عندما تشاهد مناظر الرعب و القتل و الدمار ، و عندما ترى ألسنة النيران تتصاعد أمام عينك في بلاد المسلمين ، و عندما ترى جنود الأعداء يجرُّون أمام عينيك رجالاً و نساء ً و أطفالاً من المسلمين في الشوارع المقفرة من العدل و الرحمة جرًّا ، و عندما ترى أسلحة الأعداء تستخدم بكل أصنافها و أنواعها على مرأى منك و مسمع ...
فإنك هنا ستشعر بضيق يملك عليك مسارب نفسك ، و يسدُّ على قلبك منافذ سعادته و فرحته ، فتصبح في هذه الحالة بين أمرين : القنوط و الإحباط و التوقُّف عن التفكير في الخلاص .
أو : اللجوء إلى الله عزَّ و جلَّ ، و مراجعة النفس في أخطائها و تجاوزاتها ، و العودة إلى منابع العزة و القوة في كتاب الله و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم ، و فتح نوافذ التفكير السليم في الخلاص .
أنت بقنوطك تساعد عدوك على تحقيق أهدافه ، و تسلّم إليه زمام نفسك و عقلك و قلبك ؛ ليركلك بقدمه القاسية .
و أنت بلجوئك إلى ربك ، و ثقتك به تصدُّ عنك عدوَّك الغاشم مهما كانت قوته و قدرته ، و تصون نفسك عن التذلُّل له ، و تصبح حكيماً في مواجهتك للموقف .
إنَّ لك حق الاختيار ، و لكنني أحب أن أساعدك في التوجيه إلى اختيار الطريق الأمثل بك ، إنه الطريق الثاني ، الطريق الذي يوصلك إلى النجاة ، الطريق الذي يجعلك حينما تقول : حسبي الله و نعم الوكيل قادراً على مواجهة أعدائك بقوةٍ و اقتدار ، و على رؤية ما وراء الجدار ، و على رسم معالم الثبات في المحن و رفع راية الانتصار .
هنا ستكون قادراً على ترك باب ابتسامتك المضيئة مفتوحاً بالرغم من ظلام المآسي .
نقلاً عن كتاب :
بشِّروا و لا تنفِّروا
د. عبدالرحمن بن صالح العشماوي