[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

*** لأنني أحبه ***
لأنني أحبه

جعلته دائماً نصب عيني, وأفلت عليه جفوني بحرص حنون , وجاهدت كي أنال رضاه, وأبتعد عن كل ما يغضبه,لم يخذلني أبداً فقد كان دائماً معي,يمسح دمعتي برحمته إذا بكيت ويدفع همي بحنانه إذا عانيت, وكان ذكره يرحني إذا ما جافى عيني الكرى, ودب الخوف في قلبي, كان معي دائماً يبث الأمل في نفسي إذا ما يئست يوماً من الحياة, وهو الذي يشملني بعطفه إذا ما تجاوزت حده وفعلت ما يغضبه, لم يأخذني يوماً بما فعلت أو يحاسبني إذا نسيت كم كنت بعيدة فقربني إليه, ذلك الذي إذا دعوته يجيب وهو الذي أقرب إلي من حبل الوريد, لست بحاجة لوسيط بيني وبينه ولست بحاجة لكلمات تخرج من شفتي تعبر له عما أريد.

هو الذي يسمعني ويعلم ما في نفسي, هو الذي يمزقني الحياء منه كلما تذكرت فضله علي. فإنه يبقى على حياتي وبيده زمامها وهو ليس بحاجة إلي- تعالى عن ذلك- هو وحده ليس له شريك, لست أجد حرجاً أن أبث له عما يعتمل في نفسي من فرح وشجون ومطالب كثيرة لا تنتهي. هو سبحانه الذي أتحرق شوقاً لرؤية وجهه الكريم...يوم الخلود إنه هو ....

هو الله جل في علاه .

نعم إنه هو........هو الله
محبتي له غايتي القصوى من المقامات, فما بعد إدراك محبته من مقام أنا وأنتم مجمعون على أن الحب له- تعالى- ولرسوله فرض ,لأن محبتنا له- سبحانه- أساس ٌفي عقيدتنا, هكذا كان صحابة رسوله, أحبوه وأحبوا منهجه ورسالته, فتقطعوا على رؤس الرماح طالباً للرضا في بدر وأحد وأنفقوا النفائس طلباً لمرضاته. ولكن لعلكم تتساءلون كيف نشأت محبتي هذه, وكيف وصلت إليها, وعلى ماذا بنيتها؟ إجابتي: معرفتي له- سبحانه- .... فعندما حصلت معرفتي تبعتها محبتي ووصلت إلى معرفتي عندما بحثت عنه, وتفكرت بعظيم خلقه,وبديع صنعه, ولم أنسَ أن أقل أفعاله هي الأرض وما عليها..,فعندما أطلعت بصيرتي على صنعه- تعالى- وعظمته وقدرته, فإني رأيت ما يبهر العقل,وتعجز عن وصفه الشفاه, ومالا تتخيله الأعين وما لا تسمع به الأذان, فزادت عظمته وقدرته في قلبي ونفسي, فزادت معرفتي له, وازددت حباً له.

إنني عندما عرفته رأيت الكون بأسره جميلاً, فتذكرت عندها قول الرافعي (من عرف الله رأى كل ما في الدنيا جميلاً). لأنني عندما عرفته وجدته وأحببته فلم يعد لي همٌ غيره.

فصدق القائل (من وجد الله ماذا فقد ومن فقد الله ماذا وجد), أتعلمون عندما وقعت على مسامعي هذه الكلمات تغلغلت إلى قلبي كما يتغلغل الماء إلى الأرض المتعطشة.

وقلت في نفسي :
كيف أمحوك من أوراق ذاكرتي وأنت في القلب مثل النقش في الحجر؟

ولكن كيف عرفت أن محبتي وقعت له؟ عندما نظرت إلى نفسي وقلبي فرأيت أني أصبحت مستغرقة بهذه المحبة فلا ألتفت إلى الدنيا و ما فيها , ورأيت أن جسدي لا يزال في الدنيا ولكن فكري وروحي وقلبي محلقٌ عنده- سبحانه- , وجــــعلت نصــب عينــــي (وعــجلــت إليــك ربـــي لترضى) ,علمت ان محبتي له وقعت وحصلت وأني وصلت إلى سعادة ليس لها مثل وشبيه, لأن أسعدنا وأحسننا وأقربنا إلى الله ورسوله في الآخرة أقوانا أشدنا حباً له- جل شأنه- لأن معنى الآخرة هي الهجرة إلى الله والقدوم عليه ومعرفته إدراك سعادة لقائه.

فما أجمل تلك اللحظات التي يعيشها المرء بكل كيانه مع الله.... يتذوق حلاوة المعرفة بربه..... فينير قلبه بحب الله - تعالى-.

فاعرف ربك حق المعرفة... لتذوّق حلاوة الحب وتستلذ بطعم الإيمان , عندها ستعرف حقاً أن طريقك إلى الله معرفتك به, وطريقك إلى معرفته تفكرك بمخلوقاته, وطريقك إلى التفكر إيمانك به.

فــاعــرف الله يـعرفـك............ واذكر الله يذكرك,

ولا تكن مع الذين

(نسو الله فأنساهم أنفسهم).

لتصل إلى أعلى مقام وتنعم بحب

الحقِّ عز وجل. [/align]


الكاتب: شعلة الامل