صحوت فزعا !!
تحسست معصمي .. الطاولة ... لم أجد ساعتي !
كدت أسقط على وجهي بتطويق الفراش لأقدامي .. بعدما نهضت مسرعا الخطا باتجاه الشرفة !
سبقني الخوف الذي أرهق أضلعي بأنفاسه القلقة .. لفتح الشرفه ....
وقفت !
في حين تسابقت نبضات قلبي ...
وبنظرة رعب بلهاء إلى اشتعال السماء .. تزاحمت الأفكار في رأسي .. فلم أستطع أن أميز في الوهلة الأولى أهو لهيب شروق أم غروب !!!؟
لحظات ليست بالطويلة ...
بعدها ...
تبينت من حقيقة الأمر ...!
ــ وكما هو * الانسان * ........
عندما تبتلع الغفلة ساعات الزمن ..
فإنه لايدرك الكثير من الحقائق ....
مالم يصحو فزعا ..!!! ــ
رميت بنفسي على أريكة الغرفة ... وغطيتها بجسدي ...
فتسللت برودة إلى كياني .. أطفأت قلقي .. كما يطفئ الدجى لهيب الشفق ..!!
تنهد صدري بعد وجل ..
وزفرت بقوة .. وأنا أغمض عيني فأمسح بيدي على وجهي ....
ثم استرخيت مستلقيا ..
*( ليعود كل مفصل إلى مكانه ...)!*
أخذت أتأمل صفحة السماء الواسعة ...
وكأنها لوحة فنان مرهف .. ضمت معالمها حدود شرفتي في إطار ضيق .. كأصغر ماتكون !!!!!
تتعانق فيها أصابع الغروب خلف رأس الأفق ... فتسنده عليها ...
ينظر إلى يد المنايا وهي تحفر قبر الحياة ... !
عندها .....
قذف الليل رماد الظلام .. في عين السماء ..
وانثلمت حمرة الشفق ... لينتصر الموت .....
في هدأة الدجى !
** ما أشبه الليلة بالبارحة ..**
لم أشعر بنفسي .. إلا وانا أتمتم بها.. !
ثم أكررها بصوت يرتفع ترديده بها .. فيسمّعني بقوة ...
أنْ ما أشبه الليلة بالبارحة !
فشعرت بحاجتي إلى تجديد ذلك العهد الذي عقدته في نفسي ليلة البارحة !!
أبرمتْه جوانحي .. بينا كنت أقف في صفوف تشييع الجنازة تلك الليلة ..!!
وبعد أن قفلت عائدا مع ذلك الجمع الغفير... الذي ظفر أقربهم إليه .. بإهالة التراب على لحده ...
أيقنت أنه ( لن يبكي عليك غداً .. سواك ) .!!!
فأخذت عهدي .. وأدخلته في حرز جعبتي ..
ثم أحكمت غلقها .. بقَسَمٍ ... لا يُكسر خاتمه ... !!
و مع كل قطرة ماء رششتها على قبره ... ستنبت زهرة ... ستظل تذكرني في كل مرة أزور بها قبره ......
بما أبرمته في نفسي !!!!!
أغمضت عيني ..
وامتلأ صدري بالهواء .. وتنهدتْ الزفرات نشيدا رددته :
* ليس الغريب غريب الشام واليمن ... إن الغريب غريب اللحد والكفن *
فتحت عيني فجأة .... ثم سكت !
حدثت نفسي متسائلا ....
أحقاً ماقاله زين العابدين في اقتصار الغربة على كأس الموت !!؟؟؟
إن صح ذلك ...
فأنا بلاشك ( عدنان ) مرسال منذ زمن بعيد ..!!!
أراني كل يوم أتجرع تلك الكأس .. حتى أدمنتها ...
و شربت منها حتى الثمالة ...!!
وإذا لم يكن الثرى فيصلا ...
فلن يكون بين بطن الأرض و ظهرها بَون يُذكر بالنسبة لي !!
لقد بت لا أخشى الغد قط !
فما يومي سوى غدي الذي خشيته بالأمس ...
ليغدو الغد أمساً ... شديد الشبه باليوم !!!
وكلما داعب النعاس غفلتي ...
سيصرخ صمت المقابر الوقور في أعماقي ...
فيهزني بعنف .. لأجل أن لاأغفو بعد اليوم .....
حتى لايأتي غدٌ ..
أصحو فيه من نومي ... فزعاً !
*جيــــــــاد *