إليك أيها الأديب الناقد ..
حقا أخذتنى بعيدا ، بتلك الرؤية التحليلية لماهية النص فــى كتاباتى .. وحقا سعدت بما خطته أناملك كثيرا ..
فقط وددت الإشارة إلى أن إختيار العنوان يتم حسب تسق ثلاث
- فإما أنه " صريح " ، ومنه يمكنك إدراك مغزى النص قبل حتى الشروع فى القراءة أو مع تهاية المقدمة أو لحظة التنوير.
- أو أنه " بعض الرمز " وهو العنوان الذى قد تستشف منه قدرا من إنفعالات الكاتب أو فلسفة النص ، وميزة هذا العنوان أنه يساعد على تهيئة مخيلة القارئ للعمل.
- أو أنه " سئ غير ذى قيمة " ، فتشعور بشئ من الإمتعاض من النص حتى لو كان النص جيد ، حيث أن العنوان قد يكون مناسبا للنص لكن وقعه على النفس يضر بالنص أكثر مما ينفع.
وللأسف أصبح كثرة من الأدباء لا يجيدون فن إختيار العنوان.
شكرا لك أخى الفاضل
ولك كل الأمنيات الطيبة
إليك ثامر .. وعذرا لتأخرى ...
أعيد نص ( أكلة ملوخية )
- أريد ملوخية خضراء على الغذاء
ألقى الأمر ببساطة وهو يخرج من باب الشقة ، فلم يسمع كلمة " حاضر " التى خرجت من بين شفتيها فى آلية .. دخان سجائره يعبق الجو .. أسرعت فى عجلة ترتب ما يمكن ترتيبه بالشقة التى بقيت فى نهاية الأمر مبعثرة ! .. دست فى يد كل طفل بضع قروش ثمنا للإفطار ، فلا متسع من وقت للقيام بذلك ! ، صرخت فى وجه صغيرتها :
- "العريس لا ينتظر خلف الباب " حين طلبت الصغيرة تصفيف شعرها
هرولت وراء الصغار أملا فى اللحاق بعملها .. سارعت الخطى إلى حجرة الفصل بعد أن سمعت سمفونية الصباح العنيفة التى يستقبلها بها الناظر كل يوم.
فى الحصص الثلاث الأولى لم تبرح فصول المدرسة ، لعنة الله على المدرسة وعلى الناظر وعلى التلاميذ ، وهل ينتظر السوق حتى الحادية عشرة ، وهؤلاء البلهاء الصغار الجالسون أمامها هل سيفيدهم عطلتها وضياع فرصتها ! ؟ وهل سينصلح حالهم حين تتهم كل يوم بأنها زوجة فاشلة ؟.
بين الحصة الثالثة والرابعة ، جرت إلى الناظر ترجوه أن يسمح لها بالخروج لتطمئن على أمها المريضة ( جدا ) .. نظر من تحت نظارته السميكة بدون إكتراث .. تفرس ملامحها ، رد بجفاء :
- بعد حصصك
خرجت تترجرج فى فستانها الأزرق البالى المجعد وتدعو عليه فى سرها.. لن ينتظر السوق !
الحصة الرابعة كانت مباراة فى الملاكمة حلبتها الفصل الدراسى.. متحدوها الصغار يتساقطون الواحد تلو الآخر أمامها فى تحد .. أخرجتها ذرات الغبار المنبعث من تساؤلاتها .. زمجرت :
- أخرجوا الواجب ..
بهت الصغار .. أنها أبدا لم تطلب مراجعة الواجب لأنها لا تكلفهم بواجبات .. هى مدرسة رائعة ، فماذا ألم بها اليوم !؟ .. ساد الصمت حلبة الفصل ..
- قوموا فزٌوا ..
وقفوا بتكاسل .. أزاحت المقعد عن جسدها المترهل .. إتجهت نحو باب الفصل ، بدا الخوف يشق طريقه إلى قلوب الصغار .. مدت يدها خلف الباب لتخرج خيزرانة فتية مرنة .. مد البائس الأول كفيه الصغيرتين .. ألبتهما لسعات الخيزرانة المتلاحقة .. حين جاوزت البائس السابع كان الإندماج قد حل بها .. ألقت عصاها بعصبية .. كورت قبضتها ومضت تدق الظهور والأكتاف ، لتختم كل مبارة بصفعة هائلة على الوجه.
تزاحم الصغار إلى الركن البعيد من الفصل .. تدافعوا للخلف .. كل منهم يحاول الإختباء خلف الآخر .. همهمات البكاء أعلنت عن وجودها .. تعدت الساعة الحادية عشرة ، فهل ستلحق بالسوق !؟ .. حدة جنونها لا تتوقف .. ماذا ستقول له ! ؟ .. إرتمت الصغيرة البائسة تحت قدميها من بطش اللكمات ، ركلتها صارخة:
- قومى فزٌى..
لم تفز الصغيرة .. عادة لركلها .. ساكنة هى دون حراك .. حملقت بدهشة ، إرتكزت على ركبتيها تتفحصها .. مدت يدها توقظها
- يا مصيبتى..
صوتها خافت ، حاولت كتمانه بكفها المرتعش
- يا مصيبتى..
حثيثا حثيثا يعلو صوتها .. فيعلو ، ليصير صراخا .. ساعدها كورال بكاء الأطفال الفزعين .. إمتلأت حجرة الفصل بجمع كثيف قد أتوا من كل صوب.
ماتت الصغيرة .. بسبب خيبة التلاميذ ..
( هكذا قالت المعلمة ) !
الأســـتـاذ الـدكــتـور / غـاري
ــــــــــــــــــــــــ
هـذا أول نـص إبـداعـي أقـرؤه لك !!
وعـلى عـكـس مـا يـقـال (( أن الـنـاقـد مـا هـو إلا مـبـدع فـيـ رؤيـة مـا لا يـقـدر عـلى إتـقـانـه ))
وجـدت أنـك تـثـبـت أن الـنـاقـد الـواعي .. هـو صـاحـب رؤيـة واعـيـة وبـصـيرة نـافـذة ..
يتـمـنى أن يـصـل الـجـمـيع إلى أفـق رؤاه
اسـتمـتـعـت بأحـداث الـقـصـة وبـنـائـهـا الـفـكـري الـمـتـمـاسـك
.. وتـأكـدت لدي رؤيـة خـاصـة لـمـثـل تلك الشـخـصـيـات التي يـقـذف بـهـا ( الـكـمـبـيـوتـر ) في طـريق أبـنـائـنـا
هـل كل مـن حـصـل عـلى شـهـادة .. كـفـؤ للـقـيـام بـمـهـمة الـتـدريـس ؟؟؟!!!
وهـل (( ماتت الصغيرة .. بسبب خيبة التلاميذ .. )) ؟؟؟؟!!!!
.. وإلى الأســـتـاذ الـبـقـالي أقـــول
هـل الـشـخـصـيـات الـغـائـبـة ( الـزوج ) مـشـارك في هـذا الـقـتـل ؟؟؟
حـيـث أنـك تـرى أن الـشـخـصـيـات الـغـائـبـة كانـت أكـثر فـعـلا مـن الـحـضــور !!!
أم أن الـنـظـام التربـوي (( بـكـمـبـيـوتـراتـه )) هـم الذيـن مـا زالـوا يـمـارسـون الـقـتـل الـجـمـاعـي لأجـيـالـنـا وثـمـرات أكـبـادنـا ؟؟؟؟!!!!!
الزوج لم يـكن ( شـهـريـار) الذي بأمـره أطـلـق ســيف مـسـرور في رقـاب الـعـبـاد
لـقـد طـلـب أبـسـط حـق مـن حـقـوقـه
أريـد مـلـوخـيـة خـضـراء عـلى الـغـذاء
هـل لـم يـعـد مـن حـق الـزوج أن يـتـجـاسـر عـلى مـثـل هـذا الـطـلـب ؟؟!!
وهـل كل مـن طـبـخـت لزوجـها مـلـوخـيـة .. كانت هـذه الطـبـخـة بـمـرقة الـصـغـار ؟؟؟
أم أن ( الـمـلـوخـيـة ) هي الرمـز الذي اســتـتر وراءه الكاتب لـيـقـول أن مـجـتمـعـاتـنـا .. وحـيـاتـنـا وحـقـوقـنـا .. أصـبـحـت مـثـل طبخـة مـلـوخـية .. لا تـسـتـطـيـع تـمـيـيـز أجـزائـهـا الـمـهـروسـة .. أو طـعـومـهـا الـمـتـداخـلـة ..التي طـغـى بـعـضـهـا عـلى بـعـض فأصـبحـت شـيـئـا مـهـترء مـعـجـونـا بـعـضـه في بـعـض ؟؟؟!!!
ومـن يـتجاسـر عـلى طـلـب أبـسط حـقـوقـه .. قـد يـكـون دون تـحـقيق ذلك له الـقـتـل ...!!
وضـيـاع أبـسـط حـقوق الـحـيـاة ( قـيـام الأم بـرعـايـتـهـا لابـنـتها .. فالعريس ليس منتظرا خلف الباب !!! )) ؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!
شــكــرا للدكـــتــــور غـاري
وشــكـــرا للأســـتاذ الـبـقــالي
لـقـد كان الـعـنـوان .. هـو الـمـدخـل الـطـبيعي إلى مـا تـحـمـلـه الـقـصـة مـن أفـكـار
للـجـمــيـع
خـالـص الـود
وكل الـتـقـديـر