طريق ..
ترى هل ضللنا الطريق أم أن الطريق هو من تعمد إضاعتنا ..؟
وهل عميت الأبصار والبصائر التي تباهت بها الفراسة العربية حقبا من
الزمن، لنصبح في حاجة الى عصا الغرب تهشنا الى طريق الظلام .
كثيرا ما حذرنا بل وتوعدنا العالم كله من مغبة إيقاظ ذلك المارد الذي نحسب
أننا نملك خطامه كملاذ أخير عندما تبلغ القلوب الجناجر ، وأن لساننا العربي
سر قيامه والعبث بكرامتنا حد سباته . إلا أن الواقع أثبت أنه لا يقيم لذلك وزنا
بل لعل ذلك كان سببا .
شهادة التاريخ بدء من حروب الردة ثم جذور الفتنة مرورا برخاء السلطة ثم قتال الأخوة
وإنتهاء بركوع الأمة تثبت بلادتنا في قرائة الواقع والإعتبار من الوقائع، فكل من وعى ذلك
مصيبته فينا عظيمة ، و من وعى منا ذلك فمصيبته أعظم.
بلأمس كانت مصالح الإستعمار تقوم على قطع الطرق بمعناها المادي والقانوني، فقطعها حتى
فقدت كل الأطراف ألفتها بل حتى بلغت حد التنافر .
ثم هاهو القطار يعود على الطريق بواجهته الأخرى وكأنه يخيط اليوم ما شقه بلأمس والحق
أنها عودة ببضاعة أخرى .
نعم .. نحن بحاجة الى الكثير من الطرق ، ولكن ليس جسر كارتر الذي يشق خاصرة السودان ،
ولا (هاي وي) رامسفيلد - شيني بين الدوحة وكركوك ، وليس بالطبع ذلك النفق المظلم
الذي يدفعنا إليه كل العالم لكي يحجب أنظارنا عن القدس .
الغريب أننا نسير في تلك المشاريع وكأننا محكومون بقوانين الطاعة العمياء لمهندسوا تلك
المشاريع الذين لن يخيبوا أمال من إئتمنهم عليها ..!
ويبقى الأمل في الله وحده بأن يبعث في قلوبنا نورا نجد به الطريق الصحيح بعيدا عن إنارة الغرب
التي يشرف عليها بناة الظلام .
ولنتلمس عظم مسئولتنا عن بناء كل طريق ، لأنها بحجم معاناة أجيالا سيجدونه سدا لا يستطيعون له نقبا .
يعرب