الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ..أما بعد


السنة المهجورة السابعة



كشف بعض البدن ليصيبه المطر

عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال: أصابنا مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مطر . قال: فحسر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن ثوبه حتى أصابه من المطر، فقلنا: يا رسول الله! لم صنعت هذا؟ قال: (( لأنه حديث عهد بربه)) [ رواه مسلم:

يقول العلماء في تفسير قوله: ( حديث عهد بربه ): إن المطر جاء من السحاب، والسحاب دون السماء الأولى، والله سبحانه وتعالى مستوٍ على عرشه كما بيّن سبحانه وتعالى، وهذه أمور لا يدركها العقل.
قالوا: أي أن الله سبحانه وتعالى ساقه برحمة منه، فهو حديث عهد برحمة الله التي رحم بها أهل الأرض.
ومن هنا يتبرك به صلى الله عليه وسلم فيغمس قدميه فيه، وفي بعض الروايات: (رُئيَ المطر ينزل من لحيته)، وفي بعضها: (حسر عن رأسه، وقال: أصيبوا منه)، إلى غير ذلك، حتى قيل بأنه كان يشرب منه، وكان يتوضأ منه، وكان يخرج إلى وادي قناة، وكان أغزر أودية المدينة مطراً، إلى غير ذلك من الروايات، فلا مانع أن يصيب الإنسان من المطر إذا كان عند نزوله، أو يأتي إلى الوادي ويغسل يديه أو رجليه منه، أو يشرب منه إن طابت له نفسه إذا كان صافياً صالحاً للشرب، أو غير ذلك، فكل ذلك تبرك بهذا الماء الجديد لأنه حديث عهد بربه، أي: بأوامره وبإنزاله، وبإغاثته للعباد برحمة منه سبحانه.

الوارد عند رؤية المطر
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال: ( اللهم صيّباً نافعاً ) أخرجاه ].
تقول أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر -أي: إذا نزل ورآه رأي العين وتأكد من نزوله- قال: ( اللهم صيّباً نافعاً ).
و(الصيّب) أصله: صيْوِب، وعند علماء الصرف أنه إذا اجتمعت الياء والواو، وسبقت إحداهما بالسكون قلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء، كما في (جيّد)، فأصله (جَيْوِد)، من الجودة.
وأصل (الصيب) من الإصابة، تقول: صوب السهم فأصاب الرمية.
وسمي المطر صيباً لأنه ينزل ويصيب مكانه، فإذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم المطر دعا الله أن يجعله صيباً نافعاً، وذلك مخافة أن يكون صيباً ضاراً؛ لأنه إذا زاد المطر عن مقدار تَحمُّل الخلق أو الأرض كان ضرره أكثر من نفعه، ونحن نشاهد ونسمع بالكوارث والحالات التي يأتيها المطر غزيراً فيهلك الزرع، ويهدم البنيان، ويكسر الطرق والجسور، فالنبي صلى الله عليه وسلم رحمة منه بالأمة حينما يرى المطر يقول: ( اللهم صيباً نافعاً ).
و(صيب) من أسماء المطر أيضاً، ومنهما (الوبل)، ومنها (الرذاذ)، ومنها (الهتان)، وكلها أسماء تأتي على حسب صفاته وحالاته وشدته ورقته، والله تعالى أعلم.