الرياض ـ راشد فضل
تثار بين الحين والآخر قضية لجوء مستثمرين في سوق المال السعودي للاستعانة بالدجالين والمشعوذين والمنجمين لقراءة مستقبل السوق والشركات، خاصة بعد تدهور السوق وهو الأمر الذي يرفضه المجتمع السعودي ويعارضه بشدة كون هذا المجتمع يقوم على مبادئ الدين الإسلامي ويلتزم بتطبيقها في كل مناحي الحياة والحركة اليومية
وبشكل عام فإن المجتمعات الإسلامية لها رأى واضح تجاه المنجمين منذ عهد الرسول (ص) وحديثه الشريف الأكثر تداولا (كذب المنجمون ولو صدقوا ) وظل هذا الرأي قائما مع كل العصور الإسلامية، ولعلها أخذت رواجا في عهد الخليفة العباسي المعتصم الذي حقق انتصارا باهرا على الروم وفتح عمورية استجابة لدعوة امرأة مسلمة لحقها ظلم فنادت "وا معتصماه"، وقد جاء الفتح على الرغم من أن المنجمين حاولوا إثناء الخليفة عن تلك الحملة بحجة سوء الطالع الذي يرونه في تنجيمهم الكاذب.
على غير العادة وجدت التوقعات الخاصة بالسنة الجديدة، التي أعلن عنها المنجم اللبناني الأكثر شهرة مشال حايك عبر عدد من الفضائيات مع بداية عام 2007 متابعة واهتمام غير معهود من قطاعات في المجتمع السعودي. ويعود ذلك كون توقعات الرجل شملت حديثا يهم عدد كبير من السعوديين ويتعلق بوصول الأزمة التي يعاني منها سوق الأسهم السعودي إلى حلول جزئية.
وأكد عدد من صغار المستثمرين استطلعهم (الأسواق.نت) أنهم تابعوا تلك التكهنات على الرغم من عدم إيمانهم بالتنجيم والعرافين، حيث يقول المستثمر عبد الله السهلي إنه تابع توقعات المنجم من باب الفضول غير أن متابعته ركزت أكثر فيما يتعلق بسوق الأسهم ومستقبله.
أما ناصر العبد الله فقد بدا أكثر تشددا تجاه هذه الأمر، وأشار إلى أنه تابع حديث حايك وتساءل لماذا الاهتمام بسوق الأسهم السعودي تحديدا؟ وقال مشككا في التوقعات المتعلقة بالأسهم: إن كل المؤشرات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية تشير إلى تحسن ملحوظ، وأن عددا كبيرا من المحللين والمراقبين والاقتصاديين أكدوا أن سوق الأسهم ستشهد خلال العام الحالي، تحسناً ملحوظاً ما يساعد على تعويض الخسائر .
وأضاف أن كثيرا من المحللين استندوا على شواهد تؤكد نمو الاقتصاد السعودي وبالتالي تحسن سوق الأسهم ومن بين الشواهد ارتفاع أسعار النفط والاستثمارات الضخمة التي أعلنت عنها السعودية والمتمثلة في إنشاء مدن اقتصادية ضخمة بعدد من المناطق ، إلى جانب إدراج شركات جديدة في السوق، وخطوات هيئة سوق المال نحو التشريع والقوانين التي تسهم في ضبط السوق ومنع التلاعب.
ورأى المستثمر فيصل عبد العزيز أن التوقعات والتنبؤات تدخل من باب إعادة الروح وبث الأمل، مؤكدا عدم إيمانه بهذا الأمر غير أنه يتمنى تحقيق التنبؤات الخاصة بسوق الأسهم السعودي، ليعود إلى قمته كما كان وتتحقق الأرباح ويعوض آلاف السعوديين خسائرهم.
وقالت الكاتبة الصحفية ناهد باشطح إن تداعيات خسائر الأسهم كثيرة فهناك زوار دائمون للمستشفيات والمعالجين النفسيين بعد الخسائر التي تكبدوها وهناك نزلاء في السجون نتيجة للديون التي لم يسددوها لأصحابها أما من بقى خارج هاتين الدائرتين فمن المؤسف أن بعضهم بدأ في اللجوء إلى المشعوذين.
وتعتقد أن اللجوء إلى المشعوذين وهو رد فعل لما نتج من الصدمة لكن في الأساس ضعف الوازع الديني هو الذي يدفع بالفرد في حالة أزمة تصيبه إلى التفكير في أي مخرج حتى لو تعلق بأوهام.
وقالت إن مشكلة الأزمات أنها تصيب تفكير الإنسان بالشلل وان كان مؤقتا فيبدأ في التعلق بأي مخرج حتى وان كان أشبه بكلام المشعوذين الذي هو مسكن لآلام البشر وهدايا باهظة الثمن لبيع الوهم.
وأكدت باشطح أن ما يحدث في سوق الأسهم من انهيار هو كارثة بحق على من وضع كل ماله فيها أو الذي اقترض ليجني أرباحها، لافتة إلى انه كارثة على البسطاء الذين دخلوا طريقا لا يفهمون وعورته وليست لديهم الخبرة الكافية لتجاوز صعوباته.
وأشارت باشطح إلى أن هؤلاء هم في حالة عاطفية من الاضطراب وفقدان الاتزان، وتبدو الحياة اليومية بالنسبة لهم مخيفة ومروعة وهم بحاجة إلى مساعدة نفسية متخصصة، لأن الصدمة التي يمرون بها ليست سهلة ولن يستطيعوا تجاوز الأزمة بمفردهم، ولا بد من وجود الدعم الأسري والمجتمعي وأيضا الدعم المتخصص من قبل المراكز الاستشارية النفسية لأن الذي أضاع ماله في الأسهم لن يستطيع بسهولة التأقلم مع وضعه الجديد المغلف بالخسارة المادية وكيفية تعويضها مع ما يثقل كاهله من مسؤولياته الحياتية.
من جانبه قال الشيخ عبد المحسن العبيكان الداعية المعروف والمستشار القضائي بوزارة العدل في السعودية لـ (الأسواق.نت) إنه لا يجوز اللجوء للسحرة والمشعوذين والعرافين المنجمين في أي أمر من الأمور.. وأكد أنه حرام.
وأضاف أن الإتيان إلى الكهنة والعرافين حرام ( فمن ذهب إلى عراف أو كاهن بما انزل على محمد فقد كفر ) وأن الذي يعمد إلى ذلك جاهل.
وأكد الشيخ العبيكان أن من يسأل المشعوذين والعرافين عن مصير الأسهم مستقبلا فقد ارتكب أمرا عظيما كبيرا خطيرا .
المصدر