[ALIGN=CENTER]
شيخ الأزهر خلال لقائه وساركوزي بحضور وسائل الإعلام[/ALIGN]
في لقائه الثلاثاء 30-12-2003 في مقر مشيخة الأزهر بالقاهرة مع وزير داخلية فرنسا "نيكولا ساركوزي"، المسئول أيضا عن شئون الطوائف الدينية بفرنسا، عبّر شيخ الأزهر الدكتور محمد سيد طنطاوي مجددا عن اعتقاده بأن من حق فرنسا فرض قانون يمنع ارتداء الحجاب على المسلمات المقيمات بهذا البلد، ورأى أنه من زاوية شرعية، على المسلمات المقيمات بفرنسا أن يتعاملن "مضطرات" مع هذا القانون المفروض.
وأوضح شيخ الأزهر خلال اللقاء -الذي حضره حشد من الصحفيين بينهم مراسل "إسلام أون لاين.نت"- أن "مسألة الحجاب للمرأة المسلمة فرض إلهي، وإذا قصرت في أدائه حاسبها الله على ذلك؛ ولذلك لا يستطيع أي مسلم سواء كان حاكمًا أو محكومًا أن يخالف ذلك، ولا نسمح لغيرنا أن يتدخل في شئوننا كدولة مسلمة".
واستدرك قائلاً: "هذا إذا كانت المرأة المسلمة تعيش في دولة إسلامية، أما إذا كانت تعيش في دولة غير إسلامية كفرنسا، وأراد المسئولون بها أن يقرروا قوانين تتعارض مع مسألة الحجاب للمرأة المسلمة، فهذا يعد حقهم، وأكرر أن هذا حقهم الذي لا أستطيع أن أعارض فيه كمسلم لأنهم غير مسلمين، مشيرًا إلى أنه في هذه الحالة عندما تستجيب المرأة المسلمة لقوانين الدولة غير المسلمة، تكون من الناحية الشرعية في حكم المضطر".
واستدل على ذلك التصور بقول الله تعالى: "إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ".
وأضاف الدكتور طنطاوي: "إنني كشيخ أزهر إذا كنت لا أسمح لغير المسلم أن يتدخل في شئوننا، فإنني يجب أيضًا ألا أسمح لنفسي بأن أتدخل في شئون دولة غير إسلامية".
وكان شيخ الأزهر قد اعتبر قبل نحو أسبوعين في أول تعليق له على قرار فرنسا حظر الحجاب بالمدارس الحكومية، أن فرض حظر على ارتداء الحجاب في مدارس فرنسا شأن داخلي لا يحق لأحد التدخل فيه. وقال طنطاوي: "لا اعتراض لنا إذا أصدرت فرنسا قانونا كهذا؛ لأنه لا يحق لأحد أن يعترض على مصر إذا أصدرت مثلاً قانونا يمنع أي طالبة من دخول المدرسة ما لم تكن ترتدي الحجاب". وأضاف أن "من حق كل دولة أن تصدر من القوانين ما يناسبها".
ساركوزي سعيد
من جانبه أعرب وزير الداخلية الفرنسي عن سعادته بلقاء شيخ الأزهر، وقال: "إن الحوار بين الحضارات أمر ضروري، وإنه لا بد ألا يحدث فيما بيننا لبس حول قضية ما، خاصة أن هناك عددًا كبيرًا من المسلمين بفرنسا يقدر بـ5 ملايين تقريبًا".
واعتبر ساركوزي أنه "لا توجد دولة في أوربا تعطي الحرية لأداء الشعائر أكثر من فرنسا، وأن ذلك تجسد في أعظم صوره عن طريق إنشاء مجلس تمثيلي للمسلمين (في 2003)؛ ولذلك فإن مسلمي فرنسا يجدون من يمثلهم، ولهم نفس الحقوق كالمسيحيين واليهود في فرنسا".
وأضاف أن "فرنسا تُعد مثلاً يحتذى به في احترام الشعائر الدينية، كما تعتبر من الدول التي تحترم حقوق الأقليات، خاصة أن الرئيس شيراك يعتبر الإسلام دينًا من الأديان الهامة في فرنسا"، إلا أنه قال في معرض تبريره لتوجه فرنسا الرسمي نحو حظر ارتداء الحجاب بالمدارس والمؤسسات الحكومية: "ليس هناك حقوق بلا واجبات، فإذا كان للمسلمين حقوق فلا بد أن تكون عليهم واجبات كغيرهم، وتتمثل في احترام ما تقره الدولة من أمور وقوانين".
وتابع: "نحن في فرنسا متمسكون بالعلمانية التي تطبق على الجميع في المدارس الفرنسية، وبالتالي يحظر وضع أي علامات مميزة تعبر عن الانتماء لدين ما" بالمدارس الحكومية.
وفي ختام حديثه توجه وزير داخلية فرنسا بالشكر لشيخ الأزهر على تصريحه بشأن حق كل دولة في سن قوانينها، مشيرًا إلى أن "احترام المسلمين لقوانين فرنسا سيضمن لهم كافة الحقوق".
وكان الرئيس الفرنسي قد طالب في خطاب ألقاه في 17-12-2003 أمام 400 شخصية فرنسية سياسية ودينية بقصر الإليزية بسنّ قانون يمنع الرموز الدينية بالمدارس والإدارات الحكومية، ومن بينها الحجاب، قائلاً: "الحجاب الإسلامي مهما اختلفت مسمياته، والكيبا (القبعة اليهودية) والصليب كبير الحجم أمور لا مكان لها في المحيط المدرسي.. أما ما يتعلق بالرموز الخفيفة كالصليب الصغير ونجمة داود ويد فاطمة (قلادة تحوي أصابع اليد الخمسة وتلبسها المسلمات) فهي رموز مقبولة".
وأثار هذا التصريح استياء قسم كبير من الأوساط والشخصيات الدينية في العالم الإسلامي، بالإضافة إلى المنظمات الإسلامية والدول الإسلامية، ومن بينها إيران.
وأعرب الداعية البارز الدكتور يوسف القرضاوي عن استيائه الشديد الجمعة 19-12-2003 من موقف الحكومة الفرنسية من الحجاب، داعيًا المسلمين -أفرادًا وجمعيات ومؤسسات- إلى توجيه رسائل للرئيس شيراك يعبرون فيها عن أسفهم لهذا السلوك غير الحضاري لدولة طالما ادعت أنها راعية الحريات وحقوق الإنسان.
ووجه القرضاوي رسالة إلى الرئيس الفرنسي وصلت نسخة منها إلى "إسلام أون لاين.نت" في 24-12-2004 ناشده فيها التخلي عن دعم إصدار قانون يمنع الرموز الدينية في المدارس الحكومية، خاصة الحجاب، مؤكدًا أن الحجاب لا يتنافى مع مبادئ العلمانية الليبرالية التي تقف موقفا محايدا من الأديان، فلا تقبلها ولا ترفضها.
استمع لتصريحات شيخ الأزهر خلال لقائه ووزير الداخلية الفرنسي