السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كانت له في غربته بمثابة أم بعد أمه كان كثير الذهاب إليها فكانت لصلة الرحم عنده حق وللدم عنده اعتبار
قد ابتلاها الله بداء لا دواء له فظلت تعاني كثيرا من السنين ... كم من المرات
أجادت له بالنصيحة والرشد لم تبخل عليه بشيء فهو كأحد أولادها ... كانت كثيرة الخوف عليه والاهتمام
لأمره وجاء إليه الخبر عبر الهاتف ... قالوا له لقد رحل بالأمس عزيز عليك فأدرك أنه الحق المكروه.

لم يشعر بنفسه وانطلق مسرعا إلى المكان ... لم يدرك الأشياء من حوله وأطلق بصره أمامه لا يبالي
لشيء يتخبط جسده وسط الزحام بأجساد المارة ... حركة قدمية سريعة أقرب إلى الجري ... أحكم قبضة يداه ... قلب سريع النبض غير منتظم فم مغلق ساكن ... أنفاس متلاحقة ساخنة... عقد حاجبيه ... عينان واستعتان مفتوحتان بشدة بدمعها رقراقة يرفض الانحدار أرسلت الشمس التي أوشكت على الغروب شعاعها البرتقالي ليختلط بماء عينيه فيصنع لونا يصعب وصفه فظهر في عينيه الصبر والحزن معا

تظهر على ملامح وجهه الجدية والحزم ... لو تراه تعرف أنه من الأقوياء الصابرين على البلاء
كان المكان بعيد فلم يشعر بالوقت ولم يعرف كم منه قطع ...وأخيرا وصل إلى المكان ... كثير من الرجال تجمعوا حول البيت كانوا في انتظاره فمر عليهم وكأنه لا يعرفهم ... أصوات من الخلف تناديه وأخرى تدعو له بالثبات فلا يبالي ... ودخل البيت مسرعا ... كثير من النساء في ملابس سوداء
وجوه يعرفها وأخرى لا يعرفها ... نياحة وببكاء ودموع لا انقطاع لها ... يبحث بنظره

فأبصره وجه أمه في دمعها غارقة ... ولم يجد من كانت بمثابة أمه ... فتبين صدق الخبر

فأظهر الثبات وقال إنا لله وإنا إليه راجعون ... ولكن سرعان ما تملكه الانهيار وأجهش بالبكاء

السلام عليكم