الفصل الأول
المسيح الدجال أول العلامات الكبرى
المسِيحُ: بفتح الميم وكسر السين المهملة المخففة وبالحاء وعليه جميع روايات البخاري ومسلم.
وكلمة المسيح تطلق على الدجّال وتطلق على عيسى بن مريم عليه السلام.وقد فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما بقوله في الدجال "مسيح الضلالة" فدل على أن عيسى "مسيح الهدى"
فإذا أريد بها الدجال قُيّدت به فيقال "المسيح الدجال" فإذا أطلقت فقيل "المسيح" فهو عيسى بن مريم عليه السلام.
وسُمّي الدجال مسيحاً إما لأنه ممسوح العين اليمنى طافئة لا شعاع فيها، ممسوح الحاجب الأيمن، أو لأنه يسيح في الأرض كلها.
وكذلك عيسى بن مريم عليه السلام كان يسيح في الأرض أو لأنه كان يمسح ذوي العاهات بيده فيبرئهم الله( ).
أما لفظ الدّجال: فبفتح أوله والتشديد من "الدّجل" وهو لغة التغطية، وذلك لأنه يغطي الحق بباطله.
والمسيح الدجال ليس هو أول دجال ولكنه آخر الدجاجلة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالاً كذاباً"( ).
تحقيق أن الدجال هو أول العلامات الكبرى للساعة:
ظهور المسيح الدجال هو أول العلامات العشر الكبرى للساعة والتي ضمها حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم سنصدّر به الباب القادم بإذن الله تعالى وهو "علامات الساعة الكبرى".
وقد ذهب قوم من أهل الأخيار إلى القول بأن طلوع الشمس من مغربها هو أولُ العلامات الكبرى مستندين في ذلك إلى الحديث الصحيح المروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم: قال: "إن أول الآيات خروجاً طلوعُ الشمس من مغربها وخروج الدّابة على الناس ضحىً فأيتّهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريباً"( ).
وهذا الذي ذهبوا إليه ليس بصواب وإنما يسبق طلوع الشمس من مغربها ثلاثُ علامات كبار أولها ظهور الدجال ثم نزول عيسى بن مريم عليه السلام ثم خروج يأجوج ومأجوج. وتحقيق ذلك بأن نقول:
أولاً:
إنه بطلوع الشمس من مغربها يغلق باب التوبة ولا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.
ولكنّ المقرر والمعروف أن عيسى بن مريم بنزوله سيدعو الناس إلى الإسلام وسيؤمن به أقوامٌ من النصارى قال تعالى: "وإنْ من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً". النساء 159.
فلو كان سبق ذلك طلوع الشمس من مغربها لم يكن ينفعهم إيمانهم ولهذا:
- قال الحافظ بن حجر: (إن مدة لُبث الدجّال إلى أن يقتله عيسى ثم لُبث عيسى وخروج يأجوج ومأجوج كل ذلك سابق على طلوع الشمس من المغرب، فالذي يترجّحُ من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض وينتهي ذلك بموت عيسى بن مريم، وأنّ طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة) ( ). اهـ.

لابد أن يكون ظهور الدجال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج علامات سابقة على طلوع الشمس من مغربها لأن عيسى سيعيش بعد مقتل الدجال وهلاك يأجوج ومأجوج سبع سنين كما جاء في صحيح مسلم أو أربعين سنة كما جاء في رواية صحيحة عند أبي داود عن أبي هريرة، ثم بعد ذلك تظهر أول العلامات التي تتابع بعدها باقي العلامات كأنها حبات عقد انقطع سلكه فانفرطت حباته أي توالت سراعاً. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خرزات منظومات في سلك فانقطع السلك فيتبع بعضها بعضاً"( ).
الفصل الثاني
وصف المسيح الدجال
وصف المسيح الدجال
- الدجال رجل من بني آدم يهودي ممسوخ الخلقة شيطاني النشأة والنزعة شيطاني الشكل والصورة. تحيط به الشياطين ويتبعه سبعون ألفاً من اليهود عليهم الطيالسة (الطرحة أو الغترة).
- أما عن أبويه فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يمكث أبوا الدجال ثلاثين سنة لا يولد لهما ثم يولد لهما غلام أعور أضر شيء وأقله منفعة، تنام عينه ولا ينام قلبه". ثم نعت أبويه فقال: (أبوه رجل طويل مضطرب اللحم طويل الأنف كأن أنفه منقار، وأمه امرأة فرضاخيّة عظيمة الثديين"( ).
- وأما عن شكله وصورته فقد بينها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بياناً شافياً كافياً، لا يدع معه شكاً ولا تردداً في التعرف عليهن ففيه علامات تظهر من بعدي وعلامات تظهر من قريب.
- فإذا نظرت إليه قادماً من بعيد رأيت رجلاً قصيراً ضخم الجثة جداً، آدم (أسمر) أحمر (أدمته صافية قد احمرّت وجنته عظيم الرأس كأن رأسه أصلة( )، جعد الشعر قطط (شديد الجعودة) كأنه مضروب بالماء والرمل، جُفال جُفال، (حُبُك، حُبُك) ( ) كأن شعره أغصان شجرة( )، أفحج (تدانت صدور قدميه وتباعدت عقباها).
- فإذا اقتربت منه رأيت شَبَهاً شيطانياً فشق وجهه الأيمن ممسوح لا عين فيه ولا حاجب، وعينه اليسرى متقدةٌ خضراء كأنها كوكب دري، كأنها زجاجة خضراء ناتئة (بارزة)، جاحظة متدلية على وجنته كأنها عنبة طافية أو نُخامة في جدار.
فهو إذن أعور العينين، اليمنى ممسوحة طافئة لا شعاع فيها واليسرى ناتئة طافية جاحظة متدلية على وجنته( ).
وكان يمكن أن يكتفى بهذا الوصف الدقيق ولكن الله جلّت قدرته شاء أن يستبين لنا أمره فلا يخفى طرفة عين فوصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبلغ وصف وبينه بياناً شافياً فقال صلى الله عليه وسلم: "مكتوب بين عينيه "كافر" تهجاها رسول الله: "ك. ف. ر" يقرؤها كل مؤمن قارئ وغير قارئ". ولأ أظنه يخفى بعد ذلك على أحد( ).
بعض الأحاديث التي وردت بصفة الدجال:
1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "… فإذا هو رجلٌ جسيمٌ أحمرُ جعد الرأس أعورُ العين"( ).
2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "… إن المسيح الدجال رجلٌ قصير أفحج جعد أعور مطموس العين"( ).
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "… إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك"( ).
4- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "… إن الدجال ممسوح العين اليسرى"( ).
5- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "… أعور العين اليمنى كأنها عنبة طافية"( ).
6- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "… ألا وإنّه أعور وإنّ ربكم ليس بأعور مكتوبٌ بين عينيه "كافر" يقرؤه كل مؤمن"( ) وفي رواية "مكتوب بين عينيه "ك. ف.ر." "( ).

الفصل الثالث
مكان الدجال (أين هو الآن)
يتبع>>>