سوف يقطعون إذني بلا شك..لمَ...لمْ يطلقوا النار علي...؟ لم يا صديقي وضعت جسدك متراسا لي؟ ..أتريد أن تنعم بموت يحتضن جسد متكامل وانعم أنا برأس ذو أذن مبتورة؟...تسارعت دقات قلبي بشدة وصفير في أذني كأنه صفير القطار القابع خلف بيتنا منذ دهور...
انهم يتقدمون نحوي...
هذه الشمس تودع النهار بوعد صادق للالتقاء غدا و ها أنا أودع صديقا ..لا بل..أخا...بلا وعد و لا لقيا...و ها هو يتركني مع ذئاب بشرية تسمن وتتكاثر كل ثانية لأنها تقتات دمائنا خبزا...
اقتربوا اكثر...
وأنا أهز جسدك ودماءك الحارة كنافورة تندفع في وجهي...اكثر...كم أنت ثقيل ؟ و كم أنت وسيم ...للمرة الأولى أراك بوسامة تليق بالفتيات لكن بشاربين...كيف شئت أن تترك الحياة دون أن تتنعم بزوجة..؟
يا لغرابتي..أية أسئلة تافهة مرقت في بالي في تلك اللحظة التي اختلط فيها لون السماء وهي تلبس حلة السواد لليل قادم مع لون دم صديقي ووجوه الجلادين ..لونها اصفر؟...لا بل..اخضر...اعتقد...انهم في كل ثانية متلونين...لم أتوصل قط إلى اللون الذي يكسوهم...
صرخت...انتظروا ..أحدنا جريح...إلى الجحيم...أولاد الـ(...) ..قفزت إلى ذهني فكرة...أن يقطعوا أذني لهربي...أنا هارب الآن...والقرار صريح...اقطعوا أذنه إذن و ووشموا جبهته ..ما افعل يا الهي؟..
اقتربوا اكثر...
كانت الحدود التي احتضن فيها صديقي ومن خلفي البلد الجار الذي كنا ميممين صوبه ...بحثا عن حرية لا موجودة...و أمامي بلدي المترع بالجلادين...تكالبت هذه الأمكنة في تلك اللحظة...لتشكل حولي سجنا ثلاثي الأبعاد..لا سقف له...لكن..لا يسمح بالهرب...
اقتربوا اكثر...
ما افعل؟..قلت..صرخت...ويداي تقطران سائل احمر هو دم صديقي في رحلتنا نحو الحرية.....انتم أولاد الـ(...) ورئيسكم ابن أل(...)...انتفض عقلي ..الآن سوف تختلف التهمة...أكيد ستصبح سبابا وشتما علنيا صريحا لرئيس الدولة...اعتقد الآن سأنال شرف الإعدام بجسد متكامل دون إذن مبتورة
تذكرتكِ...الآن..حين كنتِ دائما ترددين "أن لنا طرقا للتحايل على الموت..ابسطها الذهاب للطبيب"...أنا الآن تحايلت على بتر أذني...
اقتربوا...
ماذا قلت...؟ صراخ أشبه ما يكون بصراخ الجن في حفلة ماجنة,,,تهالكت كل صور الضعف التي بداخلي...وانتفضت جدارا حديديا يلبسني...صرخت مجددا وبتحد هذه المرة...انتم أولاد الـ(...) ورئيسكم ابن الـ(...) ...تناهى إلى سمعي صوت سحب أقسام الرشاش من أحدهم...كم كانوا؟ اثنين؟ ثلاثة؟ لا ادري...
يا صديقي أخبرتك إننا سنحتاج إلى أي نوع من السلاح ورفضت متحججا انه سيكون إدانة جديدة لنا في حال تم الإمساك بنا..وجئتني مرتحلا متأبطا دفترك المليء بأوراق شعر وخواطر..ملوحا..هذا سلاح..هذه رصاصاتي..وسترى الفتوحات التي ستقوم بها كلماتي تلك...لا تهزأ بها..وكانت مجرد أشعار غزل..و خواطر شوق..وبضعة أوراق بشأن الحكومة تم سحبها لتوضع في ملف المحاكمة الصورية لتثبت إدانتنا...أتلفوا الباقي..أتلفوا رصاصاتك....و ها أنت تذهب اعزل...و أبقى أنا اعزل...لا أستطيع الدفاع عن نفسي..كان سلاح شجاعتي...لساني..لا غير...لا اكثر...
اقتربوا...
كان المساء قد دخل سريعا..أصبحت الظلمة سيدة المكان...وعواء الكلاب أو ربما بنات آوى اكثر سيطرة من أصواتهم...وربما هي الأخرى أخافتهم...
اقتربوا مني اكثر..
كنت واقفا...دماءك يا صديقي كانت الماء المقدس الذي عمدتني به و رحلت...
اقتربوا
سلط أحدهم ضوءا عليك...وأنت على الأرض بشكل حرف (و)...ركلك بقدمه...ليتأكد من انتصاره.... الثاني سلط الضوء علي وجهي...هالهم منظر الدماء...الذي يغطيني...لم أتحرك (لماذا لم أتحرك؟)...صرخ أحدهم...ماذا قلت توا...؟ أعدت السباب والشتائم ..بهدوء اكثر وكتلميذ شاطر حفظ الدرس للتو...كنت مصرا على أن اتقمص التهمة هذه وإلغاء تهمة الهرب...ضربني أحدهم على رأسي بمؤخر رشاشه..تألمت...وفي هنيهة..جاءت أمي لتسألني ماذا فعلت اليوم في المدرسة..ليضربوك على رأسك؟ هناك آثار ضرب...ماذا أقول لامي إن رأت آثار رشاشك...أيها الغبي؟ لا بأس سأقبلها...واكذب بعض الشيء وستقتنع على مضض إنها مشادة صبيانية...
هل تشتم الرئيس؟ لن تفتقد صديقك طويلا..ستلتقيان أيها الحقراء الخونة قريبا...
لفظ الكلمتين (خونة) و (حقراء) ..أصبحت دروب جهنم تتراءى لي فردوسا في تلك اللحظة...ماذا افعل وقد قيدوا يداي للخلف...أي سلاح...آخر ما تبقى لي..بصقة ...حملتها...الموت الذي اخذ صديقي...وفشلي...في اجتياز الحدود...و رغبتي في أن لا أودع أذني...بصقت بوجهه...ضم قبضته...وجاءت لتدخل عيني اليمنى...تراءى لي أن فص عيني صار لاصقا بقبضة يده...لكن لا...مجرد دوائر حمراء متحدة المركز تداخلت...أسعفتني عيني الأخرى...لا بد لله حكمة في إعطائنا عينين اثنين...ربما احتجنا إحداهما لموقف مثل هذا..
رأيته..نظرت له...أردت أن احفظ ملامح وجهه..كانت البصقة ما تزال على وجهه...لم يمسحها..عاقبني قبل أن يفكر بآثار إهانته...اقتادوني ..صعدت إلى السيارة التي لم تكن سيارة...وكنت أنت قد غادرتك...وحيدا...هل اسألهم...أن يحملونك؟ أن يدفنوك. أن يتأكدوا فيما إذا كان بالإمكان إنقاذك...لم استطع...ولم تستطع أنت أن تنادي...
في البداية كانت المسافة التي تفصلني عنك قليلة..صغيرة...تباعدت...أصبحت وديانا...ثم صارت صحراء متساوية الأضلع...وأزيز محرك السيارة والهواء الذي يضربني ..أرغماني على أن لا أفكر بمد البصر نحوك..وأذى عيني هو الآخر..قرب لي الاستسلام...
فنمت...
نمت نوما هانئا عميقا...وكأن الألم...والفشل...والموت...تلك اللحظة ..اتحدوا لكي يهدهدونني..فنمت...تصبح على خير يالحبيب
[sound]http://songs.6arab.com/7atim..5abarooni-3ana.ram[/sound]
مودتي
رجاء جمعة سلمان