أصدقائى الأعزاء بمنتدى الدرر العظيم
تحياتى وتقديرى لكم جميعا ( درى .. درى )
انتظرت بعض الوقت ليشارك أحد فى مناقشة رؤية أ : سمير الفيل ، فلم يحدث ، ولم أحصل على شىء سوى مرور بيتالز الكريم ، هنا قلت لنفسى عليك أن توضح نفسك ، وخاصة بعد أن قرأت كلمة " رؤية " فى تناول أ : الفيل .. فكانت هذه هى محاورتى معه ، ومعكم :
الأستاذ الكريم: سمير الفيل طاقة حيوية - لاحظى هذا أيتها الفضلى بيتالز -، وهو متعدد المواهب ، فهو شاعر و قاصوروائى وناقد ، وأنا عبد فقير، لا أكتب إلا القصة القصيرة و الرواية ، وأعمال أخرىللأطفال ، وأجد عنتا ورهقا ووهنا حينما أتصدى للنقد ، ودائما هناك هاجس لدى ، يسيطر، ويأخذ ينخر فى عزمى : ابتعد عن النقد .. ابتعد عن النقد .. ولكنى أمام ما طاقةسمير الفيل أستمد منها قبسا .. وأقول له : المجد للكاتب المغمور
أول شىء هوالماء والسماء والشمس والرياح ، هذه بلدتى .. لوحتى .. التى ولدت فيها لونا منألوانها .. ثم البشر .. وتأتى المعاملات المعقدة والمركبة ، والغير مفهومة ،والبسيطة الباهرة أيضا ، والصياح والصراخ ، والفضائح ، ثم الأسرار .. للأسرار ثناءوضياء ليس للعلن والمباح ، كم من سنين أتت ، ومرت قبل أن أعى محيطى - بيئتى - وكممن أسئلة لم أسألها .. ذهبت ، وبقيت طبعتها الحارقة لا تنمحى ، ولا تندثر ، إنما هىحية ، تمسك بروحى أينما وليت وجهى ، عنقاء تقوم من رمادها ، وتستوى ، ولا فكاك ،ولا هرب .
تعيش قريتى الصباح والظهر والليل والفجر استنفارا ملحا ، دعوة مفتوحةلا تغلق .. الخروج إلى مجهول له طعم المجهول ، ولون الأمنيات ، ورائحة شرف المحاولة .. هو البحر يفعل فعل ذلك ، وفوق ذلك بأهلى وجيرتى وعشيرتى .. هو البحر .. هل يحتاجالبحر لتفسير؟! أم أن الذى يحتاج هم البشر ؟ .. كيف " نفسر" البشر إلا فى حركتهمداخل تاريخ خاص بهم .. التفسير سهل ، ويمتلك .. الأصعب ما تراه أنت .. لا كما جاءفى المتن أو الهامش المعتمد ، فالفن هو وعينا بالحياة والتاريخ معا .. هى عقيدتىالفنية الأدبية .
لقد نشرت قصصا فى أربع مجموعات ، وروايتين ، وكتاب آخر لم ينشربعد منه هذا الموج ، ولكنى لا أدعى أكثر من أننى كنت مخلصا لعملى ، وبما أننى لاأستطيع التحدث عن قيمة أو أثر عملى هذا ، إلا أننى سأتحدث عما يمكن جعلنى " هكذا "
نشأت وسط قبيلة بشرية هائلة الفعل ، قليلة الكلام ، فإذا تكلمت تخرج الكلماتلتصيب الكبد والقلب معا ، وكان الخطأ - وما يزال - فى البحر لا يغتفر ، ولا تبريرله ، ولا فى مقدورك أن تعلن هذا التبرير ، حتى لو وجد ، وهذا أول درس يمكننى أنأدعى أننى أمسك به إمساكى بالقلم - والقصد هنا - أن أكون شريفا لا مزيفا ، رجلا لارعديدا ،هذا هو نسيجى الشخصى والثقافى الأول - فى البحر كثير من الشغيلة ، المختلفةطرقهم ، وأشخاصهم بالطبع ، ولكن هدفهم الجوهرى هو الصيد .. التنوع هو سمة أساسيةللبحر - الأعماق والأحوال ، حتى الأنواء متنوعة - وهو لا ينفى بذلك الآخر أبدا .. إنه الدراما المعتقة . فى طفولتى كنت عديم الاستقرار ، كنت هاربا من شىء ما .. منالبيت .. من المدرسة .. من أى مكان ، ولذلك تحملت وتحمل جسدى ضربات ، وعنف منيعتنقون ويحتضنون المستقر ، ويخافون من التحول غير الثابت ، والدرس الثانى ألا أكونمثل هؤلاء .. وأن أكون كاتبا لا أكتب ما أراه .. ما أراه خادع ماكر .. بل أكتبرؤيتى أنا عما أراه . ربما أمتلك بعض الحكمة الآن خلافا عن بداياتى ، فأنا كنت - وما زلت - أضيق ضيقا شديدا بكل من يفتح فمه ، محاولا تنظير وتقعيد فن القصة القصيرة، وأعتقد أنها نوع أدبى مراوغ ومتجدد ، ولكن القصة عدوة التجريد ، إنها فن التجسيد .. إنها الأفعال و الأقوال - مرة أخرى - الآن أنا كاتب أعيش فى بلدتى بعيدا عنالعاصمة المبهرة ، وأن يرفع الإنسان الفرد ، المواطن الكاتب المغمور الراية البيضاء، وينكس رأسه أمام كل عوامل الهدم فى جسد البلاد .. هل يرتاح ؟ كم مرت فى خاطرىأستاذ : سمير هذه الكلمات المخيفة والمخوفة ، وكنت لا أجرؤ أبدا فى إعلانها ، بلكانت تصيبنى قشعريرة مرة ، وألم كاو من مجرد أنها تمر بخاطرى ، هل إذا أعلنتها - وقد أعلنتها - هل أرتاح و أريح ؟ وهل هذه الكلمات هى رؤيتى لعملى ككاتب يعيش بعيداعن العاصمة ؟ البحر الذى هو موطنى وناسى وصفتى وانحيازى ، لم يعلمنى أن أكون رخواهكذا ، فالمسألة أبسط من هذا ، فأنا أرى كثيرا من كتاب العاصمة مغمورين ، وتشملهملعنة المغمورين العظيمة الخارقة .. أن تكون مغمورا فالمجد لك ، لأنك ستكون مغايراجوهريا ، أما من ناحيتى فإن البحر ما زال الصيد فيه وفيرا ، وعلى أن أنزل إلى مياهه، وأستقبل كل ما يعطى .. فهل أرفض دعوته ؟
كل هذا بسبب سمير الفيل - أيتها الفضلى بيتالز - ، وسماء النتالمفتوحة .. شكرى له ، ولعلى أكون قد جعلت تماسى مع تحليله للأمواج لا يضايقه . أويضايق أحدا آخر .
مع تقديرى أستاذ سمير الفيل ، وكل أمنياتى
محسنيونس