رواية رائعة , جعلت مؤلفها يقفز الى أعلى قائمة كبار الأدباء في مصر والوطن العربي .

تتناول الرواية التغيرات المتلاحقة في المجتمع المصري خلال تاريخ قصير نسبيا ابتداء من الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي مرورا بالخمسينات والستينات وانتهاء بالسبعينات والثمانينات .

استطاع الكاتب وبمنتهى الحرفية أن يُسكن المجتمع المصري- بكل متناقضاته- في عمارة يعقوبيان التي تقع في شارع سليمان باشا في وسط البلد ( القاهرة ) عندما كان وسط البلد حكرا على ابناء العائلات الثرية وأبناء الطبقة المخملية في الثلاثينات والأربعينات الميلادية
الشخصية المحورية في تلك الفترة كان زكي بيك الدسوقي الشاب البرجوازي المثقف صاحب السمعة التي يغلب عليها المجون والإنحلال وانهماكه في تلبية غرائزه من خلال مكتبه الواقع في عمارة يعقوبيان .
ثم ينتقل بنا الكاتب الى الخمسينات ومايليها عندما نجحت ثورة الضباط الاحرار في الإطاحة بالنظام الملكي وبدأت في تطبيق مباديء الإشتراكية طمعا في العدالة الإجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص لجميع أبناء الشعب المصري , مما أدى الى نزوح الكثير من سكان العمارة الأرستقراطيين الموالين للعهد الملكي وهروبهم بثرواتهم الى خارج مصر التي لم تعد مصر في نظرهم
بدأ وسط البلد يستقبل فئات جديدة لم يعرفها من قبل حيث سكن العديد من الضباط في عمارة يعقوبيان التي بدات تواجه نمطا جديدا من الحياة الإجتماعية لم تكن موجودة قبل الثورة , فهؤلاء الضباط ليسوا إلا ابناء مزارعين وريفيين حققت لهم الثورة أقصى امنياتهم .
وفي فترة السبعينات الساداتية الإنتهازية بدأ ظهور الحرفيين والسباكين والترزيين وبتوع الفجل كما يسميهم المصريون فتسللوا الى داخل العمارة فمنهم من سكن السطوح ومنهم من سكن غرف التخزين أسفل العمارة .
وفي الثمانينات بدأت المرحلة الأسوء في تاريخ مصر وهي مرحلة الإسلام الأصولي المعتمد على البندقية في محاولة إصلاح البلد الفاسد فيرينا الكاتب سطوة الدين وقدرة كهنة الإتجاه الديني على التغرير بالشباب المحبط لتحويلهم الى شباب مغيب يسيطر عليه اشباه الشيخ محمد شاكر .

لا أود الإطالة
الكاتب تناول في روايته التغيرات السياسية والإجتماعية والإقتصادية خلال العصر الحديث من عمر مصر .
قد يكون الكاتب قد جعل فترة ما قبل الثورة أجمل فترات مصر من خلال محاولة إقناع القاريء بأن ما بعد تلك الفترة كانت بداية انهيار مصر .
تناول الكاتب في روايته جميع الأنماط الإجتماعية في المجتمع المصري من خلال انتقاء شخصيات سكان عمارة يعقوبيان فهناك زكي بيه ممثلا لفترة الحكم الملكي ثم طه الشادلي الدي اتى والده من الريف وعمل سائسا في جراج العمارة واهتم بابنه ودراسته حتى تخرج من الثانوية وحاول الانخراط في كلية الشرطة ليصبح ضابطا وهو الامر المستحيل قبل الثورة رغم انه قد تم رفضه ثم فترة السبعينات والإنفتاح حيث الفساد التجاري وتنامي سطوة الترزيين والسباكين والحرفيين ثم فترة الثمانينات الظلامية بقيادة الشيخ محمد شاكر المتزمت .


رواية رائعة وساحرة جدا جدا

روميو ....... يجب ان تقرأها


تحياتي لك