[ALIGN=CENTER].
.
استقبلنا في المدينة " الغرب آسيوية " .. صباح جميل ..!!
فاستسلمت للهدوء والكيمياء بين مايصنعه الإنسان .. وماهو طبيعي ..
ـ جلست في صباحي .. في أحد المقاهي التي صممت على هيئة تراثية .. يزين سقفه القش .. وأوانٍ مبعثره بإتقان واهتمام شديدين .. وبيانو مستلقي بالقرب من الباب .. ومطلي بلون القشدة .. وفوانيس تتدلى من السقف .!
وحدي .. جلست إلى طاولة مستديرة يلفها نور الشمس .. ودفء الوجوه القليلة التي رأيتها في المقهى ..
فقط .. أتيت مع أوراقي لأشرب القهوة ..هنا ..!
وكانت الآنسة " شيماء " تمرر أقداح القهوة لرواد المقهى .
.
ـ هيـه .. أنت .. أثملت من قهوتنا ؟
ـ هل .. هذه هي طريقتكم .. للتأكد ممن يثمل من احتساء قهوتكم ..؟!!
ـ لا .. عذراً .. لكن لاحظت شرودك .!
ـ وهل شرودي يعني .. أنني ثـَمـِلْ ..؟
ـ إذاً .. أنت تعشق !
ـ أنا أتألم .
..
ـ ياآنســــــه .. عفواً هل أنت آنسه ؟
تبتسم ..
ـ نعم أيها البدوي ... أنا آنسـه ... امممم .. ماذا كنت تود أن تقول ..؟
ـ أردت أن أقول :
لماذا تستهترون بالكوارث اليومية التي تصيب مدينتكم ..
.. وتهربون للحانات والمقاهي والرقص في الملاهي الليلية ؟
ـ لا نهرب .. أنت لاتفهم .. نحن ننتظــر " السلام " .
أدس رأسي في ما أكتب ..
ـ يا ..
ـ سلمــان ..
ـ ياسلمــان .. أأغضبتك حين اقتحمت أسوار صمتك وشرودك ..؟
ـ بصدق .. نعم .!
تناولت شيماء بعض أوراقي الممدة على الطاولة .. وأخذت تراقبها وتقول :
ـ حسناً .. كانت صديقتي تحدثني على الهاتف .. وكنت أصف لها صمتك القابع في الزاوية منذ ساعه .. وكانت تراهنني أنك ثمِـل .. فناديتُ عليك لأكسب الرهان .
ـ وماذا رأيتــي .؟
ـ عرفت الآن .. أنك عاشق .!
ـ حتى النخاع .
ـ كتاباتك عنها .. مذهلة .. مؤكد أنها كانت جميلـة ؟
ـ لا أعرف .. أشعر أنني أحلق عالياً .. وأتألم كالمرضى .. من هذا الحب .!
..
خرجتُ من المقهى .. ووقفت أتأمل كيف يهطل المساء ويغطي الطرقات العربية المتألمة مع انهمار دموع السماء ..
أردت أن أمشي ..
هذا هو الوقت المناسب لأن أمارس هواية المشي تحت الأمطار بلا مظلّـة .!
ثم .. جلستُ دون حرج .. بين الأشجار .. ورأيتهم يحملون كتباً يطوفون بها ... فأستغرب .. أنهم لايفهمون جرحهم النازف .. ومدينتهم التي تحتضــر !
جلستْ على المقعد الخشبي المجاور لي .. امرأة في الخمسينات .. أقلقتني ثرثرتها .. لكنها ابتسمت لي .. فابتسمت لها بدوري .. لأنني أردت أن أشاطرها " السلام " .. الذي تحس به .!
...
نهاية ألأسبوع ..
في المقاهي يكثر البشر .. يملؤنها بصخب كؤوسهم وأقداحهم وضحكاتهم ... وأنا أقف أمام ذات المقهى ... وهاهي الشيماء ... تتجه نحوي حيث أقف بصمت .. أنظر لزاويتي ومحتلوها الغاصبون ..!!!
ـ مرحبا .. كنت متأكده أنك ستعود .
ـ أهلا شيماء .. هل أستطيع تحرير زاويتي ..؟
ـ فقط إن حررت القدس .
ـ سأنتظر إذاً .
ـ لمَ أنت مبلل هكذا ..؟
اعطني معطفك .
ـ يبدو هذا .. لم أنتبه !
ـ هل تعرفت على المدينة ؟
ـ أجل.. ولا أستهتر بشاشاتكم الدموية ..!!
ـ لن نختلف مع اسرائيل .. في تسمية أفعالها .. حتى لا ينزل علينا وابل الشتائم .
ـ نعم .. ولن نختلف مع أميركا .. في تعريف الإرهاب ... فلا وقت لدينا لذلك الآن .
ـ نحن ننشغل عن أميركا واسرائيل .. بدفن موتانا .
ـ أيعجبكم أن تلد نساؤكم أطفالاً على الحواجز الإسرائيلية في زمن " السِلم "
ـ وماذا نفعل لعرب .. أقلامهم وأصواتهم طاعنه في الخيبة .. وأرواحهم مهيأه دائماً للبكاء .؟
وكأنها تفـِرّ من وجع يئن بداخلها .. لــ :
ـ سلمان .. هل آتيك بذات القهوة ؟
ـ أجل .. من فضلك .
ـ سوف آتيك بقدح أخرى .. ومجانية هذه المرة .
ـ لن تكون مجانية .. انها تتطلب منك وقتاً وجهد .. لا مقابل له مني .
ـ لاتكن رجلاً شرقياً تقليدياً
ـ حسناً .. أشكرك .
ـ هل أحجز لك الزاوية للغد ؟
ـ لا أعرف .. إن كنت سأحضر .. ربما .!
ـ أين تقيم .. لأتصل بك وأتأكد من مجيئك ؟
ـ في الأرض ...." اللي كانت تتكلم عربي " .
.
ودمتم / سلمـَـان[/ALIGN]