(( بقية القصة ))


لا إكراه في الدين :

"لا إكراه في الدين" بل الأمر لك!

قلت: إذن فاتركاني لأمري حتى يحكم الله فيه!
لا أخفى عليكم.. فقد بدأت أفكر في الإسلام، لماذا اعتنقت أختي هذا الدين؟ وأخذ هذا السؤال يطرح نفسه: وهي الآن تدعو إليه؟

بعد ذلك طلبت منهما أن أدرس الإسلام، ولا بد من إعطائي فرصة لفهم هذا الدين فهماً جيداً فقبلا ذلك وفرحا فرحاً شديداً، واحترما رغبتي، وبدأت أتعلم أسس ومبادئ الإسلام.

وبدأ كل منهما يحضر لي الكتب والأشرطة، وأذكر أن أختي أعطتني كتابا بعنوان "الحلال والحرام في الإسلام" كي أقرأه ولم يكن اهتمامي بالحلال والحرام بقدر اهتمامي بمعرفة العقيدة الإسلامية أولاً فهي الأساس في العبادة.. وعليها سيكون الإيمان. لم أستفد من هذا الكتاب إلا قوانين وصور من حياة المسلم.

لم أكن متعجلاً في البحث عن الدين الجديد، وخلال وجودي معهما كنت دائماً أسمع الأذان "الله أكبر- الله أكبر" وبدأت تلين جوارحي من أثر ما يدور من حولي من إيمانيات.

الأذان وسيلة إعلامية:
وكان أول ما عرفته هو معنى هذا الأذان.. إنه يدعو المسلمين إلى الصلاة.. ويكون في أوقات محددة من الليل والنهار.

بدأ تفكيري يزداد في أمر الإسلام فهنا أذان "الله أكبر- الله أكبر" فوق كل مآذن المساجد.. وهناك أجراس ودقات لا يعنى منها إلا التنبيه فقط.. الفرق شاسع جداً! بين نداء النصارى الذي يرن كل سبت وأحد من أيام الأسبوع، وبين نداء المسلمين الذي يناديهم في اليوم خمس مرات طاعة لله.

تمضي الأيام مع ملاحظتي لأختي وزوجها وهما يصليان سوياً كنت أشعر أنهما في أشد الطمأنينة والسكينة وبدأ حب الإسلام يتسلل إلى قلبي.

التلفزيون داعية :

في يوم من الأيام ذهبت أختي وزوجها لزيارة بعض الأقارب، وتركاني في المنزل وحيداً أشاهد التلفاز في الديوانية لأطالع الأخبار، وما يحدث في العالم.. ولكن المدهش أنني فتحت التلفاز على القناة الثانية التي تبث برامجها باللغة الإنجليزية، وكان موعدي مع برنامج للشيخ صلاح الراشد أمرا قدره الله تعالى الذي "إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون".

ووجدت الشيخ صلاح الراشد أمين عام لجنة التعريف بالإسلام آنذاك وقد كان هذا في شهر رمضان المبارك شهر الهدى والفرقان عام 1993 وفي هذا البرنامج كان يتحدث عن علاقة الإسلام بالأديان الأخرى، ويتحدث عن الإسلام والنصرانية، وعن عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل. وبدأت أنتظر هذا البرنامج الشيق في كل مساء من يوم الأربعاء وأستمع إلى ما يقوله بحرص شديد.

محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل

وسمعت في هذا البرنامج أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن نبوته في الإنجيل والتوراة، وأنه سيبعث بعد موسى وعيسى عليهما السلام.

وكنت أبحث عما يؤكد لي أن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم ذكر في الإنجيل، لأنني لم أجد اسمه في العهد القديم ولا في العهد الجديد من الكتاب المقدس.

أخذت أهتم اهتماماً شديداً بالإسلام كونه يدعو إلى الوحدانية، كما بين لي الشيخ صلاح الراشد، وهذا الذي كنت أومن به عندما كنت نصرانياً.. بيد أن الذي أدهشني ولم أستطع مقاومته أو معارضته هو شرحه لنبوة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم من خلال الكتاب المقدس عند النصاري قبل أن يحرف، ومن مصادر إنجيلية موثوق بها، وقد استشهد بذلك الشيخ صلاح الراشد ببعض الإثباتات من الإنجيل.

وبالفعل وجدت ما شرحه وبينه حقيقة لبعث الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم الذي ورد في الإنجيل الأصلي قبل أن يحرف، ولم أستطع إنكار هذا الأمر وأخذت أقرأ ما جاء في سفر التثنية عن النبي صلى الله عليه وسلم في الإنجيل والذي جاء فيه: "لهذا أقيم لهم نبياً من بين إخوانهم وهو مثلك، وأضع كلامي في فمه، فيخاطبهم بكل ما أمره به، فيكون أن كل من يعصي كلامي الذي يتكلم به باسمي، فأنا أحاسبه".


بداية اعتناق الإسلام:

وهنا بدأ قبولي للإسلام كدين جديد لي، وبدأ يأخذ ويمتلك شغاف القلب، وبدأ حبي له يتزايد، ومن يستطيع أن يتحمل هذه المحاسبة من الله تعالى، فكل إنسان عليه أن يخاف الله، رب الأرباب ومسبب الأسباب ملك الأرض والسماء.

"اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً"..

وتفتح طريقي إلى الإسلام بإرادة الله، وقررت الحضور إلى لجنة التعريف بالإسلام مع زوج أختي لإشهار إسلامي وإعلان شهادتي بوحدانية الله تعالى الخالق، شاهداً بأن عيسى ابن مريم هو عبد الله ورسوله، ومحمدا رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة.

المسيح عبد الله ورسوله :

أشهرت إسلامي في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك وأصبح اعتناقي للإسلام من منطلق خوفي من عقاب الله وحسابه لي واقتناعي بوحدانية الله تعالى، وقد زاد ارتباطي بالإسلام وبإخواني المهتدين الجدد، ولا يعني إسلامي أنني تركت المسيح عليه السلام بل إيماني بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسول الله نبياً ورسولاً، والإسلام يضع سيدنا عيسى في المكانة المناسبة له وهو عبد الله ورسوله مثل النبي محمد صلى الله عليه وسلم، والفرق بينهما أن رسول الله محمدا هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وهذا جاء بالقرآن وذاك جاء بالإنجيل وكلاهما يدعو إلى توحيد الله عز وجل.

تعلمت الإسلام :

والنبي محمد صلى الله عليه وسلم أرسله الله للناس كافة إلى يوم القيامة والحمد لله. الآن وقد مضى على إسلامي سنوات عدة فقد تعرفت على الإسلام وفهمت هذا الدين فهماً صحيحاً، وزاد إيماني بعد دراستي "التوحيد في الإسلام" وهو كيفية الإيمان المطلق بوحدانية الله تعالى.

أيضاً تعلمت كيف يؤدي المسلم ما عليه من عبادات وما عليه من واجبات، فقد أحل الإسلام حلالاً وحرم حراماً، وعلى المسلم أن يراقب ربه في كل حين، وهدايتي هي بأمر الله الذي يهدي من يشاء، وهو الذي هداني لأن أكون مسلماً وجاء بي من الفلبين إلى الكويت ليقضي أمراً كان مفعولاً.

لا أنسى أصحاب الفضل علي أختي وزوجها بعد الله سبحانه وتعالى، وهذا البرنامج الداعي إلى تنوير عقول العباد الذي أخرجني من دين إلى دين جديد يهدي إلى الرشد ويتبع رضوان الله.

لجنة التعريف بالإسلام والدعوة إلى الله :
ولجنة التعريف بالإسلام التي كان لها الباع الطويل في تدريسي الإسلام، وكان انطلاق الهداية والنور في قلبي، بها رجالٌ سخروا أنفسهم لخدمة دين الله، نسأل الله أن يأجرهم والذين أسسوا هذا الصرح العظيم في الدعوة إلى الله خيرا.

مساعد داعية :

لقد تعلمت ودرست الإسلام بعد إشهار إسلامي بهذه اللجنة واجتزت كل الدورات والمحاضرات وحصلت على عدة شهادات منها، وتخرجت في البداية مساعد داعية للجالية الفلبينية، والآن أعمل داعية بفرع لجنة التعريف بالإسلام بالأحمدي، والحمد لله فقد أسلم الكثير على يدي، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

الحج إلى بيت الله الحرام:
وشاركت في العديد من الحوارات بين النصارى والمسلمين وحججت إلى بيت الله الحرام عدة مرات، واعتمرت عدة مرات وحباني الله برعاية وهداية لم تكن في الحسبان ولم أكن أتخيلها.

هداية الله تعالى:

واقتضت حكمة الله تعالى أن أتحول من منشد في الكورال الديني بالكنيسة إلى داعية إسلامي.. نعم إنها هداية الله صاحب الفضل ومالك الملك الرحمن الرحيم والحمد الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.