[align=center]
**السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته**
وعد الحر دين...
وكما وعدت...عدت...
سيدي الغالي أسيف...
إن القلب الذي تنمو بداخله بذرة الخير...
لايمكن أن تنمو بجانبها بذرة البغض والشر...
بل هو قلب محب لكل الناس....
محب لكل ما هو لله تعالى...
محب دائما للخير لنفسه وللجميع أيضا...
و أخال قلبك و قلوب الكثير من إخواني وأخواتي الدرريين كذلك...
ربما فقط في قساوة الحياة من تجعلنا نأخذ الحذر أحيانا...
واسمح لي سيدي أن أستغل ردي عليك...
و أقتبس بعضا من درر السيد قطب
من ¤`` أفــراح الــروح ``¤
فحين أقرأ لـه رحمه الله فإنني لأبحر في محيط واسع
من المفاهيم النبيلة والغايات السامية...
أمنيتي أن نستفيد من بعضها هنا....
,,,,,,,,,,,,,,
(1)
عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود !
أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض !
إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة، نربحها حقيقة لا وهماً، فتصور الحياة على هذا النحو، يضاعف شعورنا بأيامنا وساعاتنا ولحظاتنا. وليس الحياة بعدِّ السنين، ولكنها بعداد المشاعر. وما يسميه (الواقعيون) في هذه الحالة (وهماً) ! هو في الواقع (حقيقة) أصح من كل حقائقهم ! لأن الحياة ليست شيئاً آخر غير شعور الإنسان بالحياة. جرد أي إنسان من الشعور بحياته تجرده من الحياة ذاتها في معناها الحقيقي ! ومتى أحس الإنسان شعوراً مضاعفاً بحياته، فقد عاش حياة مضاعفة فعلاً..
يبدو لي أن المسألة من البداهة بحيث لا تحتاج إلى جدال !
إننا نعيش لأنفسنا حياة مضاعفة، حينما نعيش للآخرين، وبقدر ما نضاعف إحساسنا بالآخرين، نضاعف إحساسنا بحياتنا، ونضاعف هذه الحياة ذاتها في النهاية !
,,,,,,,,,,,,,,
(2)
بذرة الشر تهيج، ولكن بذرة الخير تثمر، إن الأولى ترتفع في الفضاء سريعاً
ولكن جذورها في التربة قريبة، حتى لتحجب عن شجرة الخير النور والهواء
ولكن شجرة الخير تظل في نموها البطيء، لأن عمق جذوره في التربة يعوضها عن الدفء والهواء..
مع أننا حين نتجاوز المظهر المزور البراق لشجرة الشر، ونفحص عن
قوتها الحقيقية وصلابتها، تبدو لنا واهنة هشة نافشة في غير صلابة حقيقية !..
على حين تصبر شجرة الخير على البلاء، وتتماسك للعاصفة، وتظل في نموها
الهادئ البطيء، لا تحفل بما ترجمها به شجرة الشر من أقذاء وأشواك !
,,,,,,,,,,,,,,
(3)
عندما نلمس الجانب الطيب في نفوس الناس، نجد أن هناك خيراً كثيراً
قد لا تراه العيون أول وهلة !
لقد جربت ذلك. جربته مع الكثيرين.. حتى الذين يبدو في أول الأمر
أنهم شريرون أو فقراء الشعور..
شيء من العطف على أخطائهم وحماقاتهم، شيء من الود
الحقيقي لهم، شيء من العناية ـ غير المتصنعة ـ باهتماماتهم وهمومهم..
ثم ينكشف لك النبع الخَيِّر في نفوسهم، حين يمنحونك حبهم
ومودتهم وثقتهم، في مقابل القليل الذي أعطيتهم إياه من نفسك، متى أعطيتهم إياه
في صدق وصفاء وإخلاص.
إن الشر ليس عميقاً في النفس الإنسانية إلى الحد الذي
نتصوره أحياناً. إنه في تلك القشرة الصلبة التي يواجهون
بها كفاح الحياة للبقاء.. فإذا أمنوا تكشفت تلك القشرة الصلبة
عن ثمرة حلوة شهية..
هذه الثمرة الحلوة، إنما تتكشف لمن يستطيع أن يشعر الناس بالأمن
من جانبه، بالثقة في مودته، بالعطف الحقيقي على كفاحهم وآلامهم،
وعلى أخطائهم وعلى حماقاتهم كذلك.. وشيء من سعة الصدر في
أول الأمر كفيل بتحقيق ذلك كله، أقرب مما يتوقع الكثيرون..
لقد جربت ذلك، جربته بنفسي. فلست فلست أطلقها مجرد كلمات مجنحة وليدة أحلام وأوهام !
,,,,,,,,,,,,,,
(4)
عندما تنمو في نفوسنا بذور الحب والعطف والخير نعفي
أنفسنا من أعباء ومشقات كثيرة. إننا لن نكون في حاجة إلى
أن نتملق الآخرين لأننا سنكون يومئذ صادقين مخلصين
إذ نزجي إليهم الثناء. إننا سنكشف في نفوسهم عن كنوز من الخير
وسنجد لهم مزايا طيبة نثني عليها حين نثني ونحن صادقون؛
ولن يعدم الإنسان ناحية خيرة أو مزية حسنة تؤهله لكلمة طيبة..
ولكننا لا نطلع عليها ولا نراها إلا حين تنمو في نفوسنا بذرة الحب !
كذلك لن نكون في حاجة لأن نحمل أنفسنا مؤونة التضايق
منهم ولا حتى مؤونة الصبر على أخطائهم وحماقاتهم لأننا
سنعطف على مواضع الضعف والنقص ولن نفتش عليها لنراها يوم
تنمو في نفوسنا بذرة العطف ! وبطبيعة الحال لن نجشم أنفسنا عناء الحقد عليهم
أو عبء الحذر منهم فإنما نحقد على الآخرين لأن بذرة الخير
لم تَنْمُ في نفوسنا نمواً كافياً ونتخوف منهم لأن عنصر الثقة في الخير ينقصنا !
كم نمنح لأنفسنا من الطمأنينة والراحة والسعادة،
حين نمنح الآخرين عطفنا وحبنا وثقتنا، يوم تنمو في نفوسنا بذرة الحب والعطف والخير !
حين نعتزل الناس لأننا نحس أننا أطهر منهم روحاً، أو أطيب مهم قلباً،
أو أرحب منهم نفساً أو أذكى منهم عقلاً لا نكون قد
صنعنا شيئاً كبيراً.. لقد اخترنا لأنفسنا أيسر السبل وأقلها مؤونة !
إن العظمة الحقيقية: أن نخالط الناس مشبعين بروح السماحة
والعطف على ضعفهم ونقصهم وخطئهم وروح الرغبة الحقيقية
في تطهيرهم وتثقيفهم ورفعهم إلى مستوانا بقدر ما نستطيع !
إنه ليس معنى هذا أن نتخلى عن آفاقنا العليا ومثلنا السامية،
أو أن نتملق هؤلاء الناس ونثني على رذائلهم، أو أن نشعرهم
أننا أعلى منهم أفقاً.. إن التوفيق بين هذه المتناقضات
وسعة الصدر لما يتطلبه هذا التوفيق من جهد: هو العظمة الحقيقية !
ولدرره بقية...
أكتفي بهذا الحد وعلها تجد صدا في قلبك...
سيدي الغالي أسيف...
من الأعماق أشكر لك تواجدك الدائم وحضورك المتميز...
لاحرمته ولاحرمتك بإذنه تعالى
احتراماااااااااتي وتقديري
مودتي الخالصة
مع أجمل المنى
أختك في الله جنان نور[/align]