"في حفظ الله يا أمي "
وهكذا أغلقت الباب خلف أمي
مودعةً إياها والبسمة الحزينة مرسومة على وجهي,
كانت آخر نظراتها تبكي حسرة على حالي الذي لم تعرف عنه شيئاً سوى كم كبير من البؤس والهم.
سافرت أمي لتتلقى العلاج في أحد مستشفيات الرياض بعد أن نال منها ذلك المرض الخبيث كثيراً ونهش في أمعاءها وتضخم على حساب دمها وصحتها وفرحها وأملها,
سافرت لتزيح عن كاهل جسدها النحيل مرضٌ لو تعلم مدى بساطته بجانب مصيبتي التي تنتظرها, لما تزحزحت عن مكانها إلى أن يقضي الله بها أمرا !
قررت أن أصارحها بعد عودتها فالفضيحة بدأت تكبر شيء فشيئاً !
ولن تغطيها الأثواب الواسعة والفضفاضة,
يأرب أمنحني القدرة في مواجهتها, كيف سأشرح لها غبني وظلمي ؟
كيف سأبدأ وأتجرأ في الحديث ؟ كيف أجعلها تصدقني بأنني غُصبت على فعلة لا ذنب لي فيها ؟
كيف يا أمي أخبركِ إن رجل المنزل وسيده وولي أمري وأمركِ.. قد خان منزلته وثقتنا ومكانه وأخوّتنا ؟
كيف تتقبلين تلك الحقيقة القاتلة التي تجعل أبنك وحلمك ونور عينيك.. في موضع الغادر والخائن ؟
كيف تتحملين أن يكون منبع الآمان والقوة لي ولكِ أصبح مرتع خصب للدناءة والخساسة ؟
كم من الوقت تحتاجين للصمود لكي تنصتي إلى أن أنتهي من حديثي ومصيبتي وصدمتي ؟
كيف سأشكوه واقتص منه وهو يحمل اسم أبي ودمي وأمسي وغدي..؟
كيف لي أن أستطيع أن أمحي تلك الليلة من ذاكرتي.. ؟
كيف تجرد أخي من خوفه من الله وكيف قسى وتمرد ونال مني مآربة رغم توسلي وبكائي ودموعي ؟
كيف أقول لكِ يا أمي أنه نام قرير العين وانأ أنشج في نحيب !؟

مسكينة يا أمي... كم ستُصدمي كثيراً ربما حد ... الموت الذي طالما قاومتيه وطردتيه بتلك الأدوية والمشافي ... آآه لو تعلمي يا أمي .. إن الموت قابع ينتظركِ في دارنا .

***
**
*
امتلأت ملفات التحقيقات بتلك القضايا السرية والحساسة ,
ولكن المعضلة الحقيقية تكمن خلف جدران المنازل التي يسودها الخوف والإبتزاز والإغتصاب المتكرر , والضحية .. فتاة خائفة.. تتعرض للإهانة الجسدية والنفسية والإنسانية .
قضية تحرش الاقارب وخصوصاً الأخ الذي يستغل منزلته ومكانته , اخذت بالتفشي والإنتشار ..
وللأسف .. ما زالت المرأة .. تدفع الثمن !
تحت وطأة الصمت والخوف والقوانين الوضعية للمجتمع الذي فرض سُلطة للرجل تفوق ما فرضه خالقه سبحانه .
لكم التحية .