[ALIGN=RIGHT]
كثير من الحضارات القديمة كانت تقدم افضل شبانها وفتياتها قرابين لآلهتها واصنامها. ونحن اليوم ننظر اليهم ونستغرب من طقوسهم الوثنية وهدرهم للحياة.
ولكن هل نختلف عنهم كثيرا ؟
ما زلنا نقدم اولادنا قرابين بشرية للطغيان والحرب وأطماع حفنة قليلة, وستأتي اجيال المستقبل وتستغرب من طقوسنا الدموية. لماذا لا نحل مشكلاتنا دون قرابين ودماء؟ لماذا لا نتخاطب ونتحاور؟ ليس مع البعيدين فقط, بل بين بعضنا,لماذا نغدر ببعضنا, ونسحق بعضنا, ولا يثق بعضنا ببعض, ولا نشعر إلا بالخوف تجاه بعضنا البعض؟
وهكذا بما اننا نسارع في تقديم اولادنا قرابين لحروب فيما بيننا, لا يتورع الآخرون عن تقديمنا قرابين أيضا لأطماعهم.
كانت تسألني قبل اسابيع صديقة كندية عن معنى عيد الاضحى, فقلت لها: انه ذكرى اليوم الذي كاد إبراهيم أ ن يضحي بابنه فأوقفه الله, وشرحت لها بأن عيد الأضحى هو عيد انتهاء القربان البشري. وها أنا اليوم بعد سنوات اعود وأفكر بالمعاني, ونحن نكاد نصم من طبول الحرب حولنا. وعندما اتذكر الآيات التي تسرد قصة إبراهيم وابنه يقشعر جسدي, لأنني صرت أشعر وكأن الله أرى إبراهيم الرؤيا في ذبح ابنه حتى يريه ما يفعله البشر بأبنائهم. وهكذا وضع ابراهيم السكين على رقبة ابنه. هذا ما تفعله أيها الإنسان بأولادك عندما يصير العنف والدمار والقوة آلة لك. ألم يقل الله إن إبراهيم كان أمة؟ هذا لأن إبراهيم رفع السكين عن رقبة ابنه وبدأ لحظة انتهاء القربان البشري وبدأ عهد أمة جديدة في تاريخ الإنسان. ونحن علينا أن ندخل في أمة إبراهيم ونرفع السكين عن رقاب أولادنا.
ما زلنا نقدم قرابين بشرية لأننا نعيش نظريات فات اوانها.لاننا نعيش في أفلاك رجال هائجين مائجين, لا يقدرون الحياة, ولا يعرفون قيمة السنين والجهود التي تذهب في تربية طفل واحد. رجال لا يعرفون قيمة التاريخ وكيف أن حضارة واحدة تأخذ آلاف السنين من تراكم جهود ملايين النساء والرجال ,بينما يمكن أن تحطم في ساعات قليلة بالنار والحديد. ما زلنا نضع حضاراتنا وتواريخنا وأولادنا تحت حد السكين.
يا رب أخرجنا من أمة القربان البشري , وأدخلنا في أمة إبراهيم الذي رفع السكين عن ولده. يارب أرنا طريق السلام, الصراط المستقيم, وقوي إيماننا بالحب, وانزع الغل والحقد والغدر والطغيان من قلوبنا, يا رب هب لنا القدرة على رؤية قداسة الحياة, والمعرفة, واجعلنا نقدر جهود الآباء والأمهات في السهر على أجساد غضة لم تخلق ليخترقها الرصاص والبارود. أجساد لم يخلقها الله للسحق والمحق.
اسفة إخوتي وأخواتي أطلت عليكم ولكن هذا ما يحدث الآن وربما ببعض الكلام تثلج الصدور.
ودمتم (F)
[/ALIGN]