إن مشكلة العداء الأزلي بين الزوجة وأم زوجها، لها أبعاد وأطراف تتداخل وتتشابك، وليس ثمة خروج من متاهتها إلا في ظل الوعي بدور وأهمية الأم والزوجة كل في موقعه.

وقد تدفع الأم إلى ما تقوم به من مضايقة زوجة ابنها غيرتها الشديدة منها، وقد تعزز زوجة الابن تلك الشكوك والمخاوف التي تدور في رأس الأم بما تبادلها من مشاعر غير طيبة، تشعرها بأن حماتها كيان ثقيل الظل، لا تحبذ وجوده في حياتها.

وما أكثر القصص الواقعية التي تسردها أمهات ألقين في دور المسنين والعجزة، حول مخططات ومكائد زوجات أبنائهن، فهل من وسيلة للتعايش السلمي بين الطرفين؟

لا شك أن ديننا الحنيف قد أحاط بكل المشكلات، ووضع الحلول المناسبة لها، بل ورسم معالم الوقاية من وقوعها، وتجنب التلبس بها.

وهذه بعض النصائح التي هي في الحقيقة مفاتيح لأبواب السعادة الزوجية، التي ما يكون لها أن تحقق –أي السعادة- في وجود مشاكل وخلافات بين الزوجة وأم زوجها، إنها نصائح للزوجة المسلمة التي تراقب ربها في السر والعلن، وتضع عقابه الأليم نصب عينيها، وترجو رحمة ربها برحمتها لتلك الأم المسنة المسكينة:

1- أن تعتبر أم زوجها أما ثانية لها، وكم ستغطبها الأخريات لذلك، وإذا حاولت زرع ذلك الشعور في نفسها، وغذته بمشاعر الحب التي تستتبعها تلك البنوة، فسيدفعها ذلك الشعور للإحساس بواجباتها تجاه تلك الأم.

2- أن تذكرها بكل خير، في وجودها وعند غيابها، لا سيما أمام الأقارب والجيران وغيرهم، لما يشعر تلك الحماة بصدق مشاعر زوجة ابنها.

3- تفقد أحوالها وتلبية رغباتها وزيارتها إذا كانت تستقل في السكن لوحدها، وحمل الهدايا ولو كانت صغيرة، كباقة ورد أو كعكة تصنعها الزوجة بنفسها.

4- أن تغرس الزوجة في أبنائها حب جدتهم، وعظم مكانتها، ويكفي أنها أم أبيهم الذي يحنو عليهم ويرق لحالهم، والطفل لا يجيد النفاق والخداع والتظاهر بالحب، إنما يكون ذات فطرة خالصة غاية في النقاء فإذا علت وجهه علامات الفرح بزيارة جدته، كان ذلك مؤشر خير، وأصدق دليل على نبل مشاعر تلك الزوجة وحسن تربية أهلها لها.

5- احترام الخصوصية بين الزوج وأمه، فلا تحشرن الزوجة أنفها فيما بينهما من أسرار وأخبار.

6- ولا شك في أن ابتسامة من وجه طلق، تزرع المودة، وتذيب جليد التوتر الذي قد يشوب العلاقة بين الزوجة وحماتها.
7_أن تصبر الزوجة صبر الرضا بالقضاء لا صبر القهر والاضطرار حتى تؤجر في كل ما تفعل وما تدع ، وأن تدعو لأم زوجها بظهر الغيب أن يشرح الله صدرها، ويهذب طبعها ويلين قلبها نحوها ، فهي أم لزوجها وجدة لأبنائها ، ومرضاتها جزء من الإيمان بالله ورسوله.
وهذه النصائح لا تمتثل لها إلا زوجة واعية، تدرك عظم حق الأم على ولدها، وأن مراعاة زوجها وتفقده لأحوال أمه، ينبغي ألا تقلقها بل إنها الطريق لسعادة الأسرة بأكملها، وكيف يوفق الله ابنا لا يراعي حق أمه؟ وكيف تظل السعادة بيتاً أهملت فيه أم قد تكون طاعنة في السن؟.

إن وعي الزوجة ينبثق عن عميق إيمانها الصادق، الذي يولد الصدق في مشاعرها تجاه جدة أبنائها، ووعيها يحتم عليها التصرف باحترام ولباقة معها وإن أساءت –ناسية أو متعمدة- إليها.

فإذا تسلحت الزوجة بالصبر ثم الصبر في معاملتها، فإن ذلك لا يضيع عند الله تعالى وإن ضاع عند الناس، ولتعلم أن الغضب لا يولد إلا مثله، والعنف لا يؤدى إلا لمثله، وإن الهدوء في المعاملة، والرقة في المشاعر لا تلبث أن تحيل النار رماداً لا حول له ولا قوة.

ولتعلم أن هنالك مثلاً قديماً يقول: إن نقطة من العسل تصيد من الذباب ما يعجز عن صيده برميل من العلقم.

وأما أم الزوج فعليها أن تغفر الزلات، وتقيل العثرات، وتعتبر زوجة ابنها بنتاً ساقتها الأقدار هدية رائعة، لتكون فرداً من أفراد الأسرة يتمتع بخصوصيات وحقوق تحترم ولا تنتهك، وأن مردود الهدنة والهدوء ستتمتع به الأسرة بأسرها.
أن تعلم الأم أن سعادتها الحقيقية إنما تنبثق من سعادة الأبناء والأحفاد؛ لأنها بمثابة الشجرة التي تلتف حولها جميع الأغصان فيفيء الناس في ظلالها ويأنسون بنسيمها.



وإذا أقرت الحماة وزوجة ابنها بحق كل منهما في حدود ما أقره الله –سبحانه- لتلاشت تلك العداوة، ولحلت محلها مشاعر الصفاء والود.
و على الزوج أن يناصح أمه بعيدًا عن زوجته ، وأن يكلم زوجته في غيبة أمه ، وأن يمسح بقلبه الشفيق جراحات زوجته، وأن يجبر كسرها بين حين وآخر فيأخذ بيدها إلى طريق العفو والصفح، ويخبرها أن الله قادر على تغيير الحياة النكدة والأيام الرتيبة إلى حياة سعيدة سهلة منظمة ممتعة في معناها ومبناها.
وإذا أحسنت الأسرة تربية البنت منذ نعومة أظفارها، وغذتها بالتوعية الكاملة لمنظومة الحقوق والواجبات، لا ستطاع المجتمع أن يحيا في سكينة منشؤها تقوى الله، ومراقبته فيما نفعل ونعزم على فعله، وعلى الجميع أيضاح حقيقة أن المرأة كائن بشري لطيف والذكور كأزواج وآباء وأخوات، مأمورون بالإحسان إليها جهد المستطاع، وصدق رسول الله القائل" إنما تنصرون بصعفائكم".: