منذ عشر سنوات وهناك قناعة لدى المختصين بضرورة تطبيق التأمين إلزاميا على جميع السيارات في المملكة أسوة بجميع دول العالم ويبدو ان السوق التأميني لايزال غير مهيأ لمثل هذا القرار!! ويجب ان لا يتأخر أكثر صدور هذا القرار اذ ان نسبة عدد السيارات الى عدد السكان في المملكة من أعلى النسب في العالم وهذا شيء طيب اما الشيء المحزن فهو ان نسبة الحوادث الى عدد السيارات هي أيضاً من أعلى النسب في العالم!

وفي كثير من الاحيان حين يرتكب صاحب السيارة حادثاً يؤدي الى أضرار كبيرة ويحكم عليه بدفع مبالغ كبيرة فانه يتنصل من الدفع فتضيع حقوق المتضررين بل ان كثيراً من المتسولين يعرضون صكوكا من المحاكم بالحكم عليهم بدفع ديات نتيجة لارتكاب حادث سيارة والتأمين الاجباري مطلوب في حالة المسؤولية المدنية التقصيرية ضد الغير .

ولعله من المسائل التي تحدث نوعاً من الاختلاف واللبس في بعض دول العالم الإسلامي مسألة التأمين.
فهذا الموضوع الشائك والحساس بدأ يتغلغل ويفرض وجوده بين طبقات المجتمع الإسلامي . ومن يعرف الكيفية التي يفكر بها المواطن السعودي مثلاً لا يصاب بالدهشة من بعض التناقضات التي تحدث بين ما يؤمن به وبين ما يمارسه. فربما يجادلك أحدهم لعدة ساعات ولكنه في نفس الوقت مرتبط بعقد تأمين على حياته مع احدى الشركات، والعكس صحيح تماماً. فهناك من يؤكد لك على ضرورته واهميته ولكنه لا يقدم على هذه الخطوة أي التأمين خشية أن يكون بها شبهة ضمن المحظورات الإسلامية هذه المفارقة تحدث ايضاً في الجهات الحكومية الرسمية .


[ALIGN=CENTER]*بماذا تتميز الشركة المحلية عن الشركة الأجنبية للتأمين ؟والعكس [/ALIGN]

يتوفر لشركة التأمين المحلية كثير من المقومات التي تميزها عن الشركة الأجنيبة أهمها: فهمها لطبيعة احتياجات المواطن من خدمات التأمين أكثر من أي شركة أجنبية. وينعكس هذا على نوعية التغطيات التأمينية التي تفي بتلك الاحتاجات من جهة وبتوفير الكثير من الخدمات التي يتم تقديمها بالتنسيق مع الجهات الحكومية من جهة آخرى . فعلى سبيل المثال فإن التعاونية للتأمين تمنح حملة وثائق تأمين السيارات الصادرة منها شهادة كفالة غرم معتمدة من وزارة الداخلية ككفيل غارم في حالة حوادث السيارات وبالتالي لا يتعرض العميل للحبس في أقسام الشرطة إذا تسبب بحادث سيارة ترتب عليه مسؤوليات تجاه الغير. والتعامل المباشر مع شركات التأمين المحلية يوفر ضمانة قانونية للمؤمن لهم حيث يمكنهم الرجوع للهيئات القضائية المحلية في حالة نشوب نزاعها مع حول حق من الحقوق . أيضاً التعامل مع شركة التأمين المحلية يضمن تحقيق سهولة الاتصال وتحديد الجهة المختصة في الشركة بكل ما يتعلق بعقد التأمين. وسهولة الاتصال في هذه الحالة تيسر عمليات الإصدار والتجديد وتسوية المطالبات وغيرها من الخدمات الأخرى التي يحتاجها العميل.

أما الميزات التي تتحقق من التعامل مع شركات التأمين الأجنبية فتشمل تقديم خدمات متطورة إذا تم التعامل مع شركة تأمين ذات خبرة كبيرة في ممارسة النشاط. كذلك فإن هذا النوع من التعامل يكسر حلقة الاحتكار التي تحكم نشاط بعض الأسواق المحلية. وأخيراً فإن شركات التأمين الأجنبية الكبيرة تتوفر لديها القدرات المالية الضخمة التي يمكنها التأمين على ممتلكات وأنشطة ضخمة لا تستطيع الشركات المحلية توفير الغطاء التأميني الكافي لها . ولبعض شركات التأمين الأجنبية الخبرة الكافية لتقديم أنواع مستحدثة من التأمين قد تكون غير موجودة في الأسواق المحلية .

* إذا توفى المؤمن له وهو لم يخبر أحدا من عائلته بالتأمين؟فما دور شركة التأمينهذاالأمر متوقع حدوثه مع عملاء التأمين على الحياة .فكثير من المؤمن لهم لا يخبرون أحداً بهذا التأمين ربما خوفا أن يتعرضوا للقتل من أحد المقربين طمعاً في مبلغ التأمين )تشير سجلات شركات التأمين إلى وقوع مثل هذه الحالات في كثير من دول العالم (، أو حرصاً على أن يبقى مبلغ التأمين الذي يرغب في الحصول عليه في نهاية مدة التأمين في طي الكتمان .
لكن على أيه حال، فإن الشركة تدفع مبلغ التأمين للمستفيدين من الوثيقة والمحددين بواسطة المؤمن له إذا تعرض للوفاة حسب ما تنص عليه الوثيقة. وبطبيعة الحال فإن هذا لن يتم إلا إذاتقدم أحد المستفيدين بطلب صرف مبلغ التأمين وإذا لم يتقدم أحد فإن شركة التأمين لن تعرف بحقيقة وفاة المؤمن له .
لكن الجدير ذكره أن أقساط التأمين على الحياة تدفع عادة بصفة دورية )شهرية ربع سنوية نصف سنوية سنوية (.فإذا حان وقت سداد القسط ولم يسدد العميل فإن الشركة تبدأ بإجراء عدة اتصالات بوسائل مختلفة من خلالها ستعرف في النهاية بأمر الوفاة وبالتالي تستدعي المستفيدين وتصرف لهم مبلغ التأمين. أيضاً عمليات التأمين على الحياة تتسم بأنها طويلة الأجل حيث تمتد لعدة سنوات، وتحتفظ شركات التأمين عادة بعلاقة مباشرة ومستمرة مع العميل وبالتالي إذا توفي فستعلم شركة التأمين فوراً بخبر الوفاة عندها تقوم باستدعاء المستفيدين وتسلمهم مبلغ التأمين .



[ALIGN=CENTER]آراء بعض المتخصصين والخبراء عن التأمين في المملكة[/ALIGN]

الاستاذ/ابراهيم القفاري ** متخصص في التأمين

تتميز المملكة العربية السعودية بموقع فريدمن ناحية التأمين بشكل عام والتأمين الالزامي أصبح مطلبا أساسيا وخاصة في نوعين من التغطية التأمين ضد الحوادث الناجمة عن حوادث المرور اضافة إلى التأمين لتغطية الأخطاء المهنية وخاصة الطبية منها فمن حيث الجانب العام يمارس التأمين بالسوق السعودية على نطاق واسع، وبالرغم من أن هذه السوق هي الكبرى بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الا ان هذا النشاط تتم مزاولته في الوقت الحالي دون الضوابط المتعارف عليها ولا يشترط توفر أي متطلبات معينة لممارستة، وذلك لعدم وجود أي اعتراف قانوني أو شرعي فيما يخص التأمين التجاري الممارس حاليا من قبل الغالبية العظمى من الشركات العاملة محليا ما عدا عدد قليل )شركة أو شركتين( فلا يوجد في الوقت الحالى أي شركة رخص لها رسميا بمزاولة هذا النشاط ومعظم تراخيص الشركات عادة ما تكون لتمثيل شركات اجنبية او تقديم خدمات استشارية بدون الإشارة للتأمين في التراخيص او السجل التجاري ويتم ممارسة التأمين من ضمن الانشطة المصرح بها بطريقة غير مباشرة ليكون هو النشاط الاساسي ان لم يكن الوحيد،
ومن ناحيه التأمين الالزامي فإن المملكة تعتبر من الدول القليلة في العالم والوحيدة بين دول مجلس التعاون التي لم تطبق هذا النظام بالرغم من أن التأمين التعاوني كان معمولا به في القوافل التجارية لقبيلة قريش واستمرت ممارستة حتى بعد انتشارالإسلام،
ولم يرد أن الإسلام قد أنكره وهناك فتوى شرعية بهذا الخصوص ولم يستثن إلا التأمين على الحوادث الشخصية بالإضافة إلى أن بعض دعاة الهدى توقفوا عند قضية إعادة التأمين ،
وعدم وجود الزام قانوني بالتأمين ضد مخاطر حوادث المرور أو الأخطاء المهنية فهو مازال اختياريا بالرغم من أن متطلبات بعض الجهات الحكومية وخاصة المشاريع بضرورة توفر تأمين ضد المسؤولية المدينة للغير من المتعاملين معها او مقاوليها أي أن التأمين من الناحية الشكلية والقانوينة مطلوب من قبل الدولة اضافة بأنه ومنذ أكثر من عشر سنوات رفعت وزارة الداخلية طلباً إلى المقام السامي يوضح جدوى تطبيق التأمين الالزامي وقد تم على اثره صدور امر سام بتشكيل لجنة من وزارة الداخلية ووزارة المالية والاقتصاد الوطني ووزارة التجارة لدراسة هذا الموضوع ورفع التوصيات المناسبة بهذا الشأن، وخلصت اللجنة إلى ضرورة تطبيق التأمين الالزامي حيث اتضحت الحاجة الملحة لتطبيقه وذلك للإيجابيات المتعددة للمجتمع ككل بحيث يلقى المتضرر التعويض المناسب دون الحاق الأذي والدمار المادي بالمتسبب ومنذ ذلك التاريخ لم يصدر أي قراربهذا الشأن يحدد تاريخ البدء في تطبيقه ورغم قناعة معظم دول العالم بضرورة تطبيق التأمين الالزامي وذلك لقناعة المسؤولين في هذه الدول بأهمية وجدوى تطبيق النظام على الجميع وقناعة الجهات المعنية بهذا الشأن ممثلة بوزارة الصحة والإدارة العامة للمرور، إلا أننا مازلنا في المملكة بانتظار صدور القرار،
لو ركزنا قليلا عل التأمين ضد الحوادث المرورية فقد أثبتت الدراسات أن حوادث المرور تكلف سنويا ما بين 3-4% من إجمالي الناتج القومي وهذا يعني بالنسبة للمملكة استنفاد ما يعادل 10-12 بليون ريال تعتبر أموالا مهدرة فلو نظرنا الى حجم ما تستورده المملكة سنويا فقط من قطع الغيار بمبالغ تقدر بالمليارات وهذه تعتبر استنزافا لمقدرات، وثروات البلد
وهنا تتضح ضخامة التكلفة المادية للحوادث المرورية ومقدار ما تستنزفة من ثروات مالية للمملكة
أما من الناحية الاجتماعية بالنسبة للتأمين ضد الغير أي المسؤولية المدنية سواء ضد حوادث المرورأو الأخطاء هو فقدان الكثير من الاسر لعائلها أو اصابة العائل اصابة تقعده عن العمل مما يؤدي الى تشتت الاسرة أو لجوئها الى الاستجداء لمواجهة المشاكل المادية التي يتعرضون لها،
كما أن لزيادة الوافدين وقلة الوعي لدى معظمهم كما أثبتت بعض الدراسات إلى أنه أكثر من 40% من الحوادث بسبب العمالة الوافدة وأن 99% من الأخطاء المهنية وخاصة الطبية منها هي من العمالة الوافدة والغير مؤهلة التأهيل المناسب لممارسة المهنة وهذه من إيجابيات تطبيق هذا النظام بحيث أن شركة التأمين تقوم بالتأكد من مؤهلات الطبيب قبل إصدار بوليصة التأمين الخاصة على ألا يصرح له بمزاولة مهنة الطب بدون الحصول عليها ويتم هذا عبرتعيين كفاءات معدة لدى شركات التأمين للتأكد من تأهيل الطبيب التأهيل المناسب لمزاولة المهنة بحيث لا تكون حياة المواطنين حقلا للمتدربين والغير مؤهلين وأعتقد أن الاعلام المقروء والمرئي مليء بالشواهد من هذه الأخطاء وعادة ما يهرب المتسبب دون حساب
ومما سبق يتضح لنا أنه لا يمكن أن نعيش بمعزل عن العالم وقد ادركت معظم دول العالم خطورة عدم تطبيق التأمين الإلزامي لذا فرضت الزامية التأمين في جوانب عديدة بما يضمن لها الحد من الثروات المستنزفة وكذلك تعويض المتضررين واسرهم بشكل يحد من تفاقم الاثار الاجتماعية التي يتعرضون لها ،
وبشكل مفصل يقول الدكتور صالح السياري استاذ القانون الخاص المساعد بجامعة الملك سعود :
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وأودع فيه العديد من الغرائز التي تهدف إلى حفظ النوع البشري ومن هذه الغرائز التي جبل عليها الإنسان غريزة حب البقاء فهي تدفع الإنسان دفعاً للبحث عن الأمن والأمان له ولأفراد اسرته وأمواله ضد كل خطر يتهددها مستخدماً في سبيل تحقيق ذلك كل الوسائل الممكنة، والمخاطر التي تهدد الإنسان متنوعة منها ما يمس كيانه المادي مباشرة كالمخاطر التي تهدد حياته أو صحته ومنها المخاطر التي تمس ممتلكاته بصفة مباشرة ومنها المخاطر التي تمس مسؤوليته المدنية نتيجة للأضرار التي تحلق بغيره نتيجة لفعله الضار،
وإذا كانت المخاطر التي تهدد الإنسان متنوعة فإن مصادرها أيضاً كثيرة ومتنوعة فمنها الحوادث التي تقع بسبب القوة القاهرة مثل الحروب والسيول والأمراض والأوبئة فالأضرار التي تنشأ من قبل هذه الحوادث لايمكن نسبتها إلى جهة معينة أو شخص محدد بذاته حتى يمكن الرجوع إليهم بالتعويض، وهناك مخاطر تنشأ عن الأفعال الضارة التي يمكن نسبتها إلى الآخرين مثل الاعتداء والسرقة وفي هذه الحالة يجب أولاً معرفة المتسبب بالضرر حتى يمكن الرجوع إليه ومطالبته بالتعويض عن الأضرار التي تسبب فيها ولكن قد يكون المتسبب مجهولاً وبالتالي لايمكن مطالبته بالتعويض أو قد يكون هذا المتسبب معروفا ولكن لايمكنه جبر الضرر لعدم ملاءته المالية وقد يكون المتسبب بالضرر هو الشخص المضرور نفسه، في هذه الحالات السابقة كيف يمكن للإنسان مواجهة هذه المخاطر، غريزة حبه البقاء التي أودعها الله سبحانه وتعالى للإنسان التي تدفع الإنسان دفعاً للبحث عن الأمن والأمان لم تجعل موقف الإنسان سلبيا تجاه هذه المخاطر لذلك حاول الإنسان عن طريق وسائل الوقاية أن يقي نفسه من هذه المخاطر إلا أن وسائل الوقاية قد تقلل من المخاطر التي يتعرض لها الإنسان إلا أنها لن تحميه ضد كل المخاطر التي تهدده في حياته وماله لذلك بالإضافة إلى وسائل الوقاية فإن الإنسان لجأ إلي وسائل الادخار للتقليل من الآثار الضارة لهذه المخاطر إلا أن آثار بعض المخاطر قد تكون من الجسامة بحيث لايكفي ادخار الفرد لإزالة آثارها الضارة أو على الأقل التقليل منها لذلك وجد أن أفضل وسيلة يلجأ إليها الإنسان للتقليل من الآثار الضارة للمخاطر التي تهدد الإنسان هي تعاونه مع غيره ممن تهدده نفس المخاطر بحيث إذا تعرض أحد أفراد المجموعة لخطر معين يتم توزيع الخسارة المالية الناشئة عن هذا الخطر على كل واحد منهم وهذا التعاون في تحمل الخسائر هو المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه التأمين،
لذلك لاغرابة أن عرفت الحضارات القديمة الصينية والبابلية والآشورية والفرعونية التأمين الذي نشأ مع نشأة فكرة التعاون، ولقد تطور التأمين وأنواعه مع تطور الحضارة الإنسانية على مر العصور،
وفي المملكة العربية السعودية ظهر نشاط التأمين فيها وإن كان بصورة محدودة منذ أكثر من نصف قرن حيث تذكر بعض المصادر ان شركة أرامكو كانت تؤمن على منشآتها بشكل مباشر مع الشركات الأجنبية أو من خلال وسطاء يعود وجودهم في السعودية لعام 1952،
كما أن التجار في مدينة جدة كانوا يؤمنون على البضائع التي يستوردونها من خلال مكاتب السمسرة ووسطاء التأمين التي كانت تغطي أيضاً احتياجات المقاولين، ومع تطور النمو الاقتصادي الذي شهدته المملكة منذ تأسيسها تطور عدد مكاتب السمسرة والوساطة ووكلاء شركات التأمين،

ويرجع سبب تعطيل العمل بالمواد المتعلقة بالتأمين التي وردت في نظام المحكمة التجارية إلى أن المملكة العربية السعودية تتخذ من أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية دستوراً يهيمن على جميع أنظمة الدولة وغالبية الفقهاء في المملكة العربية السعودية يرون أن عقد التأمين التجاري نوع من أنواع الميسر والقمار المحرم شرعا لذلك يمكننا أن نتفهم غياب التنظيم القانوني لهذا القطاع،

ولكن السؤال الذي يطرح هل التأمين كنظام أو نظرية يتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية؟ الإجابة على هذا السؤال تقتضي معرفة أهداف النظام والأساس الذي يقوم عليه، وأهم الأهداف التي يسعى نظام التأمين لتحقيقها هي:

1 - تحقيق الأمن والأمان للفرد والمجتمع،
2 - إزالة الآثار الضارة التي يتعرض لها الإنسان في نفسه أو ماله نتيجة لتعرضه لبعض المخاطر التي ليس لها حدود في هذا العصر أو على الأقل التقليل من آثارها الضارة،
3 - المحافظة على عناصر الإنتاج المتمثلة في اليد العاملة ورأس المال،
4 - المحافظة على الاقتصاد الوطني عن طريق نشر شركات التأمين للوعي التأميني وعن طريق تضمين عقود التأمين شروطا تهدف إلى الوقاية من الحوادث والإقلال من وقوعها،
5 - تشجيع الاستثمار الأجنبي والحد من هروب الأموال الوطنية إلى الخارج عن طريق التأمين لدى شركات التأمين الأجنبية ضد المخاطر التي تواجه المستثمر المحلي والأجنبي،
وإذا كانت الأهداف التي يسعى لتحقيقها التأمين والفوائد التي تعود على المجتمع والأفراد نتيجة التأمين لاجدال في مشروعيتها بل والدعوة إلى تحقيقها تعتبر مطلبا دينيا ووطنيا فلماذا نجد هذا العداء موجها ضد التأمين؟
هل الأسس الفنية التي يقوم عليها التأمين تخالف أحكام الشريعة الإسلامية؟
بالنظر إلى الأسس الفنية التي يقوم عليها التأمين نجد أنها تقوم على:
1 - مبدأ التعاون:
يفترض التأمين وجود التعان بين المؤمن لهم الذين تهددهم مخاطر متشابهة بحيث يتم توزيع نتائج هذه المخاطر بين المؤمن لهم بحيث يتمكن الفرد من تحمل جزء يسير من هذه المخاطر وبالتالي إزالة الآثار الضارة لهذه المخاطر أو على الأقل تخفيف آثارها الضارة ويكون دور المؤمن هو إدارة التعاون بين المؤمن لهم،
2 - مبدأ المقاصة بين المخاطر:
يتحقق هذا المبدأ بان يقوم المؤمن الذي يدير التعاون بين المؤمن لهم بتجميع الأخطار المتشابهة واجراء المقاصة بينها بحيث يتمكن عن طريق اللجوء إلى مجموع الأقساط الوفاء بالتزاماته نحو المؤمن لهم دون المساس برأس ماله في الغالب،
3 - مبدأ حساب الاحتمالات
حيث يستعين المؤمن بقوانين الاحصاء )الحسابات الاكتوارية( لمعرفة مدى احتمال وقوع الخطر وتحديد قيمة الأقساط الواجب دفعها لتكوين رصيد يزيد عن التعويضات المتوقع الوفاء بها وهذا الرصيد يعتبر أهم ضمان للمؤمن لهم،
وبالنظر إلى هذه الأسس الفنية نجد أنها لاتنافي أحكام الشريعة الإسلامية التي تأمر المسلمين بالتعاون على البر والتقوى وليس هناك شك أن تعاون المؤمن لهم فيما بينهم لتوزيع الآثار الضارة التي قد يتعرض لها بعضهم بين مجموعهم واستخدام الوسائل العلمية لتحديد قيمة الأقساط بما يضمن وجود رصيد كاف لتغطية نتائج المخاطر المتوقع حدوثها لبعض المؤمن عليهم لا تتنافى مع أحكام الشريعة الإسلامية،
إذاً لا أهداف التأمين ولا الأسس الفنية التي يقوم عليها التأمين هو سبب اعتراض علمائنا الأفاضل على التأمين، إذاً فإن عدم جواز التأمين ليس راجعا لا للأسس الفنية التي يقوم عليها ولا لأهداف التأمين وإنما يرجع سبب تحريم التأمين إلى عقد التأمين التجاري وما يتضمنه من مخالفات صريحة لأحكام الشريعة الإسلامية )انظر وجهة نظر الفقهاء حول عدم مشروعية التأمين التجاري وأدلتهم في العديد من الكتب التي تتناول هذا الموضوع والموجودة في المكتبات حيث ان مناقشة الأدلة التي استند عليها العلماء الأفاضل يخرج عن نطاق موضوعنا هذا(،
ولكن هل التأمين كنظام أو نظرية هو عقد فقط، إن النظر إلى التأمين كعقد فقط بين المؤمن والمؤمن له يؤدي إلى نشوء تقارب كبير بين الالتزامات والحقوق التي يرتبها عقد التأمين وعقد الرهان وهذه النظرة لاتعطي صورة حقيقية عن نظام التأمين ومن ثم يجب النظر إلى عقد التأمين على أنه عملية فنية تقوم على أسس فنية ومشروعة أما العقد فهو يشكل عنصرا من عناصر التأمين لا التأمين نفسه،
ومشكلة العقد التي تعتبر وسيلة لتطبيق نظام التأمين يمكن حلها عن طريق اللجوء إلى التأمين التعاوني وهذا الشكل من اشكال التأمين نلاحظ انتشاره ليس على مستوى العالم العربي بل على مستوى العالم الغربي نفسه نظراً لما يتمتع به من خصائص ومميزات لاتوجد في التأمين التجاري وتتفق مع مبادئ الأخلاق وتحمي المؤمن له من جشع وطمع شركات التأمين التجاري،
وحيث ان التأمين التعاوني يتفق مع التأمين التجاري من حيث الأسس الفنية التي يقوم عليها إلا أن صافي فائض عمليات التأمين الناتج من الفرق بين قيمة الاشتراكات وقيمة التعويضات تعتبر ربحا للمؤمن وفق التأمين التجاري إلا أنها وفق التأمين التعاوني تعتبر ربحا لجميع المؤمن عليهم الذين يعتبرون في نفس الوقت هم المساهمين في شركة التأمين التعاوني وترد عليهم على صورة تخفيض في أقساط التأمين لذلك يلاحظ أن أقساط التأمين التعاوني تميل إلى الانخفاض بالتدريج سنوياً بينما أقساط التأمين التجاري تميل إلى الارتفاع سنوياً لأن هدف التأمين التعاوني هو تقديم خدمة التأمين بأقل الأقساط الممكنة بينما هدف مالك شركة التأمين التجاري هو تحقيق أكبر قدر ممكن من الربح،
ونظراً لأن عقد التأمين التعاوني يخلو من جميع المحاذير الشرعية التي تشوب عقد التأمين التجاري التي لامجال لذكرها الآن لذلك فإن عقد التأمين التعاوني يجيزه جميع فقهاء الشريعة الإسلامية المعاصرين على حد علمي، وبالنظر إلى أن التأمين التعاوني يحقق الوظائف الاقتصادية والاجتماعية التي يحققها التأمين التجاري وحيث انه يمكن تطبيقه في الواقع العملي بل بالحقيقة تم تطبيقه في الواقع العملي في الدول الغربية وحقق نجاحاً كبيراً وأخذ حصة كبيرة من سوق التأمين في هذه الدول لذلك فإن اللجوء للتأمين التعاوني هو البديل الأمثل للتأمين التجاري،
عند توحيد المملكة العربية السعودية على يد الملك عبدالعزيز رحمه الله، كان المجتمع السعودي مجتمعاً بسيطاً يكفي نظام الزكاة ونظام التكافل العائلي لتأمين أفراده ضد المخاطر البسيطة التي قد يتعرض لها في ذلك الوقت، ولكن بعد اكتشاف البترول في المملكة العربية السعودية في الربع الأول من هذا القرن شهدت المملكة تطوراً هائلاً في جميع الميادين،
ولقد كان لمتابعة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتقدم العلمي التي تشكل محور خطط التنمية في المملكة العربية السعودية بهدف اللحاق بركب الدول المتقدمة، ونتيجة لتسخير الثروة الناتجة عن البترول لتنفيذ خطط التنمية الطموحة انتقل الاقتصاد السعودي من الاقتصاد القديم المتخلف إلى الاقتصاد الحديث المخطط وهذا التطور الاقتصادي والعلمي والاجتماعي تطلب وضع العديد من الأنظمة التي تساير هذاالتطور لضمان التوازن بين المصالح العامة والخاصة من جهة وتحقيق التوازن بين مصالح الأفراد فيما بينهم من جهة أخرى، إلا أن قطاع التأمين في المملكة العربيةالسعودية لم يجد نفس الاهتمام الذي وجدته الأنظمة الاخرى من المنظم السعودي على الرغم من أن نظام المحكمة التجارية الصادر بالمرسوم الملكي رقم )32( عام 1350ه الموافق 31/5/1931 أفرد للتأمين عدداً من المواد المادة )324( وما بعدها إلا أن هذه المواد معطلة على الرغم من سريان هذا النظام، ويرجع ذلك إلى أن المملكة العربية السعودية تتخذ من أحكام القرآن الكريم والسنة النبوية دستوراً يهيمن على جميع أنظمة الدولة وجمهور الفقهاء في المملكة يرون أن عقد التأمين التجاري نوع من أنواع الميسر والقمار المحرم شرعاً لذلك من الممكن أن نتفهم غياب التنظيم القانوي لهذا القطاع،
ولكن السؤال الذي يُطرح هل التأمين كنطام أو نظرية يتنافى مع احكام الشريعة الإسلامية ؟! الإجابة على هذا السؤال تتطلب معرفة أهداف هذا النظام والأساس الذي يقوم عليه

وأهم أهداف التأمين
1- تحقيق الأمن والأمان للفرد والمجتمع
حيث ان طلب الأمن غريزة أودعها الله سبحانه وتعالى الإنسان كي يحافظ على حياته وماله ومصالحه وهو حق للفرد والجماعة وواجب عليهم وفق أحكام الشرع الحنيف، والتأمين يهدف إلى ازالة الآثار الضارة التي تصيب الإنسان في نفسه أو ماله الناجمة من تعرضه لبعض المخاطر التي ليس لها حدود في هذا العصر - أو على الأقل التقليل من هذه الآثار الضارة
2- كذلك يهدف إلى المحافظة على عناصر الانتاج المتمثلة في اليد العاملة ورأس المال
3- للتأمين أثر وقائي في المحافظة على الاقتصاد الوطني عن طريق نشر شركات التأمين للوعي التأميني وعن طريق تضمين عقود التأمين لشروط تهدف إلى الوقاية من الحوادث والإقلال من وقوعها ،
4- يهدف كذلك إلى تجميع رؤوس الأموال وتوجيهها للمساهمة في تحقيق النتيجة الاقتصادية والاجتماعية
5- يؤدي إلى تشجيع الاستثمار الأجنبي والحد من هروب المال الوطني للخارج عن طريق التأمين ضد المخاطر التي قد تواجه المستثمر المحلي أو الأجنبى،
وإذا كانت الفوائد التي يحققها التأمين للفرد والمجتمع لاجدال في مشرروعيتها بل والدعوة إلى تحقيقها مطلب ديني ووطني فلماذا نقف ضد التأمين؟ هل التأمين كفكرة ونظرية ونظام يخالف احكام الشريعة الإسلامية؟
سبب هذا الموقف هو النظر لعقد التأمين التجاري وما يتضمنه من مخالفات صريحة لأحكام الشريعة الإسلامية، ولكن هل التأمين كنطام أو نطرية هو عقد فقط،إن النظر إلى التأمين كعقد فقط أي علاقة قانوينة بين المؤمن والمؤمن له يؤدي إلى نشوء تقارب كبير بين الالتزامات والحقوق التي يرتبها عقد التأمين وعقد الرهان وهذه النظرة لا تعطي صورة حقيقية عن نطام التأمين،
فإذا نظرنا إلى التأمين على أنه عقد يلتزم بمقتضاه المؤمن بأن يدفع للمؤمن له أداء معينا عند تحقق الخطر المبين في العقد مقابل دفع قسط أو أقساط دورية فإن هذه النظرة تحول نظام التأمين من نظام إلى مجرد عقد رهان بين طرفين ،
وحتى لا يتحول نظام التأمين إلى مجرد ضرب من القماروالميسر يجب النظر إلى الأسس الفنية التي يقوم عليها نظام التأمين يُنظرإلى التأمين باعتباره عملية فنية تنظم التعاون بين المؤمن لهم عن طريق تجميع مجموعة من المخاطر واجراء المقاصة بينها وفقاًَ لقوانين الاحصاء،
وبالتالي فإن الأسس الفنية للتأمين تقوم على عدة مبادئ
أولاً : مبدأ التعاون
يستلزم التأمين وجود التعاون بين المؤمن لهم حيث لا يستطيع الانسان بمفرده مواجهة المخاطر التي قد يتعرض لها ويكون لها تأثير سلبي على كيانه المادي )جسمه( أو على ذمته المالية أو على أفراد أسرته ولكن بتعاونه مع غيره ممن تتهددهم نفس الأخطار يمكن توزيع نتائج هذه المخاطر على الجميع ومن ثم تخفيف آثارها بحيث يستطيع الفرد تحمل جزء يسير من هذه المخاطر وتصبح مهمة المؤمن في هذه الحالة هي إدارة التعاون بين المؤمن لهم وبالتالي يجب النظر إلى التأمين على اعتباره نظاما يهدف الى تحقيق التعاون بين الأفراد عن طريق مساهمة كل فرد في الرصيد المشترك بهدف تغطية المخاطرالتي قد يتعرض لها الفرد والتخفيف من الآثار السلبية لهذه المخاطر،
ولهذا يمكننا القول بأن التأمين يرتبط وجوده بوجود التعاون فلا يتصور وجود التأمين بدون تعاون، فإذا التزم شخص بمفرده بضمان خطر احتمالي مقابل مبلغ معين فإن هذه العملية تعتبر عملية رهان لا عملية تأمين لأن من المحتمل اعسارأو افلاس الشخص الذي التزم بالضمان، أما في التأمين حيث يفترض تعدد المؤمن لهم ومهمة المؤمن هي ادارة التعاون بينهم فإن تفتيت هذه المخاطر يعتبر أهم ضمان للمؤمن لهم ،
ثانياً : مبدأ حساب الاحتمالات
حيث يستعين المؤمن بقوانين )الحسابات الاكتوارية( لمعرفة مدى احتمال وقوع الخطر وتحديد قيمة الأقساط الواجب دفعها لتكوين رصيد يزيد عن التعويضات المتوقعة ،
ثالثاً: مبدأ المقاصة بين المخاطر ،
يتحقق هذاالمبدأ بتجميع المؤمن الأخطار المتشابهة واجراء المقاصة بينها بحيث يستطيع عن طريق اللجوء إلى مجموع الأقساط الوفاء بالتزاماته دون المساس في الغالب برأسماله،
وهكذا فالنظرالى نظام التأمين على انه عقد فقط يظهرتصوراً منافياً لحقيقة نطام التأمين ومن ثم يجب النظر إلى التأمين على أنه عملية فنية تقوم على اسس علمية ومشروعة أما العقد فهو يشكل عنصراً من عناصر التأمين لا التأمين نفسه،
ومما سبق يتضح أن المشكلة التي تواجهنا هي مشكلة عقد التأمين لاالتأمين نفسه باعتباره نظرية أو نظاما، ومشكلة العقد التي تعتبر وسيلة لتطبيق نظام التأمين يمكن حلها عن طريق اللجوء إلى التأمين التعاوني وهذاالشكل من أشكال التأمين نلاحظ انتشاره ليس على مستوى العالم العربي بل على مستوى العالم الغربي نفسه نظراً لما يتمتع به من خصائص ومميزات لا توجد في التأمين التجاري وتتفق مع مبادئ الأخلاق ،
وحيث ان التأمين التعاوني يتفق مع التأمين التجاري من حيث الأسس الفنيةالتي يقوم عليها حيث ان المؤمن في الغالب لا يحتمل عبء تغطيةالمخاطر بل ينقلها إلى الرصيد المتكون من تجميع اشتراكات المؤمن لهم واستثمار هذا الرصيد وتتكون أرباحه من الفرق بين هذا الرصيد والأداءات التي أداها لمن توافرت فيهم شروط استحقاقها ونظراً لأن عقد التأمين التعاوني يخلو من جميع المحاذيرالشرعية التي تشوب عقد التأمين التجاري التي لا مجال الآن لذكرها وبالتالي فإن عقد التأمين التعاوني يجيزه اغلب فقهاء الشريعة الإسلامية المعاصرين وبالنظر كذلك إلى أن التأمين التعاوني يحقق الوظائف الاقتصادية والاجتماعية التي يحققها التأمين التجاري فإن اللجوء إلى التأمين التعاوني هوالبديل الأمثل للتأمين التجاري،
وإذا كان لدينا البديل الذي لايتعارض مع ديننا ومبادئنا فلماذا هذا الفراغ التنظيمي عندنا لقطاع التأمين، هل أموال الزكاة التي تجمعها الدولة والجمعيات الخيرية قادرة على تغطية المخاطر التي يتعرض لها الأفراد لو كان الحال كذلك لما انتشر لدينا سماسرة ووكلاء شركات التأمين الأجنبية ولا انتشرت شركات التأمين الوطنية التي تعمل اغلبها بدون ترخيص رسمي على حد علمي، لماذا بدأت في الآونة الأخيرة تظهر الى النور الصناديق العائلية لتحقق مبدأ التكافل العائلي وإذا علمنا أن اجمالي حجم اشتراكات التأمين في المملكة يقدر بحوالي ثلاثة مليارات ريال )دراسة اعدتها التعاونية للتأمين عن نشاط التأمين في المملكة لعام 1998(
هذا مع الأخذ بعين الاعتبار ضعف الوعي التأميني لدى العملاء الذين لايقومون إلا بتأمين الأصول الأكثر تعرضاً للخطر بالإضافة إلى أن الوجدان الديني والعوامل الثقافية تحد من إقبال الافراد على التأمين التجاري خاصة اذا عرفنا أن عقد التأمين التجاري يتضمن الغرر والرباالمحرم شرعاً ،
وبالتالي فلا نتصورأن يقدم مسلم على الدخول في عقد التأمين التجاري وهو يقرأ الفتاوى التي تحرم مثل هذا التأمين وانه يعتبر نوعاً من الميسر ويتضمن ضمن المخالفات الشرعية التي يتضمنهاالربا وهو يقرأ قوله تعالى :
"يأيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تَظلِمون ولا تُظلَمون"،
أما فيما يتعلق بمن أقدم على التأمين فإننا نحسن الظن بهم فربما أنهم أخذوا برأي القلة من العلماء الذين يرون مشروعية التأمين التجاري مثل الشيخ الزرقاء والشيخ الخفيف مع العلم بأنهم لم يبيحوا التأمين التجاري إباحة مطلقةوإنما اشترطوا تخليصه من شوائب الربا والشروط الفاسدة أو انهم قاموا بالتأمين لدى شركات التأمين التي ترفع شعار التأمين التعاوني واقتنع الأفراد بمدى مشروعيته فإن حجم اشتراكات التأمين سوف يتضاعف أكثر من مرة نظراً لما يحققه من فوائد سواء للفرد أو المجمتع،
ومن هنا فإننا نرى أن أهم عائق أمام تطوير صناعة التأمين في المملكة العربية السعودية هو الفراغ التنطيمي لهذا القطاع ،
ومن أهم النتائج السلبية لهذا الفراغ التنظيمي
1( حرمان المجتمع من تكوين رؤوس أموال كبيرة واستثمارها بما يحقق مصالح الفرد والمجتمع وذلك نتيجة لاقتناع الغالبية بعدم مشروعية التأمين التجاري وعدم الثقة في الشركات التي ترفع شعارالتأمين التعاوني لعدم وجود نظام يحدد آلية عمل هذه الشركات بما يتفق مع احكام الشريعة الإسلامية
2( يترتب على النتيجة السابقة حرمان الأفراد والمجتمع من المزايا التي يحققها التأمين،
3( الفراغ التنظيمى أدى إلى أن تضع شركات التأمين شروطا في عقود التأمين قد تؤدي إلى حرمان المؤمن له من التمتع بمزايا التأمين التي كان ينتظرها،
وعلى سبيل المثال الشركة التعاونية للتأمين وهي شركة رأس مالها حكومي يفترض انها بديل إسلامي لشركات التأمين التجاري التي تهدف إلى الربح أوجدت فرعاً يهتم بتغطية المصاريف الطبية للأفراد أطلقت عليه اسم تاج الطبي وعند توقيع المؤمن له العقد يتم تخييره بين أن يذهب مباشرة لمستشفيات ومراكز صحية خاصة تم التعاقد بينها وبين التعاونية للتأمين يتم بموجبه علاج المؤمن عليه على حساب التعاونية للتأمين أو أن يذهب إلى أي مستشفى أو مركز خاص ليس بينه وبين التعاونية اتفاق تقوم بعدها الشركة بتعويض المؤمن عليه عن المصاريف التي أنفقها مثل أتعاب الأطباء ومصاريف العلاج على أن لا تتجاوز هذه المصاريف مبلغاً معيناً،
وبالذهاب إلى المستشفيات والمراكز الخاصة المتعاقد معها يفاجأ المؤمن عليه المريض بأن مصاريف الفحوصات والأشعة والتحاليل والتنويم التي تزيد قيمتها على المبلغ المتفق عليه لا يتم تغطيتها إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة من التعاونية للتأمين وتبرير التعاونية للتأمين لشرط الحصول على الموافقة المسبقة هو أن تحمي نفسها من جشع وطمع المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة من استغلال وثيقة التأمين بعمل فحوصات غير ضرورية أو تنويم غير ضروري إن من حق التعاونية للتأمين أن تحمي نفسها ضد هذا الجشع ولكن لا يكون ذلك على حساب المريض المؤمن عليه، فبإمكانها أن تضع في عقد الاتفاق الذي يتم بينها وبين المستشفيات والمراكز الصحية الخاصة شرطاً يتضمن عدم التزامها بدفع المصاريف للمستشفى أو المركز الطبي إذا ثبت أنه قام بعمل فحوصات غير ضرورية للمريض ولكن التعاونية عندما تشترط عدم علاج المريض قبل حصوله على الموافقة المسبقة فإن هذا يؤخر العلاج والوقت لمثل هذا المريض مهم جداً، أما إذا اختار المريض الحل الثاني وهو الدفع مباشرة فإن عملية التعويض عن المصاريف التي دفعها المريض قد تتأخر وهذا قد يحول دون إقبال الناس على التأمين،
4( في حالة وجود نزاع بين المؤمن له والمؤمن، ماهي المحكمة المختصة بفض النزاع؟
وفقاً لنصوص نظام المحكمة التجارية الذي سبق الإشارة إليه فإن وزارة التجارة هي الجهة المختصة بفض المنازعات التي تنشأ عن عقد التأمين ويؤيد ذلك قراراللجنة الوزارية المشكلة بالأمر السامي رقم )8151( وتاريخ 9/4/1398ه للنظر في موضوع الاختصاص في فصل المنازعات الناشئة عن التأمين التي أقرت استمرار وزارة التجارة في الاشراف على حل منازعات التأمين، وتمشياً مع تحريم فقهاء المملكة للتأمين فإن المحاكم الشرعية والدوائر التجارية في ديوان المظالم المختصة بنظر المنازعات التجارية ترفض النظر في منازعات التأمين لعدم مشروعية عقودالتأمين وبالتالي فإن الجهة المختصة بنظر منازعات التأمين هي وزارة التجارة ولتحقيق هذا الغرض تشكل في وزارة التجارة لجنة تقوم بدراسة النزاع المعروض متى كانت قيمته لا تزيد عن مائة الف ريال أما اذا زادت عن مائة الف ريال فتقوم الوزارة بمحاولة الإصلاح بين المتنازعين وإن أصر كل من المتنازعين على رأيه يتم اللجوء إلى التحكيم،
5( الفراغ التنظيمي أدى إلى عدم وجود هيئة إشرافية لتنظيم ومراقبة سوق التأمين لأن عمل هذه الهيئة يفترض وجود نظام ينظم العلاقات الناشئة عن التأمين ويفرض ضمانات للمؤمن عليهم قبل المؤمن للحصول على حقوقهم ويرسم الإطار العام للنظام الأساس لشركات التأمين ويحدد القواعد التي تحكم تسجيل الشركات وممارستها لأعمالها،
6( كذلك أدى الفراغ التنظيمي إلى هجرة الكثير من اشتراكات التأمين إلى الخارج،
وللقضاء على هذه السلبيات يتطلب وجود تنظيم قانوني للتأمين التعاوني الذي أجازته هيئة كبارالعلماء في المملكة وطالما أن هذا النوع من التأمين جائز شرعاً ويحقق المصالح التي يحققها التأمين التجاري المحرم، فمتى يرى النور مثل هذا النظام الذي يخدم المصلحة الوطنية أفراداً ومجتمعاً؟
وإذا كان البعض يرى صعوبة وضع مثل هذا النظام وتطبيقه إلا أنه في الحقيقة يمكن وضع نظام للتأمين التعاوني يستطيع أن يعالج كافة مشاكل التأمين التجاري ولا يتعارض مع الواقع العملي ،