافذتك يغفو القمر دعي النوم يتسلل إليك
ويسكن عينيك نامي يا صغيرتي نامي ؛ فعين الله لا تنام ..


هكذا كان حبيبي واخـي ينهي لي هذه الحكاية
وكل حكاية لها نهاية جميلة ودردشة قصيرة
بعمري لم ولا أنساها ...





والآن أعتذر ان أطلت عليكم جميعاً ولكن الدعوة فجرت
بي ذكريات عبقة وجميلة لا يمحوها
زمن ولا تُغبرها سنين ...


أحبــكِ رشا و أحبكــم ..



.
.

عابده