[align=center]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسعد الله أيامكم جميعاً بكل خير [/align]
أنت تحبين الرياضة، لكن طفلك يحب القراءة. أنت اجتماعية، ولكن طفلك خجول. أنت طبيبة، ولكن طفلك يريد أن يكون لاعب كرة قدم. كيف تربين طفلك المختلف تماماً عنك؟
تقول عبير البربري ـ الموجهة النفسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة ـ إن كثير من الأمهات والآباء يريدون رؤية أنفسهم في أطفالهم سواء من الناحية الشكلية أو من الناحية السلوكية، كما أن كثير منهم يجدون صعوبة شديدة في تربية أطفالهم إذا كانت شخصياتهم مختلفة عنهم. وتضيف عبير البربري أن الخبراء يؤمنون بأننا نولد بصفات سلوكية معينة مثلما نولد بصفات عضوية وشكلية معينة، وتوضح أن من وجهة نظر البحث العلمي ، هناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى أن معظم الصفات السلوكية التي نعتقد أنها مكتسبة لها أصول وراثية أيضاً.
لا تحاولي جعل طفلك صورة منك
قد يحاول أحد الأبوين دفع طفله المختلف عنه لأن يتبع نفس طريقته، لكن هذا ليس حل. توضح عبير البربري أنه من الضروري تقبل أطفالنا بشخصياتهم هم لأننا لو لم نفعل ذلك سيعانون. على سبيل المثال، إذا دفعت طفلاً ميوله أدبية لكي يتميز في العلوم لأن هذا هو مجالك، قد يصبح طفلك متفوقاً في مادة العلوم لكنه لن يبرع في هذا المجال لأنه ليس المجال الذي يرى فيه نفسه ويشبع مواهبه هو، وكنتيجة لهذا، قد يضعف تقديره لذاته.
تضيف عبير البربري قائلة: "عندما تحاولين دائماً فعل أشياء مجبرة عليها بدلاً من الأشياء التي تنبع من داخلك أنت، فستشعرين دائماً بعدم ثقة في ما تفعلينه."
وتتابع عبير البربري أن جزء كبير من ثقتنا بأنفسنا ينبع من إيماننا بقدرتنا وكفاءتنا على فعل الأشياء التي نحاول القيام بها. الأطفال الذين يجبرون دائماً على القيام بأشياء لا تلائم طبيعتهم يكون إيمانهم بقدرتهم وكفاءتهم على القيام بهذه الأشياء ضعيفاً وبالتالي لن يشعروا بالحماس لعمل أي شئ جديد لشكهم وعدم ثقتهم في قدرتهم على النجاح.
تضيف عبير البربري قائلة: " أما الأطفال الذين لديهم إيمان قوى بقدرتهم وكفاءتهم غالباً ما سيتمتعون بحماس أكبر لأن توقعاتهم للنتائج التي يمكن أن يحققوها تكون إيجابية. "
ماذا تفعلين؟
أنت بالطبع تريدين أن يتمتع طفلك بثقة بالنفس وتقدير الذات، كما تريدين أن تكون علاقتكما جيدة، لكنك لا تفهمين طفلك حقاً. هو مختلف عنك تماماً، وهذا الاختلاف يشغلك كثيراً، فماذا تفعلين؟
ألقى نظرة على مخاوفك
تنصح عبير البربري قائلة: "مبدئياً اسألي نفسك: لماذا يقلقني هذا الاختلاف ؟"
هل أنت قلقة لمجرد أنك تريدين طفلك أن يكون مثلك أم لأن طفلك ـ من وجهة نظرك ـ قد تكون حياته أفضل بالفعل إذا كان اجتماعياً أو رياضياً أكثر على سبيل المثال؟ لكي تكون نظرتك أكثر موضوعية، حاولي معرفة ما إذا كان الأشخاص الآخرون الذين يعرفون طفلك لهم نفس وجهة نظرك. إن معرفة وجهة نظر معلمة طفلك قد يساعدك أيضاً لأن معلمته تراه في بيئة مختلفة عن البيئة التي ترينه فيها أنت.
افهمي وجهة نظر طفلك
إذا شعرت أن مخاوفك تجاه طفلك مرتبطة أساساً بمصلحته، استمعي إلى وجهة نظره. توضح عبير البربري قائلة: "من المهم حقيقةً أن يجلس الأبوان مع طفلهما ويتحدثان معه ويسمعان ردوده الصادقة، وليست الردود التي يتوقعانها هما.
والأطفال حساسون جداً لهذه النقطة، فإذا شعر الطفل أن أبواه سيغضبان من رد معين، فغالباً سيمتنع عن قوله، لكن إذا شعر الطفل بجو من الحرية، فغالباً ما سيعبر بصدق عما بداخله."
نفترض أن طفلك لا يحب الرياضة، لكنك تشعرين أن صحته ستكون أفضل إذا مارس الرياضة، فبسؤالك لطفلك عن مشاعره ووجهة نظره والاستماع إلى ردوده، قد تجدين حلاً. توضح عبير البربري قائلة : " إذا أتيحت الفرصة للأطفال لاكتشاف العديد من الأنشطة، سيتعرفون على ميولهم الحقيقية. بالنسبة لموضوع مثل الرياضة، يجب أن تحاولي معرفة ما الشي الذي يرفضه طفلك بخصوص الرياضة. هل هي فكرة اللعب الجماعي ، أم فكرة التدريب ذاتها ؟ "
إذا ساعدت طفلك في تحديد ما يكرهه في الرياضة، سيمكنك إيجاد حل بالبحث عن رياضة معينة قد يستمتع بها. تنصح عبير البربري قائلة: "سواء كانت لعبة استغماية، أو السباحة، من المهم أن تجدي شيئاً يحبه الطفل، فإذا رفض طفلك تماماً ممارسة الرياضة ـ وهو قليلاً ما يحدث في الأطفال، قد يميل إلى ممارسة أنشطة أخرى مثل الأشغال الفنية أو الكتابة أو التلوين وهى جوانب يجب أيضاً تغذيتها. أياً كان ميول الطفل، من المهم أن يحصل على المساندة اللازمة وتغذى عنده ميوله."
قدري شخصية طفلك وعبري له عن هذا التقدير
لا تركزي على الأشياء التي لا تحبينها في طفلك ولكن ركزي على مهاراته وقدراته المتميزة. شجعي لديه هذه القدرات وامدحيه عليها كثيراً.
تنصح عبير البربري قائلة: "تذكروا أن أطفالكم ليسوا ملكاً لكم… أي أنهم ليسوا ملكاً تحتفظون به مدى الحياة. الأطفال نعمة من الله ومهمتنا هي أن نجعل هذا الطفل إنساناً أفضل. هذه هي مهمة الأبوين، وليست مهمتهما أن يجعلوه إنساناً كاملاً، المهم أن ننمى القدرات التي يتمتع بها الطفل. كل طفل بداخله الكثير من الاختلافات: فقد يكون لديه نقاط قوة ونقاط ضعف، قد يجيد شيئاً ولا يجيد آخر، مثله مثل كل البشر."
افتحي عقلك واهتمي بالأشياء التي يحبها طفلك
قد يعنى تقبلك لطفلك أن تفتحي عقلك لأشياء لم تتقبليها من قبل أو لم تتعرضي لها من قبل. اعتبريها فرصة لتعلم شئ جديد. على سبيل المثال، إذا كنت طبيبة وطفلك يهتم بالفن والتصميم، فبدلاً من تجاهل الفن لأنك لا تفهمينه، حاولي اكتشاف عالم الفن مع طفلك. اذهبي مع طفلك إلى معارض فنية وتعلما معاً.
تنصح عبير البربري قائلة: "من المهم أنك إذا اكتشفت في أي سن أن شخصية طفلك تتعارض مع شخصيتك، أن تفتحي عقلك لما يحبه طفلك." بهذا الشكل، غالباً ما ستكون علاقتك بطفلك علاقة سعيدة. وتضيف عبير البربري قائلة : "إن الطفل الذي ينمو في كنف أبوين عقلهما متفتح ولديهما الاستعداد لاكتشاف أشياء معه يستفيد أكثر بكثير من الطفل الذي ينمو في وسط أسرة محدودة التفكير."
تستخلص عبير البربري قائلة: "نصيحتي الأخيرة للأبوين هي أن يكونا متفهمين لاختلافات طفلهما وأن يحتويا هذه الاختلافات ويتيحوا لها مكاناً."
دمتم بخير
المصدر مجلة المرأة والطفل