- الإهدائات >> ابوفهد الي : كل عام وانتم الي الله اقرب وعن النار ابعد شهركم مبارك تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال والله لكم وحشه ومن القلب دعوة صادقة أن يحفظكم ويسعدكم اينما كنتم ابوفهد الي : ابشركم انه سيتم الإبقاء على الدرر مفتوحة ولن تغلق إن شاء الله اتمنى تواجد من يستطيع التواجد وطرح مواضيع ولو للقرأة دون مشاركات مثل خواطر او معلومات عامة او تحقيقات وتقارير إعلامية الجوري الي I miss you all : اتمنى من الله ان يكون جميع في افضل حال وفي إتم صحه وعافية ابوفهد الي الجوري : تم ارسال كلمة السر اليك ابوفهد الي نبض العلم : تم ارسال كلمة السر لك ابوفهد الي : تم ارسال كلمات سر جديدة لكما امل ان اراكم هنا ابوفهد الي الأحبة : *نجـ سهيل ـم*, ألنشمي, ملك العالم, أحمد السعيد, BackShadow, الأصيـــــــــل, الدعم الفني*, الوفيه, القلب الدافىء, الكونكورد, ايفا مون, حياتي ألم, جنان نور .... ربي يسعدكم بالدارين كما اسعدتمني بتواجدكم واملى بالله أن يحضر البقية ابوفهد الي : من يريد التواصل معى شخصيا يرسل رسالة على ايميل الدرر سوف تصلني ابوفهد الي : اهلا بكم من جديد في واحتكم الغالية اتمنى زيارة الجميع للواحة ومن يريد شياء منها يحمله لديه لانها ستغلق بعد عام كما هو في الإعلان اتمنى ان الجميع بخير ملك العالم الي : السلام عليكم اسعد الله جميع اوقاتكم بكل خير ..
إضافه إهداء  

آخـــر الــمــواضــيــع

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: معلقة لبيد بن ربيعة العامري

العرض المتطور

  1. #1
    الصورة الرمزية ألنشمي
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    رقم العضوية : 5557
    الاقامة : جـــ في احضان ــدة
    المشاركات : 16,959
    هواياتى : السفر 000 والسياحة
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 523
    Array

    معلقة لبيد بن ربيعة العامري




    [align=center]000
    00
    0



    المعلقة



    عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فَمُقَامُهَا

    بِمِنىً تَأَبَّدَ غَوْلُهَا فَرِجَامُهَا

    فَمَدَافِعُ الرَّيَّانِ عُرِّيَ رَسْمُهَا

    خَلِقاً كَمَا ضَمِنَ الوُحِىَّ سِلامُهَا

    دِمَنٌ تَجَرَّمَ بَعْدَ عَهْدِ أَنِيسِهَا

    حِجَجٌ خَلَونَ حَلالُهَا وَحَرامُهَا

    رُزِقَتْ مَرَابِيْعَ النُّجُومِ وَصَابَهَا

    وَدَقُّ الرَّوَاعِدِ جَوْدُهَا فَرِهَامُهَا

    مِنْ كُلِّ سَارِيَةٍ وَغَادٍ مُدْجِنٍ

    وَعَشِيَّةٍ مُتَجَاوِبٍ إِرْزَامُهَا

    فَعَلا فُرُوعُ الأَيْهُقَانِ وأَطْفَلَتْ

    بِالجَهْلَتَيْنِ ظِبَاؤُهَا وَنَعَامُهَا

    وَالعِيْنُ سَاكِنَةٌ عَلَى أَطْلائِهَا

    عُوذاً تَأَجَّلُ بِالفَضَاءِ بِهَامُهَا

    وَجَلا السُّيُولُ عَنْ الطُّلُولِ كَأَنَّهَا

    زُبُرٌ تُجِدُّ مُتُونَهَا أَقْلامُهَا

    أَوْ رَجْعُ واشِمَةٍ أُسِفَّ نَؤورُهَا

    كَفِفاً تَعَرَّضَ فَوْقَهُنَّ وِشَامُهَا

    فَوَقَفْتُ أَسْأَلُهَا وَكَيفَ سُؤَالُنَا

    صُمًّا خَوَالِدَ مَا يَبِيْنُ كَلامُهَا

    عَرِيتْ وَكَانَ بِهَا الجَمِيْعُ فَأَبْكَرُوا

    مِنْهَا وغُودِرَ نُؤيُهَا وَثُمَامُهَا

    شَاقَتْكَ ظُعْنُ الحَيِّ حِيْنَ تَحَمَّلُوا

    فَتَكَنَّسُوا قُطُناً تَصِرُّ خِيَامُهَا

    مِنْ كُلِّ مَحْفُوفٍ يُظِلُّ عَصِيَّهُ

    زَوْجٌ عَلَيْهِ كِلَّةٌ وَقِرَامُهَا

    زُجَلاً كَأَنَّ نِعَاجَ تُوْضِحَ فَوْقَهَا

    وَظِبَاءَ وَجْرَةَ عُطَّفاً آرَامُهَا

    حُفِزَتْ وَزَايَلَهَا السَّرَابُ كَأَنَّهَا

    أَجْزَاعُ بِيشَةَ أَثْلُهَا وَرِضَامُهَا

    بَلْ مَا تَذَكَّرُ مِنْ نَوَارِ وقَدْ نَأَتْ

    وتَقَطَّعَتْ أَسْبَابُهَا ورِمَامُهَا

    مُرِّيَةٌ حَلَّتْ بِفَيْد وجَاوَرَتْ

    أَهْلَ الحِجَازِ فَأَيْنَ مِنْكَ مَرَامُهَا

    بِمَشَارِقِ الجَبَلَيْنِ أَوْ بِمُحَجَّرٍ

    فَتَضَمَّنَتْهَا فَرْدَةٌ فَرُخَامُهَا

    فَصُوائِقٌ إِنْ أَيْمَنَتْ فَمِظَنَّةٌ

    فِيْهَا رِخَافُ القَهْرِ أَوْ طِلْخَامُهَا

    فَاقْطَعْ لُبَانَةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُهُ

    وَلَشَرُّ وَاصِلِ خُلَّةٍ صَرَّامُهَا

    وَاحْبُ المُجَامِلَ بِالجَزِيلِ وَصَرْمُهُ

    بَاقٍ إِذَا ظَلَعَتْ وَزَاغَ قِوَامُهَا

    بِطَلِيحِ أَسْفَارٍ تَرَكْنَ بَقِيَّةً

    مِنْهَا فَأَحْنَقَ صُلْبُهَا وسَنَامُهَا

    وَإِذَا تَعَالَى لَحْمُهَا وتَحَسَّرَتْ

    وتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلالِ خِدَامُهَا

    فَلَهَا هِبَابٌ فِي الزِّمَامِ كَأَنَّهَا

    صَهْبَاءُ خَفَّ مَعَ الجَنُوبِ جَهَامُهَا

    أَوْ مُلْمِعٌ وَسَقَتْ لأَحْقَبَ لاحَهُ

    طَرْدُ الفُحُولِ وضَرْبُهَا وَكِدَامُهَا

    يَعْلُو بِهَا حُدْبَ الإِكَامِ مُسَحَّجٌ

    قَدْ رَابَهُ عِصْيَانُهَا وَوِحَامُهَا

    بِأَحِزَّةِ الثَّلْبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَهَا

    قَفْرُ المَرَاقِبِ خَوْفُهَا آرَامُهَا

    حَتَّى إِذَا سَلَخَا جُمَادَى سِتَّةً

    جَزْءاً فَطَالَ صِيَامُهُ وَصِيَامُهَا

    رَجَعَا بِأَمْرِهِمَا إِلىَ ذِي مِرَّةٍ

    حَصِدٍ ونُجْعُ صَرِيْمَةٍ إِبْرَامُهَا

    ورَمَى دَوَابِرَهَا السَّفَا وتَهَيَّجَتْ

    رِيْحُ المَصَايِفِ سَوْمُهَا وسِهَامُهَا

    فَتَنَازَعَا سَبِطاً يَطِيْرُ ظِلالُهُ

    كَدُخَانِ مُشْعَلَةٍ يُشَبُّ ضِرَامُهَا

    مَشْمُولَةٍ غُلِثَتْ بِنَابتِ عَرْفَجٍ

    كَدُخَانِ نَارٍ سَاطِعٍ أَسْنَامُهَا

    فَمَضَى وقَدَّمَهَا وكَانَتْ عَادَةً

    مِنْهُ إِذَا هِيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُهَا

    فَتَوَسَّطَا عُرْضَ السَّرِيِّ وصَدَّعَا

    مَسْجُورَةً مُتَجَاوِراً قُلاَّمُهَا

    مَحْفُوفَةً وَسْطَ اليَرَاعِ يُظِلُّهَا

    مِنْهُ مُصَرَّعُ غَابَةٍ وقِيَامُهَا

    أَفَتِلْكَ أَمْ وَحْشِيَّةٌ مَسْبُوعَةٌ

    خَذَلَتْ وهَادِيَةُ الصِّوَارِ قِوَامُهَا

    خَنْسَاءُ ضَيَّعَتِ الفَرِيرَ فَلَمْ يَرِمْ

    عُرْضَ الشَّقَائِقِ طَوْفُهَا وبُغَامُهَا

    لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تَنَازَعَ شِلْوَهُ

    غُبْسٌ كَوَاسِبُ لا يُمَنُّ طَعَامُهَا

    صَادَفْنَ مِنْهَا غِرَّةً فَأَصَبْنَهَا

    إِنَّ المَنَايَا لا تَطِيْشُ سِهَامُهَا

    بَاتَتْ وأَسْبَلَ واكِفٌ مِنْ دِيْمَةٍ

    يُرْوَى الخَمَائِلَ دَائِماً تَسْجَامُهَا

    يَعْلُو طَرِيْقَةَ مَتْنِهَا مُتَوَاتِرٌ

    فِي لَيْلَةٍ كَفَرَ النُّجُومَ غَمامُهَا

    تَجْتَافُ أَصْلاً قَالِصاً مُتَنَبِّذَا

    بِعُجُوبِ أَنْقَاءٍ يَمِيْلُ هُيَامُهَا

    وتُضِيءُ فِي وَجْهِ الظَّلامِ مُنِيْرَةً

    كَجُمَانَةِ البَحْرِيِّ سُلَّ نِظَامُهَا

    حَتَّى إِذَا حَسَرَ الظَّلامُ وأَسْفَرَتْ

    بَكَرَتْ تَزِلُّ عَنِ الثَّرَى أَزْلامُهَا

    عَلِهَتْ تَرَدَّدُ فِي نِهَاءِ صُعَائِدٍ

    سَبْعاً تُؤَاماً كَامِلاً أَيَّامُهَا

    حَتَّى إِذَا يَئِسَتْ وَأَسْحَقَ حَالِقٌ

    لَمْ يُبْلِهِ إِرْضَاعُهَا وفِطَامُهَا

    فَتَوَجَّسَتْ رِزَّ الأَنِيْسِ فَرَاعَهَا

    عَنْ ظَهْرِ غَيْبٍ والأَنِيْسُ سَقَامُهَا

    فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَيْنِ تَحْسِبُ أَنَّهُ

    مَوْلَى المَخَافَةِ خَلْفُهَا وأَمَامُهَا

    حَتَّى إِذَا يِئِسَ الرُّمَاةُ وأَرْسَلُوا

    غُضْفاً دَوَاجِنَ قَافِلاً أَعْصَامُهَا

    فَلَحِقْنَ واعْتَكَرَتْ لَهَا مَدْرِيَّةٌ

    كَالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّهَا وتَمَامُهَا

    لِتَذُودَهُنَّ وأَيْقَنَتْ إِنْ لَمْ تَذُدْ

    أَنْ قَدْ أَحَمَّ مَعَ الحُتُوفِ حِمَامُهَا

    فَتَقَصَّدَتْ مِنْهَا كَسَابِ فَضُرِّجَتْ

    بِدَمٍ وغُودِرَ فِي المَكَرِّ سُخَامُهَا

    فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوَامِعُ بِالضُّحَى

    واجْتَابَ أَرْدِيَةَ السَّرَابِ إِكَامُهَا

    أَقْضِي اللُّبَانَةَ لا أُفَرِّطُ رِيْبَةً

    أَوْ أنْ يَلُومَ بِحَاجَةٍ لَوَّامُهَا

    أَوَلَمْ تَكُنْ تَدْرِي نَوَارِ بِأَنَّنِي

    وَصَّالُ عَقْدِ حَبَائِلٍ جَذَّامُهَا

    تَرَّاكُ أَمْكِنَةٍ إِذَا لَمْ أَرْضَهَا

    أَوْ يَعْتَلِقْ بَعْضَ النُّفُوسِ حِمَامُهَا

    بَلْ أَنْتِ لا تَدْرِينَ كَمْ مِنْ لَيْلَةٍ

    طَلْقٍ لَذِيذٍ لَهْوُهَا وَنِدَامُهَا

    قَدْ بِتُّ سَامِرَهَا وغَايَةَ تَاجِرٍ

    وافَيْتُ إِذْ رُفِعَتْ وعَزَّ مُدَامُهَا

    أُغْلِى السِّبَاءَ بِكُلِّ أَدْكَنَ عَاتِقِ

    أَوْ جَوْنَةٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتَامُهَا

    بِصَبُوحِ صَافِيَةٍ وجَذْبِ كَرِينَةٍ

    بِمُوَتَّرٍ تَأْتَالُهُ إِبْهَامُهَا

    بَاكَرْتُ حَاجَتَهَا الدَّجَاجَ بِسُحْرَةٍ

    لأَعَلَّ مِنْهَا حِيْنَ هَبَّ نِيَامُهَا

    وَغدَاةَ رِيْحٍ قَدْ وَزَعْتُ وَقِرَّةٍ

    قَد أَصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمَالِ زِمَامُهَا

    وَلَقَدْ حَمَيْتُ الحَيَّ تَحْمِلُ شِكَّتِي

    فُرْطٌ وِشَاحِي إِذْ غَدَوْتُ لِجَامُهَا

    فَعَلَوْتُ مُرْتَقِباً عَلَى ذِي هَبْوَةٍ

    حَرِجٍ إِلَى أَعْلامِهِنَّ قَتَامُهَا

    حَتَّى إِذَا أَلْقَتْ يَداً فِي كَافِرٍ

    وأَجَنَّ عَوْرَاتِ الثُّغُورِ ظَلامُهَا

    أَسْهَلْتُ وانْتَصَبَتْ كَجِذْعِ مُنِيْفَةٍ

    جَرْدَاءَ يَحْصَرُ دُونَهَا جُرَّامُهَا

    رَفَّعْتُهَا طَرْدَ النَّعَامِ وَشَلَّهُ

    حَتَّى إِذَا سَخِنَتْ وخَفَّ عِظَامُهَا

    قَلِقَتْ رِحَالَتُهَا وأَسْبَلَ نَحْرُهَا

    وابْتَلَّ مِنْ زَبَدِ الحَمِيْمِ حِزَامُهَا

    تَرْقَى وتَطْعَنُ فِي العِنَانِ وتَنْتَحِي

    وِرْدَ الحَمَامَةِ إِذْ أَجَدَّ حَمَامُهَا

    وكَثِيْرَةٍ غُرَبَاؤُهَا مَجْهُولَةٍ

    تُرْجَى نَوَافِلُهَا ويُخْشَى ذَامُهَا

    غُلْبٍ تَشَذَّرُ بِالذَّحُولِ كَأَنَّهَا

    جِنُّ البَدِيِّ رَوَاسِياً أَقْدَامُهَا

    أَنْكَرْتُ بَاطِلَهَا وبُؤْتُ بِحَقِّهَا

    عِنْدِي وَلَمْ يَفْخَرْ عَلَّي كِرَامُهَا

    وجَزُورِ أَيْسَارٍ دَعَوْتُ لِحَتْفِهَا

    بِمَغَالِقٍ مُتَشَابِهٍ أَجْسَامُهَا

    أَدْعُو بِهِنَّ لِعَاقِرٍ أَوْ مُطْفِلٍ

    بُذِلَتْ لِجِيْرَانِ الجَمِيْعِ لِحَامُهَا

    فَالضَّيْفُ والجَارُ الجَنِيْبُ كَأَنَّمَا

    هَبَطَا تَبَالَةَ مُخْصِباً أَهْضَامُهَا

    تَأْوِي إِلَى الأطْنَابِ كُلُّ رَذِيَّةٍ

    مِثْلِ البَلِيَّةِ قَالِصٍ أَهْدَامُهَا

    ويُكَلِّلُونَ إِذَا الرِّيَاحُ تَنَاوَحَتْ

    خُلُجاً تُمَدُّ شَوَارِعاً أَيْتَامُهَا

    إِنَّا إِذَا الْتَقَتِ المَجَامِعُ لَمْ يَزَلْ

    مِنَّا لِزَازُ عَظِيْمَةٍ جَشَّامُهَا

    ومُقَسِّمٌ يُعْطِي العَشِيرَةَ حَقَّهَا

    ومُغَذْمِرٌ لِحُقُوقِهَا هَضَّامُهَا

    فَضْلاً وَذُو كَرَمٍ يُعِيْنُ عَلَى النَّدَى

    سَمْحٌ كَسُوبُ رَغَائِبٍ غَنَّامُهَا

    مِنْ مَعْشَرٍ سَنَّتْ لَهُمْ آبَاؤُهُمْ

    ولِكُلِّ قَوْمٍ سُنَّةٌ وإِمَامُهَا

    لا يَطْبَعُونَ وَلا يَبُورُ فَعَالُهُمْ

    إِذْ لا يَمِيْلُ مَعَ الهَوَى أَحْلامُهَا

    فَاقْنَعْ بِمَا قَسَمَ المَلِيْكُ فَإِنَّمَا

    قَسَمَ الخَلائِقَ بَيْنَنَا عَلاَّمُهَا

    وإِذَا الأَمَانَةُ قُسِّمَتْ فِي مَعْشَرٍ

    أَوْفَى بِأَوْفَرِ حَظِّنَا قَسَّامُهَا

    فَبَنَى لَنَا بَيْتاً رَفِيْعاً سَمْكُهُ

    فَسَمَا إِليْهِ كَهْلُهَا وغُلامُهَا

    وَهُمُ السُّعَاةُ إِذَا العَشِيرَةُ أُفْظِعَتْ

    وَهُمُ فَوَارِسُهَا وَهُمْ حُكَّامُهَا

    وَهُمُ رَبيْعٌ لِلْمُجَاوِرِ فِيهُمُ

    والمُرْمِلاتِ إِذَا تَطَاوَلَ عَامُهَا

    وَهُمُ العَشِيْرَةُ أَنْ يُبَطِّئَ حَاسِدٌ

    أَوْ أَنْ يَمِيْلَ مَعَ العَدُوِّ لِئَامُهَا









    تعريف / بمعلقة لبيد

    معلقة لبيد، كما قال الزوزني، هي الرابعة في المعلقات، لم ينظمها لأمر أو لحادثة وإنما نظمها بدافع نفسي، فمثّل بها، في تصويره أخلاقه ومآتيه، الحياة البدوية الساذجة والبدوي الأبي النفس العالي الهمة. بدأها بوصف الديار المقفرة والأطلال البالية وما فعلت فيها الأمطار، وتخلّص إلى الغزل وذكر نوار وبُعد مقرّها، ثم إلى وصف ناقته فشبهها بسحابة حمراء خالية من الماء تدفعها الريح فتنطلق سريعة، وبأتان وحشية نشيطة، وببقرة افترس السبع ولدها، وصوّر العراك الذي وقع بينها وبين الكلاب التي طاردتها تصويراً قصصياً جميلاً. ووصف ناقته هو أهم قسم في معلّقته، ثم تحوّل إلى وصف نفسه وما فيها من هدوء واضطراب، ووصف لهوه وشربه الخمر وبطشه وسرعة جواده وكرمه، وانتهى بمدح قومه والفخر بكرمهم وأمانتهم، فكان مجيداً في تشبيهاته القصصية صادقاً في عاطفته. وقد أظهر في وصفه مقدرة نادرة في دقته وإسهابه والإحاطة بجميع صور الموصوف. وهو يتفوق على زملائه أصحاب المعلقات بإثارة تذكارات الديار القديمة وتحديد المحلاّت في أثناء السفر حتى ليمكن دارس شعره أن يعيّن بالاستناد إلى بعض قصائده دليل رحلة من قلب بادية العرب إلى الخليج الفارسي.
    تحتل المعلقة، كما قال التبريزي، مرتبة الصدارة في ديوان لبيد من حيث دلالتها على شاعريته قبل الإسلام. وهي السابعة بين معلقات معاصريه، وتقع في حدود التسعين بيتاً. ومن أهم أغراضها: وصف الأطلال وآثار الديار، الإشفاق لرحيل الأحبة والتغزل بالمرأة المحبوبة، العناية بوصف الناقة والافتتان في تشبيهها تارة بالغمامة الحمراء وتارة بالبقرة الوحشية، الخلوص ثانية من الوصف إلى الغزل والفخر، وفي معلقته وصف للّهو والخمر وتطرق إلى نعت الفرس والتغني بالفروسية والكرم.
    وقد بدأ لبيد معلقته بوصف الديار المقفرة والأطلال الدارسة، على غرار سائر الجاهليين، ذاكراً السيول والأعشاب والوحوش، متخلصاً إلى العزل، وذكر حبيبته نُوار، وبُعد مقرّها، والهودج الذي ظعنت فيه، دون أن يصف دقائق جمالها، وجزئيات ملامحها، كسائر الجاهليين. ثم يعرض لناقته، فيشبّهها بالسحابة الحمراء، الخالية من الماء، تدفعها الريح، فتنطلق سريعة، وبأتان وحشيّة نشيطة، وببقرة افترس السبع ولدها، وصوّر العراك بينها وبين الكلاب التي طاردتها، ثم تحوّل إلى نفسه وما يجيش فيها من هدوء واضطراب، وميل للّهو والمجون، وحبّ لشرب الخمرة، مفتخراً ببطشه وسرعة جواده وكرمه، منتهياً بمدح قومه، والفخر بأمانتهم وكرمهم.
    ولبيد ينحو في شعره منحى تقليدياً عاماً، ويجري في قصيدته على سُنّة يستقطب لها انفعالاته الداخلية والخارجية، فيصف ما شاهده وما سمعه، ويعبر عما أدركه وعاناه في حدود حسِيّة، يستقرئ بها الأحداث والمظاهر، ويفيد منها في تمثل أفكاره وخواطره بغلوائها الانفعالية، وسورتها المثالية. إلا أن المعنى مرهون في معلّقته، للحادثة والظاهرة، لا يستقطبهما استقطاباً عموديّاً، نافذاً، بل ينقاد فيهما إلى السرد الذي يضفي على القصيدة جو القصة المتجهمة التي تتعثر بأعراضها وجزئياتها، ويركد عبرها الانفعال وينحسر، إذ يتشعب وتتكاثر سبله، ويسفح ذاته في الانعطافات والالتواءات الواقعية الجافية الجارية على سجيّتها، النازعة إلى الخارج، لتستكمل غاية الحسّ.
    ولئن جرى لبيد مجرى سواه في وصف ناقته وتشبيهها بالبقرة الوحشية، إلا أنه خطر بفلذة عميقة الوجدانية، عرض فيها لتلك البهيمة من الداخل، ممثلاً بها مصيراً إنسانياً فاجعاً، وتنازعاً عنيفاًن ممزقاً بين حتميتي الحياة والموت، وسائر عواطف الحنان والخوف والحنين والضياع. فالبقرة التي ضيّعت فريرها، تنتبذ ركناً مُوحشاً، بعد أن تكاثر عليها هطول المطر، دون انقطاع، وقد أحاطت الظلمة العمياء بكل شيء، ولم يبق من أثر للحياة في تلك الظلمة المدلهمّة، إلا عيناها اللتان تلتمعان ببريق الرعب واليأس. والشاعر لم يصف البقرة بذلك الوصف، إلا كتعبير غامض في نفسه عن تجربة الصراع في العالم بين الأحياء والقدر المسلّط عليهم. وضياع الفرير والتشرد في أثره تحت وابل المطر، رمز الإنسان الذي يعدو وراء نفسه في ظلمة الحياة، وقد أحاطت به المصائب، وانصب عليه سيل القدر.
    وبعد أن تُنفق البقرة سبعة أيام كاملة هالعة في طلب فريرها، دون أن تجد له أثراً، يطالعها الموتُ في أنياب كلاب الصيد التي تصرع منها اثنين، وتنجو بنفسها، خارجة من شدق الرّدى.
    والشاعر يفصح، عبر ذلك كله، عن نظرة تشاؤميّة في الحياة، كأنما يخيّل إليه أن الإنسان فاقد الحريّة، تائه في مفازة المصير، يعدو وراء غاية لا يعثر عليها، تصيبه المصائب ويتربّص به الموت، يراوده مراودة فاجعة، ويبقي في جنبه أثر الدّماء، وفي نفسه طعم الرّعب.
    وقد خرج لبيد بذلك، عن سرب الشعراء واضطرابه بقبضة القدر في موضوع واقعي، خارجي، فجعل للظاهرة بُعدين من خلال البعد الواحد، وحرّكها بحركة مأساوية، قلّما عهدناها عند سواه.
    ونقع في المعلقة على نبذة أخرى من الوصف الوجداني المتصل بالأتان وفحلها الذي يرمز إلى الغيرة الغريزية الوحشية المشبوبة بحمّى الأنثى، الهالعة عليها هلعاً مُفجعاً.
    يشبّه لبيد ناقته بأتان أشرقت أطباؤها باللّبن، وقد حملت تولباً غيّره وأهزله طرد الفحول وصدّهم عن أنثاه وزجرها أمامه زجراً شديداً ليبعدها عن منافسيه في الآكام العالية. وقد تشكك بها لشدّة عصيانها له في حال وحامها. وإذا أقاما في موضع الثلبوت، جعل يصْعَد إلى المراقب، ينظر إلى أعلامها، مستطلعاً السُّبل، خائفاً، مذعوراً من الصيادين الذين يتربصون به، ولشدة غيرته على أنثاه، لبث مقيماً في معتزله، طيلة الشتاء، حتى إذا قدم الربيع وعزّ عليه الماء، جعل يجتزئ، أي يكتفي بالرّطب عن الماء، معانياً التصرّد والظمأ، مُؤثراً إياهما على العودة بأنثاه إلى القطيع الذي تنافسه فحوله عليها، إلا أن الربيع يتصرّم، ويقبل الصيف، فيجف العشب ويقسر على مغادرة مقامه وورود الماء، يسوق أنثاه أمامه، جزعاً عليها، وتريُّباً من تخلّفها عنه.
    وهذه المقطوعة الوصفية، تحفل بالرّموز الإنسانية المتقمِّصة في تصرّف ذلك الحيوان الغريزي الأصم. فالفحل يحرص غاية الحرص على أنثاه ويلوب عليها، ويقاتل من دونها، فيما تبدو هي مسيّرة بغريزة الأنثى. ويبدو الفحل، كالجاهلي، منعماً بالفرديّة وحب الاستئثار، يدافع عن كرامة عرضه، تعروه منه الهموم المضنية وشهوة الوحدة والتفرّد والانقطاع عن العالم. ولقد خلع الشاعر على ذلك الفحل من نفسيّة العربي الحريص على عرضه ونفسيّة الإنسان عامة، الذي تلتهب نفسه ويزداد أوارها بازدياد شعلة الحب فيها. لذلك نرى الشّقاء والقنوط مخيمين على أجواء ذلك المقطع من المعلّقة، كما أن الخوف من الموت، والبؤس في التشبث بالحياة يطالعنا في وجه ذلك الفحل القائم على المرقبة وفي خلده هاجس الخوف من الصياد، كما كان يملأ خلده، هاجس الخوف من الفحول، فيما كان يحيا عبر القطيع.
    ولعل لبيداً، في إحساسه التشاؤمي العام الذي ينتظم نظرته إلى الكون، وقَّع الأحداث ذلك التوقيع الفاجع الشديد التوتر، مشيراً بذلك إلى أنه لا خلاص للإنسان من نفسه، ومما طبع فيها من رغبات متناقضة، لا تتحقق إحداها حتى تفجعه بأخرى. لا خلاص له، أكان مقيماً في الناس، يدفع عن نفسه أذاهم، أم متوحِّداً من دونهم، يعاني الوحشة والظمأ والخوف من الهلاك، فكأن جحيم الإنسان في نفسه، يعدو هارباً منه، فيما هو يلحق به ويقتفي أثره. وقلّما نقع في الشعر الجاهلي على بؤس فاجع، صامت، أبكم، متآكل، كبؤس ذلك الفحل الذي يترجّح بين العار والكبرياء والهزيمة والقتال، ولا يجد لنفسه سبيلاً ينجيه إلا الفرار الذي لا يعتم أن يطالعه بوحدة أشد قسوة وتجهماً. ولقد خص العربي، من دون سواه، بإحساس عميق بفرديته والتفاخر بامتلاك ما لا قبل لسواه به. كما أن أخذه بالجانب الإيجابي من الحياة وإيثاره للقيم وجزعه من العار وامتناعه على الذل، كان أهم باعث لتجاربه الشعرية، يفصح عنها، مباشرة بالفخر والغزل والهجاء والمدح، وبصورة قاتمة في بعض النماذج الوصفيّة التي يحولها إلى رموز أساسية للتعبير عن سويدائه القانطة وتجاربه المهزومة تحت وطأة القدر المحتوم المتسلّط عليه من نفسه ومن العوامل الخارجية.
    وقد اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات محاولين التعرف على الظروف الاجتماعية المحيطة بهم، والأسباب التي دفعتهم لنظمهم هذه المعلقات وعن أي موضوع تتحدث، فقد أشارت ليدي آن بلنت وأشار فلفريد شافن بلنت عن معلقة لبيد- التي استخدم فيها البحر الطويل- في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين أنها ارتبطت بحكاية مثيرة حدثت له عندما كان صبياً ومسافراً مع بني جعفر، فقد وفد أبو براء ملاعب الأسنة- وهو عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب- وإخوته طفيل ومعاوية وعبيدة، ومعهم لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر، وهو غلام، على النعمان بن المنذر، فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي، وكان الربيع ينادم النعمان مع رجل من أهل الشام تاجر، يقال له: سرجون بن نوفل، وكان حريفاً للنعمان- يعني سرجون - يبايعه، وكان أديباً حسن الحديث والمنادمة، فاستخفه النعمان، وكان إذا أراد أن يخلو على شرابه بعث إليه وإلى النطاسي- متطبب كان له- وإلى الربيع بن زياد، وكان يدعى الكامل. فلما قدم الجعفريون كانوا يحضرون النعمان لحاجتهم، فإذا خلا الربيع بالنعمان طعن فيهم، وذكر معايبهم، ففعل ذلك بهم مراراً، وكانت بنو جعفر له أعداء، فصده عنهم، فدخلوا عليه يوماً فرأوا منه تغيراً وجفاء، وقد كان يكرمهم قبل ذلك ويقرب مجلسهم، فخرجوا من عنده غضاباً، ولبيد في رحالهم يحفظ أمتعتهم، ويغدو بإبلهم كل صباح، فيرعاها، فإذا أمسى انصرف بإبلهم، فأتاهم ذات ليلة فألفاهم يتذاكرون أمر الربيع، وما يلقون منه؛ فسالهم فكتموه، فقال لهم: والله لا أحفظ لكم متاعاً، ولا أسرح لكم بعيراً أو تخبروني.
    وكانت أم لبيد امرأة من بني عبس، وكانت يتيمة في حجر الربيع، فقالوا: خالك قد غلبنا على الملك، وصد عنا وجهه، فقال لهم لبيد: هل تقدرون على أن تجمعوا بينه وبيني فأزجره عنكم بقول ممض، ثم لا يلتف النعمان إليه بعده أبداً. فقالوا: وهل عندك من ذلك شيء? قال: نعم، قالوا: فإنا نبلوك بشتم هذه البقلة- لبقلة قدامهم دقيقة القضبان قليلة الورق لاصقة فروعها بالأرض، تدعى التربة- فقال: هذه التربة التي لا تذكى ناراً، ولا تؤهل داراً، ولا تسر جاراً، عودها ضئيل، وفرعها كليل، وخيرها قليل، بلدها شاسع، ونبتها خاشع، وآكلها جائع، والمقيم عليها ضائع، أقصر البقول فرعاً، وأخبثها مرعى، وأشدها قلعاً، فتعساً لها وجدعاً، القوا بي أخا بني عبس، أرجعه عنكم بتعس ونكس، وأتركه من أمره في لبس.
    فقالوا: نصبح فنرى فيك رأينا. فقال لهم عامر: انظروا غلامكم؛ فإن رأيتموه نائماً فليس أمره بشيء، وإنما يتكلم بما جاء على لسانه، ويهذي بما يهجس في خاطره، وإذا رأيتموه ساهراً فهو صاحبكم. فرمقوه بأبصارهم، فوجدوه قد ركب رحلاً، فهو يكدم بأوسطه حتى أصبح.
    فلما اصبحوا قالوا: أنت والله صاحبنا، فحلقوا رأسه، وتركوا ذؤابتين، وألبسوه حلة، ثم غدوا به معهم على النعمان، فوجدوه يتغذى ومعه الربيع وهما يأكلان، ليس معه غيره، والدار والمجالس مملوءة من الوفود. فلما فرغ من الغداء أذن للجعفريين فدخلوا عليه، وقد كان تقارب أمرهم، فذكروا للنعمان الذي قدموا له من حاجتهم، فاعترض الربيع في كلامهم، فقام لبيد يرتجز، ويقول:
    أكل يوم هامتي مقزعه- يا رب هيجاً هي خير من دعه
    ومن خيار عامر بن صعصعه- نحن بنو أم البنين الأربعه
    والضاربون الهام تحت الخيضعه- المطعمون الجفنة المدعدعه
    إليك جاوزنا بلاداً مسبعه- يا واهب الخير الكثير من سعه
    يخبر عن هذا خيبر فاسمعه- مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه
    إن استه من برص ملمعه- وإنه يدخل فيها إصبعه
    كأنما يطلب شيئاً أطعمه- يدخلها حتى يواري أشجعه
    فلما فرغ من إنشاده التفت النعمان إلى الربيع شزراً يرمقه، فقال: أكذا أنت? قال: لا، والله، لقد كذب علي ابن الحمق اللئيم. فقال النعمان: أف لهذا الغلام، لقد خبث علي طعامي. فقال: أبيت اللعن، أما إني قد فعلت بأمه. فقال لبيد: أنت لهذا الكلام أهل، وهي من نساء غير فعل ، وأنت المرء فعل هذا بيتيمة في حجره.
    فأمر النعمان ببني جعفر فأخرجوا. وقام الربيع فانصرف إلى منزله، فبعث إليه النعمان بضعف ما كان يحبوه به، وأمره بالانصراف إلى أهله.
    وكتب إليه الربيع: إني قد تخوفت أن يكون قد وقر في صدرك ما قاله لبيد، ولست برائم حتى تبعث من يجردني فيعلم من حضرك من الناس أني لست كما قال. فأرسل إليه: إنك لست صانعاً بانتفائك مما قال لبيد شيئاً، ولا قادراً على ما زلت به الألسن، فالحق بأهلك.
    يبدو أن لبيد نظم معلقته بعد هذه القصة إذ أنها تتضمن تلميحات لما حدث في الحيرة ويظهر شبابية نبرتها أنها تعود إلى لغة حديث بدو تلك الأيام. ربما ليس في المعلقات من وصف يضاهي هذه في وصف بقر الوحش أو الظبي، حيوان نادر لا يوجد إلا في النفود. هذا وحده دليل على أنها نظمت في صباه في الصحراء0
















    من هو :-


    لبيد بن ربيعة


    ( ... - 41 هـ = ... - 661 م)

    هو لبيد بن ربيعة بن مالك العامري، أبو عقيل، من هوازن قيس. كان من الشعراء المعدودين وأحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية، من أهل عالية نجد، أدرك الإسلام، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم. يعد من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم. ترك الشعر فلم يقل في الإسلام إلا بيتاً واحداً. وسكن الكوفة وعاش عمراً طويلاً.
    اهتم المستشرقون الغربيون بشعراء المعلقات وأولوا اهتماماً خاصاً بالتعرف على حياتهم، فقد قالت ليدي آن بلنت وقال فلفريد شافن بلنت عن لبيد في كتاب لهما عن المعلقات السبع صدر في بداية القرن العشرين: عاش أيضاً في الجاهلية والإسلام. عمر طويلاً وترك نظم الشعر بعد إسلامه. قصة إسلامه أسطورة ورعٍ، إذ أن أخيه أربد قدم إلى الرسول بتفويض من كلاب وقد عزم، كما يقال، على غدره وقتله. حين نطق بعض كلمات عاقة ضربته صاعقة برق واختفى. قدم وفد آخر ضمنه لبيد الذي ألصق على باب الكعبة في مكة قصيدة مطلعها:
    ألا كل شيء ما خلا الله باطل- وكل نعيم لا محالة زائل
    أعجب كل أهل مكة بهذه القصيدة، ولم يجرؤ أحد على منافسته. لكن بعد فترة وجدت قصيدة أخرى بجانبها. عندما رآها لبيد وأدرك أنها مرسلة إلى الرسول انحنى الشاعر الطاعن في السن احتراماً للشاب معترفاً به كرسول الله. رغم تأكيد المتقين للحكاية، إلا أنها لا تشكل تاريخاً معتمداً، وتبدو غير محتملة. ما هو مؤكد أنه في سن متقدمة جداً، يقال مئة عام، اعتنق الإسلام وعاش مكرماُ حتى عهد معاوية.
    أقوال لبيد في أيامه الأخيرة غزيرة، وإن لم يذكر من أيام جاهليته شيئاً إلى حد ما، ربما لأنه أراد بنفسه أن تنسى. الحكاية الوحيدة المثيرة للاهتمام هي عندما كان صبياً ومسافراً مع بني جعفر حدثت القصة التالية:
    وفد أبو براء ملاعب الأسنة- وهو عامر بن مالك بن جعفر بن كلاب- وإخوته طفيل ومعاوية وعبيدة، ومعهم لبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر، وهو غلام، على النعمان بن المنذر، فوجدوا عنده الربيع بن زياد العبسي، وكان الربيع ينادم النعمان مع رجل من أهل الشام تاجر، يقال له: سرجون بن نوفل، وكان حريفاً للنعمان- يعني سرجون- يبايعه، وكان أديباً حسن الحديث والمنادمة، فاستخفه النعمان، وكان إذا أراد أن يخلو على شرابه بعث إليه وإلى النطاسي- متطبب كان له- وإلى الربيع بن زياد، وكان يدعى الكامل. فلما قدم الجعفريون كانوا يحضرون النعمان لحاجتهم، فإذا خلا الربيع بالنعمان طعن فيهم، وذكر معايبهم، ففعل ذلك بهم مراراً، وكانت بنو جعفر له أعداء، فصده عنهم، فدخلوا عليه يوماً فرأوا منه تغيراً وجفاء، وقد كان يكرمهم قبل ذلك ويقرب مجلسهم، فخرجوا من عنده غضاباً، ولبيد في رحالهم يحفظ أمتعتهم، ويغدو بإبلهم كل صباح، فيرعاها، فإذا أمسى انصرف بإبلهم، فأتاهم ذات ليلة فألفاهم يتذاكرون أمر الربيع، وما يلقون منه؛ فسالهم فكتموه، فقال لهم: والله لا أحفظ لكم متاعاً، ولا أسرح لكم بعيراً أو تخبروني.
    وكانت أم لبيد امرأة من بني عبس، وكانت يتيمة في حجر الربيع، فقالوا: خالك قد غلبنا على الملك، وصد عنا وجهه، فقال لهم لبيد: هل تقدرون على أن تجمعوا بينه وبيني فأزجره عنكم بقول ممض، ثم لا يلتف النعمان إليه بعده أبداً. فقالوا: وهل عندك من ذلك شيء? قال: نعم، قالوا: فإنا نبلوك بشتم هذه البقلة - لبقلة قدامهم دقيقة القضبان قليلة الورق لاصقة فروعها بالأرض، تدعى التربة - فقال: هذه التربة التي لا تذكى ناراً، ولا تؤهل داراً، ولا تسر جاراً، عودها ضئيل، وفرعها كليل، وخيرها قليل، بلدها شاسع، ونبتها خاشع، وآكلها جائع، والمقيم عليها ضائع، أقصر البقول فرعاً، وأخبثها مرعى، وأشدها قلعاً، فتعساً لها وجدعاً، القوا بي أخا بني عبس، أرجعه عنكم بتعس ونكس، وأتركه من أمره في لبس.
    فقالوا: نصبح فنرى فيك رأينا. فقال لهم عامر: انظروا غلامكم؛ فإن رأيتموه نائماً فليس أمره بشيء، وإنما يتكلم بما جاء على لسانه، ويهذي بما يهجس في خاطره، وإذا رأيتموه ساهراً فهو صاحبكم. فرمقوه بأبصارهم، فوجدوه قد ركب رحلاً، فهو يكدم بأوسطه حتى أصبح.
    فلما اصبحوا قالوا: أنت والله صاحبنا، فحلقوا رأسه، وتركوا ذؤابتين، وألبسوه حلة، ثم غدوا به معهم على النعمان، فوجدوه يتغذى ومعه الربيع وهما يأكلان، ليس معه غيره، والدار والمجالس مملوءة من الوفود. فلما فرغ من الغداء أذن للجعفريين فدخلوا عليه، وقد كان تقارب أمرهم، فذكروا للنعمان الذي قدموا له من حاجتهم، فاعترض الربيع في كلامهم، فقام لبيد يرتجز، ويقول:
    أكل يوم هامتي مقزعه- يا رب هيجاً هي خير من دعه
    ومن خيار عامر بن صعصعه- نحن بنو أم البنين الأربعه
    والضاربون الهام تحت الخيضعه- المطعمون الجفنة المدعدعه
    إليك جاوزنا بلاداً مسبعه- يا واهب الخير الكثير من سعه
    يخبر عن هذا خيبر فاسمعه- مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه
    إن استه من برص ملمعه- وإنه يدخل فيها إصبعه
    كأنما يطلب شيئاً أطعمه- يدخلها حتى يواري أشجعه
    فلما فرغ من إنشاده التفت النعمان إلى الربيع شزراً يرمقه، فقال: أكذا أنت? قال: لا، والله، لقد كذب علي ابن الحمق اللئيم. فقال النعمان: أف لهذا الغلام، لقد خبث علي طعامي. فقال: أبيت اللعن، أما إني قد فعلت بأمه. فقال لبيد: أنت لهذا الكلام أهل، وهي من نساء غير فعل ، وأنت المرء فعل هذا بيتيمة في حجره.
    فأمر النعمان ببني جعفر فأخرجوا. وقام الربيع فانصرف إلى منزله، فبعث إليه النعمان بضعف ما كان يحبوه به، وأمره بالانصراف إلى أهله.
    وكتب إليه الربيع: إني قد تخوفت أن يكون قد وقر في صدرك ما قاله لبيد، ولست برائم حتى تبعث من يجردني فيعلم من حضرك من الناس أني لست كما قال. فأرسل إليه: إنك لست صانعاً بانتفائك مما قال لبيد شيئاً، ولا قادراً على ما زلت به الألسن، فالحق بأهلك.
    ويبدو أن لبيد نظم معلقته بعد هذه القصة إذ أنها تتضمن تلميحات لما حدث في الحيرة ويظهر شبابية نبرتها أنها تعود إلى لغة حديث بدو تلك الأيام. ربما ليس في المعلقات من وصف يضاهي هذه في وصف بقر الوحش أو الظبي، حيوان نادر لا يوجد إلا في النفود. هذا وحده دليل على أنها نظمت في صباه في الصحراء.
    وقال دبليو إى كلوستون عن لبيد، في كتاب من تحريره وتقديمه عن الشعر العربي: دعي لبيد بن ربيعة من بني كلاب من سخاء كرمه بكنية "ربيعة المقترن" وكذلك أبو عقيل. كان عمه أبو براء عامر بن مالك، ملاعب الأسنة. رافق في صباه المبكر وفداً من قبيلته يرأسه عمه إلى بلاط النعمان ملك الحيرة، حيث نظم قصيدة هجاء ألقاها أمام الملك أثارت غضب أحد رجالات البلاط الذي كان مكروهاً لدى القبيلة.
    كان لبيد شاعراً مخضرماً شهد الجاهلية والإسلام. هناك عدة روايات حول إسلامه. وفق الأغاني كان لبيد ضمن وفد ذهب إلى الرسول بعد وفاة أخ لبيد أربد، الذي قتلته صاعقة بعد يوم أو يومين من إلقائه خطبة ضد مباديء العقيدة الإسلامية. وهناك اعتنق الإسلام وكان طاعناً في السن. يقول آخرون إن تعليق القصائد على باب الكعبة كان عادة الشعراء كتحد عام في سوق عكاظ القادم، وهذا ما جعل لبيد يقول:
    ألا كل شيء ما خلا الله باطل- وكل نعيم لا محالة زائل
    كانت القصائد تستحوذ على إعجاب الجميع ولا يجرؤ أحد على منافستها حتى وضع محمد آيات من الجزء الثاني من القرآن بجانبها. دهش لبيد لسموها وأعلن أنها لابد من إلهام إلهي فمزق معلقته واعتنق الإسلام في الحال. ترك الشعر بعد ذلك ويقال إنه لم ينظم سوى بيتاً واحداً من الشعر حول إسلامه:
    ما عاتب المرء الكريم كنفسه- والمرء يصلحه القرين الصالح
    ذكر الرسول إن شعراء الجاهلية لم ينظموا شعراً أنبل من شعر لبيد.
    استقر لبيد في الكوفة بعد إسلامه حيث وافته المنية قرابة نهاية عهد معاوية (660 ميلادية) في سن 157 سنة كما يذكر ابن قتيبة أو 145 كما ورد في الأغاني، تسعون منها في الجاهلية وما تبقى في الإسلام.
    أرسل حاكم الكوفة يوماً في طلب لبيد وسأله أن يلقي بعضاً من شعره فقرأ لبيد الجزء الثاني من القرآن الكريم (سورة البقرة) وقال عندما انتهى " منحني الله هذا عوض شعري بعد أن أصبحت مسلماً."
    عندما سمع الخليفة عمر بذلك أضاف مبلغ 500 درهم إلى 2000 درهم التي كان يتقاضها لبيد. حين أصبح معاوية خليفة اقترح تخفيض راتب الشاعر، ذكره لبيد أنه لن يعيش طويلاً. تأثر معاوية ودفع مخصصه كاملاً، لكن لبيد توفي قبل أن يصل المبلغ الكوفة.
    [/align]
    [align=center]

    لزيارة موقعي اضغط على الصورة

    اللهم من أرادني بسوء فأشغله في نفسه، اللهم إني ادرأ بك في نحره واعوذ بك من شره ،
    اللهم إنك تعلم سرى وعلانيتى فأقبل معذرتي وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي،
    اللهم إنى أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لن يصيبني
    إلا ما كتبت لي وإن ما أصابني لم يكن ليخطئني وما أخطأني لم يكن ليصيبني 0 [/align]

  2. #2
    الصورة الرمزية YELLOWROSE
    تاريخ التسجيل : Apr 2007
    رقم العضوية : 22851



    مشكور يا النشمي علي جميع المعلقات



    يعطيك ربي الف عافية
    سبحان الله والحمد لله

  3. #3
    الصورة الرمزية ألنشمي
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    رقم العضوية : 5557
    الاقامة : جـــ في احضان ــدة
    المشاركات : 16,959
    هواياتى : السفر 000 والسياحة
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 523
    Array



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة YELLOWROSE مشاهدة المشاركة
    مشكور يا النشمي علي جميع المعلقات



    يعطيك ربي الف عافية


    [align=center]000
    00
    0

    هلا بالغالية




    ربي يسعدك في الدارين




    اشكرك لمرورك العطر




    بورك لك




    دمتِ بخير


    [/align]

  4. #4
    الصورة الرمزية ابن طفيل
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    رقم العضوية : 17852



    اخوي النشمي

    الله يعطيك العافية

    لا ادري لماذا دائما اشعر ان معلقة لبيد من القصائد الرائعة

    والصعبة

    نعم الصعبة في كلماتها

    تحتاج الى قراءة مرات ومرات

    وشرح مفصل ومعاني كلمات

    لكن في النهاية تجد نفسك امام عمل عظيم

    ودمت بخير
    اللهم ارزقني بيتا يؤويني, ونورا يهديني, ورزقا يكفيني,
    وشكرا يغنيني, واحفظ علي عقلي وديني,
    واكفني شر من يؤذيني .




  5. #5
    الصورة الرمزية ألنشمي
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    رقم العضوية : 5557
    الاقامة : جـــ في احضان ــدة
    المشاركات : 16,959
    هواياتى : السفر 000 والسياحة
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 523
    Array



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن طفيل مشاهدة المشاركة
    اخوي النشمي

    الله يعطيك العافية

    لا ادري لماذا دائما اشعر ان معلقة لبيد من القصائد الرائعة

    والصعبة

    نعم الصعبة في كلماتها

    تحتاج الى قراءة مرات ومرات

    وشرح مفصل ومعاني كلمات

    لكن في النهاية تجد نفسك امام عمل عظيم

    ودمت بخير

    [align=center]000
    00
    0


    هلا باخوي الغالي



    الله يسعدك في الدارين



    اللغة العربية الفصحى 000 في بادية الجزيرة وحاضرتها



    لم يداخلها اي كلمات اخرى



    فلم يخالطهم لا روم ولا فرس ولا احباش


    كانوا اولئك من جهة الشمال يحدهم الغساسنه ويتقاسمون الحدود بين


    امبراطورية فارس والرومان انذاك



    وكان الاحباش قد دخلوا اليمن


    فكان قلب الجزيرة بعيدا عن تلك الاحداث


    فكانت كماتهم 000 واشعارهم


    تلك اللغة التي اكرمنا الله فانزل القرآن بها



    كم هي عظيمة اللغة العربية الفصحى


    ناهيك عن اختيار المعلقات 000 فكانت هناك



    كلجنة بسوق عكاظ تقيم المنظومات



    ويختار افضلها


    والغرابة ان صدور الناس كانت هي مدونتها


    تتناقلها السنتهم


    وتنتقل من مكان لاخر مع الركبان



    حفظا 000


    وبدون مخطوطات


    فلله درهم من رجال



    ولله در شعراؤهم


    وحكماؤهم


    فالقصيدة مرة ومرتين نعيد قرأتها وثلاث


    وبالكاد نفهمها



    وكانت شدة ذكاؤهم 000حفظها من اول سماعها ولوكانت مائة بيت




    مرورك اسعدني




    مشكور اخوي



    دمت بخير



    [/align]
    التعديل الأخير تم بواسطة ألنشمي ; 30-05-2007 الساعة 10:36 PM

  6. #6
    تاريخ التسجيل : Jun 2007
    رقم العضوية : 24982



    يعطيك العافيه اخويه

  7. #7
    الصورة الرمزية ألنشمي
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    رقم العضوية : 5557
    الاقامة : جـــ في احضان ــدة
    المشاركات : 16,959
    هواياتى : السفر 000 والسياحة
    MMS :
    الحالة غير متصل
    معدل تقييم المستوى : 523
    Array



    [align=center]000
    00
    0

    هلا بالغالية صغيرونه



    يسعدك ربي في الدارين


    اسعدني تواجدك



    ومرورك العطر



    دمتِ بخير


    [/align]

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. معلقة النابغة الذبياني
    بواسطة ألنشمي في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 04-06-2007, 08:07 PM
  2. معلقة طرفة بن العبد
    بواسطة ألنشمي في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 04-06-2007, 08:05 PM
  3. معلقة عبيد بن الأبرص
    بواسطة ألنشمي في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 27-05-2007, 08:33 PM
  4. معلقة زهير أبن ابي سلمى
    بواسطة ألنشمي في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 20-05-2007, 10:04 PM
  5. معلقة عمرو بن كلثوم..
    بواسطة ألنشمي في المنتدى دُرة الأدب العربي والإبداع المنقول
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 19-05-2007, 03:59 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة واحة الدرر 1432هـ - 2011م
كل ما يكتب في هذا المنتدى يمثل وجهة نظر كاتبها الشخصية فقط