هي قصة رسائل هذه إحداها والبقية بإذن الله تأتي
....
تذكرني هذه الليالي بك, شجون الأفكار التي تتسلقني وتشاركني تحركاتي وسكناتي تنأى بي نحوك..
لأظل أكتب وأكتب وأنا في غمرة التشتت والارتباك, فـ بربك لا تنزعجي من ثرثرتي.
صديقتي, هل الفرح مربك إلى هذه الدرجة؟
إلى ما أبعد من حد الانتشاء, إلى خوف بارد, يتسلل إلى الروح ببطء فيجمد كل ما فيها من دفء..
ألم أخبركِ أن حبيب الشمس قد حانت له الفرصة للالتقاء بشمسه..
لم أصدق هذا بادئ الأمر, عرفتُ كيف يمكن للإنسان أن ينبت له جناحان يطيران به إلى ما فوق النجوم, ويزمجر هناك أمام كل ما سبق من أيام أن يا أمس لم تضع هباءً, هناك قوافل النجوم ترقص بنشوة..
ما أصدق احتفال الجمال يا صديقتي.
أردتها أمامي لأحتضنها بعدما هاتفتني لتخبرني أن أمها ستتقدم لخطبتي, لكنها لم تكن هنا, لا أحد كان معي في ذلك الحين, فلم أملك إلا أن أتشبث بكلتي يدي في سماعة الهاتف, وأهمس لها أقسمي لي !
لم أسمع سوى ضحكها قبل أن تقول: توقعت أن يقع عليك الخبر كما وقع عليكِ الآن, بل إني خشيتُ أن يتوقف قلبكِ عن الخفقان, أتعلمين أنه كان يرجوني أن أتركه يبلغكِ الخبر بنفسه؟
- لا لا أرجوكِ, لن أمسك نفسي حينها.
- عن ماذا؟
- أن تطلق سراح روحها..
- ماذا تقولين, مابك؟
- ماذا لو لم يتم الأمر!
- "أنتِ وشطارتك عاد" ..
كانت المرة الأولى التي أشعر فيها بالرعب من والديّ, ماذا لو رداه؟
آه ما أقسى تلك اللحظات, تمنيت لو القدر كتاب أستطيع فتحه, وعلمت أن لو كان كذلك ستحجم يدي عن مسه, بل سأسجد لله وأبتهل أن ينتهي كل شيء كما نريد ونتمنى.
أردت ابتداء القصة مني أنا, أخبرتُ أمي بصوتِ يرتجف قلقاً, خجلاً وخوفاً, دائماً كنت هكذا عندما أريد التحدث معها في شأن خاص, تباً, هل كان علي أن أتأخر إلى هذه اللحظة لأكتشف كم كنتُ بعيدة عنها؟
لم تبتسم أمي, لم تبتهج, لم .....
تمنيت أن أستيقظ من نومي, تمنيته كابوساً مريعاً, أردت أن أصرخ: أمي أنه أفضل من كل من تقدموا قبله ورضيتيهم ورفضتهم أنا لأني أحبه, لكنها سبقتني بقولها:
من الآن وحتى يتقدموا رسمياً دعيني أشاور أباك مبدئياً..
ياااااااااه ثمة نور يتسلل من بين الغمام..
بعد أيام أماتتني فيها مخاوفي مرات لتحييني الآمال من جديد جاءتني نوارة الدنيا أمي بالخبر اليقين, تمت الموافقة المبدئية وبما أنكِ تقولين أنكِ صديقة أخته فبالتأكيد تعلمين عنه كل شيء؟
- آه .... قد لا يكون كل شيء!
ابتسمت لي أمي, فكري ملياً لكِ ما شئتِ من أيام...
وللمرة الأولى منذ سنين طويلة دلفتُ لذراعيها المشرعتين مذ عرفتهما, همست لي ... الله يوفقك يا بنتي.
وقبل يومين فقط ألبسني خاتماً في يدي اليسرى يا صديقتي..
برغم أملي الكبير, وشوقي لهذا اليوم, برغم كل لحظات الانتظار المريرة والابتهالات الدامعة لم أستطع أن آمن الأقدار حتى هذه اللحظة!
فمتى ستهدأ روحي؟
ارتقبيني....
صديقتكِ : الشمس...
