السعودية في خطوة مثيرة: إلغاء السجن كعقوبة لبعض الجرائم


أعلن مدير عام السجون في السعودية اللواء الدكتور علي حسين الحارثي أن الأشهر المقبلة ستشهد نقلة نوعية في مفهوم معاقبة المذنب في السعودية بإلغاء عقوبة السجن واستخدام بدائل أخرى في بعض القضايا، كما أكد على ان هناك توجها جادا بعدم فصل من يسجن من العمل او إيقاف مرتبه كما هو معمول به حاليا.
وأكد الحارثي في حديث أنه سيتم إعادة النظر في الكثير من أنظمة السجون وضوابطها، ومن ذلك السماح للسجين بمزاولة عمله خارج السجن ثم العودة إليه حتى يكمل محكوميته، ضمن عدد من الاجراءات لإصلاح أحوال السجون ونزلائها في السعودية.
وينتظر ان يصل عدد السجناء التي بدأت السلطات السعودية في إطلاق سراحهم على دفعات اعتبارا من مساء يوم الخميس 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وهي ليلة دخول شهر رمضان الحالي، الى 7500 سجين، بمناسبة الشهر الكريم وبمقتضى امر العفو الذي يصدره بشكل سنوي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز، وتبادر وزارة الداخلية إلى تفعيل الأمر الملكي بتشكيل لجان في جميع المناطق والمدن في البلاد، تضم في عضويتها ممثلين للإمارة والسجن وهيئة التحقيق والادعاء العام ووزارة العدل، لدراسة الملفات والحالات المعروضة عليها.
وتمتد أعمال هذه اللجان الى ما بعد رمضان بشهرين او ثلاثة أشهر، ويتوقف ذلك على حجم الحالات التي لا تقدم في الأساس إلا بعد أن ينطبق على أصحابها العديد من الاشتراطات وبعض الضوابط.
وتبلغ نسبة المفرج عنهم في هذه المناسبة ما بين 20 الى 25 في المائة وقد تصل الى 30 في المائة في بعض الأحيان من إجمالي نزلاء السجون السعودية والذين يبلغ تعدادهم نحو 30 ألف سجين.
وأشار اللواء الدكتور علي حسين الحارثي مدير عام السجون في السعودية إلى أن أمر خادم الحرمين الشريفين بالعفو عن بعض المحكوم عليهم بالسجن يستفيد منه كثيرون ممن عليهم حقوق عامة في أي جريمة من الجرائم التي ليس فيها حدود، موضحا أن من عليه حق خاص لا يسري عليه مضمون العفو.
وقال الحارثي : إنه يشترط لاستفادة المسجون بقرار العفو أن لا يكون من أرباب السوابق أو أصحاب الجرائم الكبيرة كتهريب أو ترويج المخدرات، مضيفا أن الإفراج بموجب هذا الأمر يقتصر على مرتكبي الجرائم الصغيرة فيما دون النفس، كالسرقات التي ليس لها صلة بجريمة مدبرة او مخطط لها بالعنف أو اختلاء رجل بامرأة في صورة لا يثبت فيها حد شرعي.
ونفى المسؤول السعودي أن تكون بلاده قد تعرضت لضغوط من دول أجنبية للحد من توسيع نطاق العفو عن المساجين بسبب الظروف الدولية الراهنة، وقال إن السعودية لا تلتفت لأي ضغوط او ابتزاز، مؤكدا أنها لا تخضع شؤونها لظروف الدول الأخرى، بل إنها تنظر لظروفها ومسبباتها في هذا العمل الانساني للمواطن والمقيم على حد سواء.
وبين الحارثي أن أعداد نزلاء السجون حاليا تفوق طاقة البرامج التأهيلية والإصلاحية في السجون السعودية حالها في ذلك حال المؤسسات التعليمية والصحية. ودعا في هذا الشأن الى العمل ببدائل أخرى بخلاف السجن كتطبيق خدمة اجتماعية إلزامية أو غرامة مالية، وقال إن مثل هذه البدائل ستكون أفضل من مواجهة ازدحام السجون، وستكون في بعض الأحوال أجدى من عقوبة السجن التي يمكن ان لا تصلح للمسجون وقد لا يتحقق منها الاستفادة المتوقعة والمنتظرة بعدم عودة من يعاقب بها إلى سلوكه الاجرامي.
وأكد اللواء الحارثي أن الأشهر المقبلة ستشهد نقلة نوعية في مفهوم معاقبة المذنب بإلغاء عقوبة السجن في بعض الظروف واستخدام بدائل أخرى، وكذلك تحسين أوضاع السجون ونزلائها إلى مراحل متقدمة جدا، وقال «إننا سوف نحيي تشغيل السجناء في مقار عملهم باستثناء مرتكبي جرائم الشرف والعرض أو من تتكرر إدانتهم، او الذين يقعون في جرائم كبيرة».
وأضاف الحارثي انه سيتم لاحقا إعادة النظر في الكثير من أنظمة السجون وضوابطها، لافتا إلى أن هناك توجها جادا بتطبيق عدم فصل من يسجن عدة أشهر من عمله، او ايقاف مرتبه عن زوجته وابنائه ومن يعولهم، وقال «سندرس الأنظمة الحالية كلها وسوف نسمح في بعض الحالات (وفق ضوابط سهلة ومرنة) بأن يذهب السجين الى مزاولة عمله خارج السجن ويعود إليه مرة أخرى حتى يكمل مدة محكوميته، وسننظر بأهمية إلى حالات السجناء مع جهات عملهم وموضوع مرتباتهم».
وحول نتائج زيارة وفد من منظمة العفو الدولية إلى السعودية ووقوفه على أوضاع سجونها وحالات المعتقلين بداخلها، أوضح الحارثي أن الزيارة كان متفقا على موعدها قبل أكثر من شهرين إلا أن المستجدات التي طرأت بعد 11 سبتمبر (أيلول) والحرب في أفغانستان جعلت الوفد نفسه يطلب تأجيل الزيارة إلى وقت آخر، وفي هذا الشأن يواصل مدير عام السجون في السعودية بقوله: «نرحب بزيارة هذا الوفد وغيره في أي وقت، فليس لدينا ما نخفيه او نخشاه، وهو سيجد أن واقع سجوننا ونزلائها لا يتفق مع ما يشاع ويقال عنهما».