_______________
توقف على طرف جسر معلق على النهر ,,,
في وقت تسيده الهدوء ,,,
هدوء ضجيج البشر ,,,
يترقب حركة سطح النهر ,,,
تركب عيناه كل موجة تبدأ من وسط النهر ,,,
لتتهادى بدعة وتلثم أحد شاطئيه ,,,
ثم تنحسر مبتعدة تائهة , تعود إلى وسط النهر ,,,
هكذا هي حياته ,,,
يمضي رحلتها بين صعود وهبوط ,,,
بين مد وجزر ,,,
يمتطي صهوة الأمل ,,,
ويبحر بعيداً ,,,
ليكتشف أنه طمر على شاطئ جزيرة مهجورة ,,,
إحباط ويأس ,,,
يعود محملاً به ,,,
ليقارع مجدداً ,,, أمواج الحياة ,,,
وفي كل مرة ,,,
توهبه الحياة بريق الأمل ,,,
وتجرعه كؤوس المرار ,,,
وتحرمه باقات الفرح ,,,
هكذا هي حياته ,,,
كأرجوحة أطفال تراوح مكانها في الهواء ,,,
كموجة تطفو على سطح ماء ,,,
نظر إلى الشمس وقت الغروب ,,,
سألها ,,, هل ستشرق باكر ,,,
وهل ستغرب في نفس الموعد ,,,
مثل كل يوم ؟؟؟
تخيل للحظة ,,, أنها آخر مرة سيرى الشمس ,,,
ربــــــــــــــــــــــما ,,,
فالأفكار تدور بين جنبات رأسه الصغير ,,, قاتلة ,,,
هو محبط ,,,
محبط القلب ,,,
محبط النفس ,,,
محبط المشاعر ,,,
فكل أحلامه تهاوت أمام ناظريه ,,,
وكل آماله تحطمت وتكسرت بين يديه ,,,
وكل شيئ أصبح سواسية في عينيه ,,,
لم يعد للفرح ذلك الوقع الجميل ,,,
ولم يعد للإبتسامة رونقها المميز ,,,
بل لم يعد يرى الأشياء إلا ,,, مناظر ووجوه مكفهرة ,,,
يعلوها صدأ الظلام ,,,
تتوه روحه بين جنبات نفسه ,,,
بالكاد تحمله قدماه ,,,
وبالكاد تنبعث الكلمات من شفاهه ,,,
لاتعدو إلا أن تكون ,,,
آآآآآآآآآآآآه ,,,
أو
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآه ,,, أخرى ,,,
أخذ نفساً عميقاً ,,,
وزفر بآآآآآآآآآآآآآآآه طويلة ,,,
تلمس كتفيه براحة يديه ,,,
وتسمر ينظر إلى النهر ,,,
مضى به الوقت ,,,
غابت شمس ذاك اليوم ,,,
أخذت الأضواء تصهل قليلاً قليلاً وتسطو على الظلام ,,,
شعر برعشة تسري بجسده المنهك ,,,
تخيل للحظة أن يجن عقله ويطلب منه ,,,
أن يرمي نفسه في النهر ,,,
كي يغتسل من إحباطه ,,,
قد تنقذه مهارته في السباحة ,,, ولكن ,,,
هل سيتركه الإحباط ؟؟؟
توقف عند هذه الكلمة ,,, كثيراً ,,,
شعر بأن قدميه تسير ,,, بعكس الإتجاه ,,,
مبتعدةً عن النهر ,,,
ملت قدميه الوقوف والإنتظار الممل ,,,
رمق النهر بنظرة أخيرة ,,,
قد يراه ,,, وقد لايراه مرة أخرى ,,,
عاد يمشي متسكعاً ,,,
بلا وجهة محددة ,,,
بينه وبين نفسه يريد تسلق الظلام ,,,
ليصعد إلى النجوم ,,, يرتكز على إحداها ,,,
من هناك ,,, قد تتضح له معالم البشر ,,,
سيرى الخونة ,,, يجلجلون ظلام الليل بضحكات الغدر ,,,
ويرى المقامرون ,,, بحياة البشر ,,,
وسيرى سارقوا الفل ,,, الذين ينظمونه عقداً ,,,
يباع ويهدى ,,, ويرمى على الأرض ,,,
سيرى من هم مثله ,,, يهيمون على وجوههم ,,,
يبحثون عن مرساة أحلامهم ,,, على شواطئ آمالهم ,,,
ليطببوا بها آلامهم ,,,
كان يمشي مسيراً ,,,
أفاق أخيراً ,,, كما في كل مرة ,,,
وجد نفسه في غرفته ,,,
يقلع قميصه ,,,
ليرمي به على طرف السرير ,,,
ويرمي بجسده المثقل بالهم والأحزان ,,,
على أريكته الوحيدة ,,,
وشعر كما في كل مرة ,,, أيضاً ,,,
بأربع حيطان تكاد أن تطبق على أنفاسه ,,,
ولربما تطبق على أنفاسه ,,,
هــــــــــــــــــذه الليلـــــــــــــــــة ,,,
_______________________
هذه الليلة ,,, قصتي ,,, وقصتك ,,, وقصة كثيرون ,,,
وربما البعض لازال يعيشها ,,,
بإنتظار ,,, هذه الليلة ,,,