--------- الوعد ---------
[align=center]النزيل الرابع[/align]
هو:-
"أعدك.....بأن حُبي سيدوم أبداً....كروح بلا جسد"
هي:
"وأعدك أن أُحافظ على حُبك أبداً"
ومرت الأيام....كقطار بُخاري قديم.....
الأرض تهتز من قوة صوتها.....
ودُخانها الكثيف....يبحث عن استقلاليته بين الغيوم...
بالفعل....كانت كالقطار البُخاري...
قوتها....في صوتها.....فقط !
لعلها تخفي بُطئها...بلباس القوة والكثافة...
مرت الأيام....وتقاذف الدُخان نزيلنا بعيداً عن حبيبته..
وبُطء القِطار....كان الأمل بالنسبة له.....فهو قادرٌ على اللحاق به......
لأنه....لن يبتعد عنه إذا ما حافظ على اللحاق !
إنها القصة القديمة.......قشةٌ وغريق !
[align=center]خارج قِطار الحُب[/align]
لم يكن يعلم أي قدرٍ قذفه خارج القِطار.......فمن يهوى بداخل ذلك القِطار...
"سألحقه..........
يا قِطاااااااااار !
أقسم أني سألحقك....
فطريقك واحد........وهدفي واحد....
فوقودك فحم أسود.....و وقودي قلبٌ يعشق "
هذا الفتى......عجيبٌ أمره...
إصراره...عظيم......واحتمالات وصوله مستحيلة...
ولكن باعث الأمل بالنسبة له.....أن القِطار لن يغيب عن عينيه لحظة واحدة....
وهذا ما اعتبره الفتى.......عدالة الفِراق !
ومن بعيد........
نشأت نُقطة سوداء من بين الأشجار.....
كانت تكبر وتستدير......وتتفرق عنها الأشجار.....
فما أن بدت ملامحها تتضح.......حتى فزع الفتى....
فلم يضع بحسبانه.......أن هُنالك نفقٌ أسود مُظلم......يلتهم دوماً قِطار الحُب !
صرخ الفتى.... غاضباً....
وسقط على الأرض...
ضرب الأرض بقبضة يده....
وفعلها ثانية.....وثالثة......حتى سقطت دمعةٌ على قبضته.....
فهدأت.....
وارتوت الأرض بتلك القطرة.... على تلك البقعة تحديداً....
قطرة عاشقٍ....ذَلَّ......كفيلة بأن تصنع منطقة مفقودة.....جديدة...لا خارطة لها !
منطقة تلتهم الضوء.......فيسود المكان.....سوادٌ لا نهاية له..
.
.
.
.
[align=center]داخل القِطار....[/align]
فتاةٌ بحلم الوعد .....
حالها..... كحال كُل فتاة...
لا تريد من الحُب إلا الوعد....
أمسكت بورقة الياسمين التي حرر عليها الفتى وعده....
وبدأت تلامسها براحة يدها.....حتى لا تُخدشَ عروق الورقة....
في تلك اللحظة......كان الوعد ينتشر في عروق ورقة الياسمين....
يتغلغل في روح الورقة.......ليحل محلها...
وفي نفس اللحظة التي نشأت تحت دمعة العاشق أرضاً مفقودةً
لفظت الورقة روح الحب.....!
فاهتزت الورقة .......وصرخ قطِار الحُب......فسقط الدُخان صريعاً على الأرض......
وتوقف القطار.......في مُنتصف النفق الأسود !
وأغمضت الفتاة عينها .
.
.
.
.
[align=center]عند آخر شجرة....[/align]
نهض شيخٌ كبير.....
واقترب من النفق الأسود.....
ليجد الفتى وقد بدأت تلتهمه هالة سوداء....
صاح بالفتى:-
أخرج منها يا ولدي......أخرج !!
الفتى:-
ومن يُعيد لي الوعد...
الشيخ:-
هو الوعد إذن.......
يا ولدي...
الوعد لا يعود إلا قاضياً.....
قاضي سعادةٍ.......أو تعاسة
نهض الفتى والهالة السوداء تكاد تصل إلى عُنقه
وقال:-
إذن سألحق بالقطار من الطرف الآخر...
أنظر هاهُنا طريق موازٍ للنفق
الشيخ:-
أيها اليائس..... الغارق في حُلمه...
أنت تعلم أن هذا النفق ثُقبٌ في النهاية......
لا طرفٌ آخر له !
أشاح الشيخ بوجهه...وقفل عائداً إلى ظل شجرته...
ثم توقف ...والتفت للفتى...وقد التهمته الهالة السوداء وبدأت تصغر وتصغر....حتى اختفت....
ثم تمتم :-
"لعنة الحُب.....الوعد....
إنها لعنة الحُب.... "
وأكمل مسيره...حتى وصل إلى ظل شجرته....
.
.
.
.
[align=center]أمام بابٍ ضخم......من النار [/align]
فتحت الفتاة عينها....
لتقف من مقعدها......الباقي الوحيد من القِطار !
كان كُل شيء مُظلم.....أسود.....
عدا ذلك الباب الهائل......الذي لا نهاية له...
تنبهت إلى أن قبضتها مضمومة.....
مدت يدها وبسطت كفها....
لتجد ورقة الياسمين....وقد فقدت قوامها وتحولت لذرات غُبار.....
بكت...
وصرخت ......." خااااااااائن"
عندها......لفظت الهالة الفتى....ليسقط خلف الفتاة....
اعتدل الفتى ونهض مُسرعاً لحبيبته...
الفتى:-
" لا تنطقيها....!
فأنا لم أفعل عندما تخليتي عن وعدي"
الفتاة:-
" ولِمَ لا أنطقها.....وقد تركتني في القِطار وحدي؟
فأنا لم أُخلف وعدك....إلا بعدما أخلفته أنت "
الفتى:-
"كفى.....!
فأنا لا أعلم ما حدث....
ولكني أُحبك"
الفتاة:-
" لا يكفي....
لم تعد الكلمة كافية...
كُل شيء سقط...
كُل شيء .......يهرب منك....."
الفتى:-
" أكل ما يهرب مني ....يلجأ إليك ؟"
الفتاة باكية:-
" نعم.....نعم.....يملؤني....ويتر كك فارغاً...
وكأنك طيف ذكرى"
الفتى:-
"تعالي إليَّ الآن إذن...
وارتمي بأحضاني...
سنزرع الياسمين سوية على أرضٍ لا تُظلم...
تعالي.....نصبغ الورود والأزهار برائحة الحُب...
تعالي نرسم خارطتنا....عروقاً على الزهر....
تعالي....فما زال للغدِ.....غد..."
الفتاة:-
" لا أستطيع....
ليتني أفعل.....
قبل مجيئك.....تحول غُبار الوعد لبذورٍ وهربت من يدي...
ليبتلعها ذلك الباب"
وأشارت بيدها إلى الباب الناري...
ثم أكملت....
الفتاة:-
"ليتنا نعود....ولكنه الوعد....!
الوعد الذي قطعته أنت.....بحُبٍ يدوم أبداً...
ووعدٍ قطعته أنا بأن أُحافظ على حُبك أبداً"
أطرق الفتى رأسه مُفكراً....حزيناً....
وسقطت الفتاة عند قدميه تبكي بحرارة...
هُنا.... وعند هذه اللحظة....
جمع الباب لهبه كُله.....ليتحول إلى جسدٍ ناري ضخم....
صاح بهما.....بصوتٍ مخيف ...
عميق للغاية....وكأنه يصل إلى القلب قبل الأذن...!
" أنا وعدٌ....أُخلِف
أنا بابٌ لا يدخله غيركما....
ولا ألتهم غيركما...."
ونزعت قبضة ضخمة....نفسها من جسد النار.....
لتمتد بقوة وسُرعة....
لتحتضن الفتاة والفتى....
وعادت القبضة إلى الباب....حاملةً الفتى والفتاة...وحُبٍ ملعون....
وأكمل الوعد قائلاً :-
{ مرحباً بكما في فُندق الجحيم}
وميض الانفلات
------------
ويلوح بالأفق نزيل ٌآخر
------------
تـ...حياتي...!