بدأت الحكاية أيام الجامعة.. كانوا مختارين مجموعة من الشباب من الجنسين عشان يروحوا شرم الشيخ في رحلة سياحية مدفوعة بالكامل في واحد من أفضل فنادق شرم الشيخ.طبعا أيامها كان ده حلم صعب المنال.. ومجرد التفكير إننا نروح شرم الشيخ زي التفكير في إننا نروح المريخ من الطريق الصحراوي (الأرض-المريخ) راكبين توك توك!!
المهم بعد تحذيرات من إدارة الجامعة بأن الرحلة دي مش معسكر زي غيره.. وإننا لازم نتعامل بشكل مختلف.. وهنشوف حاجات مختلفة.. وهناكل في بوفيه مفتوح لأول مرة.. وطبعا أنا واحد من الناس كنت معترض على نظرية البوفيه المفتوح ده.. عشان كنت متوقع إننا أكيد هناكل في الشارع في الفسحاية اللي قدام الفندق.. بوفيه مفتوح بقى .. زي موائد الرحمن كده!!


طبعا حتى بعد الكلام ده كله من الإدارة برضه كل واحد مننا كان جاي كأنه رايح معسكر أبو قير برضه.. جايب صابونة من أم نص جنيه.. وفوطة..وشبشب بصباع ألوان أخضر أو أحمر مثلا-مينفعش سادة عشان احنا رايحين شرم الشيخ بقى لازم نتغندر!!!- وطبعا معلقة..وكأن السياح يعني وهما جايين مصر السفارة بتوزع عليهم معالق عشان الفندق فقير!!
الأغبيا جايبين معالق شرم الشيخ..مش عارفين إن شرم الشيخ مدينة راقية وبيستخدموا فيها الشوكة والسكينة!!!
ركبنا الأتوبيس وبدأت الرحلة اللي استمرت تسع سنين عشان نوصل قارة شرم الشيخ المتحدة..يتخلل الطريق بعض مشاهد حيوية لطيفة لجبال صفراء ثم حمراء ثم زرقاء وبعض الرمال المتناثرة والشمس الحارقة وكأننا في فيلم فجر الإسلام!!!
ووصلنا شرم الشيخ..وطبعا كنا بنبص على أي حد ماشي في الشارع بلهفة على أنه كائن خرافي بشنب مثلا راجع معانا بالتوك توك بعد زيارتنا للمريخ من خلال طريق (المريخ-الأرض) الزراعي.. علشان الطريق الصحراوي برد!!
وصلنا الفندق بحمد الله..وكل واحد فضل ينظف جزمته علشان الأرض نضيفة واللي يمسك قميص زميله ويعيط ويتشحتف من المناظر..طب احنا عطشانين.. فين الحنفيات بقى؟؟؟ أيوه..يعني فين الكولديرات؟؟ أيوه الكولديرات اللي هيه بتمد بقك عشان تشرب من حنفيتها تحت دي وتغرق نفسك..فين بقى؟؟


المشرف قال يا أغبيا.. هنا فيه ميه معدنية..قلنا له: طب حضرتك فين الكولدير اللي فيه ميه معدنية بقى؟؟ وبعد مباحثات وبعد ما شربنا.. وزعوا كل ثلاثة في أوضة..وطبعا كان معايا أنا مفتاح الأوضة بما أني الزعيم يعني وبافهم في الكفت..
أبص في المفتاح بتاع الأوضة..لقيته مش مفتاح زي بتاعنا..دي بطاقة كده زي الرقم القومي..هو الباب ده تبع أمن الدولة ولاّ إيه؟؟ أيوه يعني الباب ده حافظ رقم بطاقتي يعني ومش هيدخل غيري؟؟ ولاّ يمكن بيعملوا سحب على كيس شيبسي!!
المهم رحت الأوضة ومعايا الاتنين أصحابي وشركائي في الأوضة وطبعا منتظرين الهمام اللي هيفتح الأوضة بالسحر اللي معاه ده..أدخل البطاقة في مكانها والباب مايتفتحش.. أحاول تاني.. تالت.. مفيش فايدة.. طب أنا منظري وحش قوي يا جدعان..طبعا كل ده والسياح ماشيين جنب الأوضة بيتفرجوا وأصحابي بيقولوا يا عم اسأل أي واحد فيهم.. وأنا معترض بشدة وحالف ميت يمين أبدا.. يعني هما يبقوا في بلدنا وفاهمين في الرقم القومي أكتر مننا؟؟
وطبعا كانت نتيجة اعتراضي الشديد وعصبيتي إني انتظرت أول واحد سايح يمر علشان أسأله لو هو محتاج ازاي يفتح الباب أنا تحت أمره!!!
أول ناس مروا كانوا ولد وبنت من السياح وطبعا ماكنش فيه وقت ولا مساحة بينهم تسمح إن حد يتدخل ويسأل.. وماشيين بالجنب هما الاتنين وش لوش مش عارف ازاي.. ومتكلبشين في بعض وكأنهم أمين شرطة وبياع سريح في رمسيس وهما في البوكس!!
وطبعا أنا وأصحابي قاعدين نتفرج.. وقلت لهم بعد تفكير.. يبدو أن مشكلة الرقم القومي مش هي المشكلة الوحيدة اللي هتقابلنا هنا يا ولاد؟؟؟!!
تاني واحد جه راجل كبير كده وشه أحمر.. أيوه يا جماعة الراجل ده وشه أحمر يبقى أجنبي.. احنا درسنا كده.. الراجل اللي وشه أحمر يبقى أجنبي علطول.. أيوه في منهج تانية إعدادي.. دخلت عليه وبأحلى إنجليزي عندي..سألته: ممكن تفتح لنا الباب يا عم الحاج؟؟؟
طبعا فضل يبص لي وكأنه بيبص على حفرية جديدة في المتحف المصري!!
خير يا جدعان؟؟ عبيط ده ولاّ إيه؟؟
اكتشفنا بعد تسع ساعات من الشرح المتواصل ويشاور بإيده إنه مش فاهم.. وأنا أحلف له ميت يمين إنه غبي ومش بيفهم لغة كويس..وأقول له زي كتكوت: عليّ الطلاق يا حج كامل أنت اتخضيت!!!
اكتشفنا إن الزبون مش إنجليزى أصلا.. إيطالي بالصلا ع النبي.. طب ده أنا قعدت أكوَن في جملة الإنجليزي ساعة قبل ما أروح له وقعدت أظبَط زمن المضارع البسيط وحطيت (إسَ) على الفعل مع الغائب.. زي ما قال لنا الأستاذ عادل في إعدادي.. أفهمه ازاي بالإيطالي بقى؟؟
آخر ما زهقت سحبته من إيده الحمرا _اللى زي وشه عشان أجنبي_..ووقفته قدام الباب وحطيت الرقم القومي أو المفتاح في إيده.. واتعاملت معاه زي برنامج صباح الخير يا مصر وهما بيشرحوا الأخبار تحت للصم والبكم..
_ يا عم الحج.. احنا عايزين بليز تفتح زيس دوور.. بالصلا ع النبي.. أنت أندرستاند في يومك ده ولاّ مش أندرستاند؟؟؟


بص بفرحة ودخل الرقم القومي وسحبه فجأة والباب اتفتح..


بصيت له بفرحة وقعدت أقول له بابتسامة ازاي هو غبي ومش بيفهم.. وتعبني معاه بجد.. ويا ريت مايزورش مصر تاني وبلاش السياحة اللي من الناس الأغبيا دي!! وطبعا هو فرحان قوي وأنا بابتسم.. ويرد عليّا بالكلمة الوحيدة اللي هو عارفها: ثانك يو