قصيدة " النفس " لابن سينا
[align=center]ليس بين ما نظمه الاقدمون قصيدة جميلة مثل التي نظمها الفيلسوف ابن سينا في " النفس"
ففي هذه القصيدة النبيلة وضح الشيخ الرئيس أبعد ما يراود الانسان و أعمق ما يلازم خياله من الأماني التي تولدها المعرفة. و السؤالات التي يثمرها الرجاء و النظريات التي لا تصدر الا عن التفكير المستمر و التأملات الطويلة.
و ليس من الغرائب صدور هذه القصيدة عن وجدان ابن سينا و هونابغة زمانه..ولكن من الغرائب أن تكون مظهرا لرجل صرف عمره مستقصيا أسرار الاجسام و مزايا الهيولى ..فكأننا به قد بلغ خفيا الروح عن طريق المادة و أدرك مكونات المعقولات بواسطة المرئيات ..و جاءت قصيدته هذه برهانا نيرا على أن العلم هو حياة العقل يتدرج بصاحبه من الاختبارات العملية الى النظريات العقلية ..الى الشعور الروحي ..الى الله ..
لنستمتع بهذه القصيدة[/align]
[align=center]هبطت اليك من المحل الارفع*****و رقاء ذات تعزّز و تمنّع
محجوبه عن كل مقلة عارف***** و هي الّتي سفرت ولم تتبرقع
وصلت علي كره اليك و ربّما******كرهت فراقك و هي ذات تفجّع
انفت و ماسكنت فلّما واصلت******الفت مجاورة الخراب البلقع
فاظّنها نسيت عهوداً بالحمي ********و منازلاً بفراقها لم تقنع
حتيّ اذا اتّصلت بهاء هبوطها********عن ميم مركزها بذات الاجرع
علقّت بها ثاء الثقيل فاصبحت********بين المعالم و الطّلول الخضّع
تبكي اذا ذكرت عهوداً بالحمي ********بمدامع تهمي و لم تتقطّع
و تظّل ساجمه لي الّدمن التي********* درست بتكرار الرياح الاربع
اذعاقها الشرك الكثيف و صّدها******قفس عن الاوج الفسيح المربع
حتي اذا قرب المسير الي الحمي ******و دناالرحيل والي الفضا الاوسع
و غدت مفارقه لكّل مخلّف******** **عنها حليف الترب غير مشيّع
هجعت وقدكشف الغطاء فابصرت****** ماليس يدرك بالعيون الهّجع
و بدت تغّرد فوق دوح شاهق *********والعلم يرفع كل من لم يرفع
ان كان ارسلها الاله لحكمه**********طويت عن النّدب البيب الاروع
فهبوطها ان كان ضربه لازب **********لتكون سامعة لمالم تسمع
و تعود عالمة بكل خفيه **********في العالمين فخرقها لم يرقع
و هي الّتي قطع الزمان طريقها********حتي اذا غربت بغير المطلع
فكانها برق تالّق بالحمي**************ثم انطوي فكانّه لم يلمع
[/align]