ريـحانتـي لا تسألـي عن حالـي
فـمع الـوداع تـنـاثرت آمالـي
سئمتْ خطايَ أسى الدروبِ و باركتْ
أن تعـبـرَ الدنـيـا لإجـلِ وصالِ
أنـا فوقَ قـارعة الطـريـقِ مُشرّدٌ
و مـفـاصلي تشكـو مـن الترحالِ
تـحبو مقاصديَ الكسيحةُ نحوَ حُبـْ
ـبِـكِ دونَ أنْ تـدري لأيـنَ مآلي
حـاولتُ أنْ أصفَ العذابَ بأحـرفي
فـتمارضتْ جُـمَـلي و ماتَ خيالي
مـاذا يـفي قـلمٌ بـلـيـدٌ تـائهٌ
و سطـورُ حـمقى تشتـفي بسؤالِ
و الـحـبـرُ بينَ دفاتري يسري كما
يسري دمـي الـمـحمومُ في أوصالي
حسناءُ تـعـتـذرُ الـقـصائدُ كلّما
أحكي لـهـا عـنّـي و عـن أحوالي
أَ وَ كانَ فـضلي في القـصائدِ عـندما
أُزجي بـهـا يا مـنهلَ الأفـضـالِ ؟
إنّـي بقربِكِ في غنـىً عـنْ عُـوَّدي
مـاذا سأطـلبُ إنْ تـكُ الـدنيا لي ؟
كـلُّ الأنامِ سحـابُ صيْـفٍ كاذبٍ
يـمضي و في شـفـتـيكِ نبْعُ زلالِ
حـسناءُ تـجذبنـي إليكِ شـمـائلٌ
لا يـحـتـويها قـطُّ أيُّ كـمـالِ
مـن عفّةٍ ، و رزانـةٍ ، و طـهـارةٍ
و لطـافـةٍ ، و بشـاشةٍ , و جـمالِ
لا لـمْ يُـغـيّـرْ صبْوتـي و توجّدي
فـرطُ الـمـلامِ و كـثرةُ الأقـوالِ
مـحجوبةٌ عـنّـي و لا تدريـن مـا
صنـعَ الـفـراقُ بـشاعــرٍ جوّالِ
أَ وَ صارَ لـحظُـكِ كالنجومِ بنـورِها
و بنـيلها ، و سعـادتـي كـمُحـالِ ؟
عـطفاً عـليَّ فما لديَّ فما لديَّ وسيلةٌ
فـلقـدْ أكـلّـتْ كـاهلي أثـقـالي
فالشـوقُ فـي صدري تـعـالى صدْحُهُ
و الآهُ تـغـزونـي كـمـا الـزلـزالِ
عـصفتْ رياحُ الوجدِ و الـحرمـانِ في
صدري و أدمـتْ مـعصمـي أغلالـي
كـيفَ اللقاءُ ؟ و قد أحـالت بـيننا
مدنٌ تـحـاقُ حـدودُها بـجـبالِ
أنـا ذا كسيـرٌ لستُ أمـلكُ في يدي
إلا الـدفـاتـرَ و الـكـلامَ الخالـي
وَثَـبَتْ على شفتـيَّ أحلـى أحرفـي
عـندَ الـوداعِ كـوثْـبةِ الـتـمثالِ
و الآن تـنـطفئُ الشمـوسُ لناظـري
و يـروقُ عـصْفُ الريحِ بينَ غلالـي
و يدايَ تستجـدي يديـكِ و كـلّما
ألـقـاهـمـا يتـسامـرانِ ببالـي
أنـا أسـألُ الليلَ الـذي ألقاهـمـا
فيهِ ، بأحلامـي و غـيِّ ضـلالـي
أ أمدُّ نحوهـمـا يـديَّ ؟ و كيفَ لا؟
و هـمـا لآمـالـي أجلُّ مـنـالِ
شِعري أُريقُ عـلى نـداهُ هـويّتـي
كي تـشعـري بنوادري و خصالـي
و فـمي تُزيِّـنُـهُ الـقصائدُ رغمَ ما
عـانتْهُ مـن وجْـدٍ و مـن أهـوالِ
أنـا لسْـتُ مـنـفرداً بِحُبِّكِ ، إنَّما
جـدّاً قـليلٌ فـي الهوى أمثالـي
جـاءوكِ قبلـي حاملينَ كـنوزَهم
بيـنَ الأكـفِّ ليشتـروكِ بـمالِ
أنا لسْتُ أنـكـرُ أنَّكِ الأولى التـي
تُـبنـى حصونُ قِـلاعِـها بـرجالِ
و بـأنَّـكِ الأولـى التـي أعـتادُها
بِتجلّدي ، و تـمزّقـي ، و نضالـي
و بـأنَّـهـم يستـعبدونَ قـلوبَهم
كـي يعشقـوكِ بـعـفّـةٍ و جلالِ
و بـأنَّ من كـانوا يـحيفـونَ الهوى
طـاشتْ رزانـتُهم كـمـا الأطـفالِ
بـخمـائلي كـانـوا هشيمَ وُرَيْقـةٍ
قـبراً وضيعـاً بيـنَ رهْـطِ تـلالِ
من ماتَ وجْداً في هواكِ فـلـمْ يكنْ
إلا هــواكِ و ذابَ فـيكِ خِلالـي
مـا مـنْ كلامٍ مـنْ سـوايَ سَمِعْتِهِ
إلا و جـاءكِ مـن فـمٍ مُـحْـتـالِ
تـذرو فـؤادي ريـحُ حُـبِّكِ خطرةً
و يـسيغنـي حُزْنـي و ما أنا سالـي
خـرقَ الـهوى منّـي سـويداءَ الفؤا..
دِ فما ادّكرْتُ سوى الـرّضابِ الحالـي
أحـلامـي السكرى بذاكرتـي غدتْ
أضـغـاثَ أحـلامٍ لـقـلـبٍ بالِ
عـامانِ مُـنْـذُ رحلتِ يا سلطانتـي
و أنا أفتّشُ عن فمـي الـمـغـتـالِ
أنـا مـسْتجيـرٌ في حبالِ الصمْتِ إنْ
وطـأَ الـغـدوُّ مـشارفَ الآصـالِ
آناءُ هذا الليلِ تُـسْـجِـرُ أدمـعـي
إذْ مـا بكيتُ أو اقـتـضَبْتُ حبالـي
دوّنـتُ آلافَ الـقـصائدِ جاثـمـاً
وسئـمْتُ من فـنّي ، و منْ أعمالـي
تـبكي السّماءُ أ بـعْـدَ بدْرِ غـرامِنا
تستنْجِدُ الظـلما بـطيـفِ هـلالِ ؟
و الصبحُ ليسَ الصّبْحَ فـي إشراقِـهِ
و الليلُ لـيـسَ اللـيلَ فـي الإقبالِ
ليلـي يُفـتّشُ عـنْكِ فـي أرجائـهِ
و دمـي يضوعُ هوىً ، و سـورُكِ عالِ
كُلُّ الأمانـي الـمـشرقاتُ لناظـري
رحـلـتْ و مـا تركتْ سوى الإطلالِ
أنا ذا أمـوتُ هـوىً فـلا تترحّـمـي
فالعـمْـرُ بعْـدَ جـفـاكِ ليـسَ بِغالِ
لا تسألـي عـنّـي ـ بتاتاً ـ و اسألـي
إنْ رُحْـتِ مـاذا في الـورى يبقى لي ؟
في قـبضـتـي الـدنيا إذا عـاودْتِ لي
و الليلُ مـنـقشـعُ الظـلامِ حِـيالـي
و الـقـفْـرُ مُـزْدانٌ فـمـنْ زهْرٍ و ما..
ءٍ سلـسـبـيـلٍ دافـقٍ و ظـلالِ
أنا ذا أراكِ أمـامَ عـينـي بُـرْهـةً
تـتـميّـسـيـنَ بِـرقّـةٍ و دلالِ
يا صـبْوةَ العشّـاقِ .. يـا قطْرَ النّدى
أنا لـسْتُ أفـخـرُ قـطُّ فـي شلالي
فالحبُّ يـبقـى بيـنَ أفـئـدةِ الورى
حُـبّـاً برغـمِ تــنـوّعِ الأشـكالِ
فراس القافي
21/7/1999