ارتفع الآذان ندي ..رقراق..تسلل إليه مع نسمات الصبح العليلة .. داعبت أذنيها بلطف,استيقظت.... أزالت آثارالنوم من
.. عينيها .. نهضت بخفة .. لترى وتشاهد وتسمع أروع آيات الجمال ..بين الجبال العالية في وادي عميق في هذه اللحظة تذكرت… … إبراهيم … هاجر … إسماعيل … " ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فأجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم "
سبحان الله …تحققت دعوة إبراهيم ألوف مؤلفة هنا وهناك …الجميع يقصد هذا البيت ..يرجون رحمة الله و غفرانه ..سبحان الله …أحست بشعور غريب نظرت إلى نفسها …آه هذه الملابس البيضاء تبعث في النفس شعور بالراحة …
تأملت الكعبة…الناس … الصفا … المروة … زمزم … يالها من رموز رائعة … نهضت مسرعة..متلهفة ..الأرض لا تحملها من فرط سعادتها ..فهذه المرة الأولى التي تزور فيها هذه البقاع الطاهرة …
قصدت الكعبة ..وحولها…بدأت الطواف…بسم الله والله اكبر..شوط أول ..ويليه الثاني ..ثم الثالث .. الآيات والأدعية ..الذكر والصلاة على الرسول .. تتصارع في القلوب وتصل الحناجر ثم تداعب الشفتين …تمتمات كثيرةتختلط ..جموع كثيرة الكل يسبح ..ويقرأ ..ويدعو..
"بنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنه…وقناعذاب النار"سبعة أشواط واحد تلو الآخر…
وخلف المقام …مدت يديها إلى السماء …وبكل خضوع ..دعت …دعاء خالص لرب السماوات والأرض… وركعتين خاشعتين
…
ثم إلى زمزم مروى الضمآن وطعام الجائع ودواء السقيم …ومع تلك الشربة..
"للهم انانسألك علماً نافعاً ورزقاً واسعاً وشفاء من كل داء"
…"إن الصفا والمروة منشعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما…"
وعلى الصفا … وقفت تدعو بكل حماس (الله اكبر الله اكبر الله اكبر ..لا اله ألا الله وحده..صدق وعده،ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده) ثم يخفت صوتها لتتصارع الكلمات في صدرها وتمتزج بأحاسيسها
"اللهم اني أسألك موجبات رحمتك …وعزائم مغفرتك ……اللهم لا تدع ليذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ……اللهم لا تدع لي حاجة من حوائج الدنيا والآخرة لك فيها رضا ولي فيها صلاح إلا قضيتها يا ارحم الراحمين "
نزلت من الصفا متوجهة إلى المروة بحماس … تهرول مع تلك الجموع الكبيرة …لا تحس ببرودة الرخام بل تراب حار من هجير مكة و رمضائها …(ربنا إني أسكنت من ذريتي………)مرة أخرى طيف هاجر و إسماعيل …لله درك يا هاجر وصلت إلى نهاية بطن الوادي الذي هرولت فيه عليها السلام …ثم عادت إلى المشي ذاكرة داعيةالله مصليةً على رسولها عليه افضل الصلاة و أتم التسليم ..إلى أن وصلت المروة …
صعدت ..كبرت وهللت و دعت كما على الصفا ثم نزلت إلى بطن الوادي …صعدت ونزلت .. صعدت ونزلت دون أن تحس بالتعب اخلصت دعاءها لله وصلى على الحبيب عليه السلام إلى أن ختمت سعيها بثمان وقفات أربع على الصفا أربع على المروة……
تحللت وختمت عمرتها بدعاء خالص لرب الأنام ..دعت لأهلها وختمت
وقفتهابـ(اللهم تقبل منا)
لازالت في مكة الحسنة فيها بألف ..والسيئة بألف آه من يعيش فيك ..
ابن عباس انتقل منها إلى الطائف لمضاعفة السيئة فيها فكيف بنا …الله المستعان…
قضت شهرها في بيت الله ترجو رحمته و تخشى عذابه …أجواء روحانية رائعة في رحاب الله …و قبيل المغرب …تأملت بيت الله في كل ركن من أركانه فرشت موائد الإفطار …الكل يريد الأجر والثواب …
ويرفع الآذان وتمتد الأيدي إلى الأفواه… ويفطر الصائمون …"للهم لك صمنا وعلى فضلك افطرنا"
"ابتلت العروق وارتوت الحناجر وثبت الأجر إن شاء الله "……هكذا قضت أيامها بين صيام وقيام وصلاة ودعاء …مر الشهر كالبرق… الساعة كالدقيقة والدقيقة كالثانية …
تدق أجراس العيد ..و تبكي صاحبتنا لفراق شهر عزيز…ولكن ينسيها العيد آلام الفراق …
اتصلت بأهلها … هنأتهم ."اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا"..(كل عام وانتم بخير)… "تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال " …
عبارات التهنئة تتبادلها مع الأحبة…ثم تحمل قدميها بتثاقل و تلملم أدواتها لتغادر هذه الأرض و تودع تلك اللحظات الرائعة… تسير وبين جوانحها حزن عميق ومشاعر وأشواق جياشة فنفسها تواقة تشتاق لتلك البقاع ..لحظات لا تدري أطالت أم قصرت ووجدت نفسها بين أهله وأحبابها ولكنها لازالت تتذكر تلك البقاع… وتلك اللحظات …وذلك الجو الإيماني الرائع …
فهي تتذكر ومازالت وسيبقى قلبها متعلقاً بتلك البقعة الطاهر الآمنة بين تلك الجبال العالية
لله درك يا مكة …
لله درك يا مكة …
...
من مذكراتي القديمة
.....
دمتم على خير وطاعة
[/align]